الوقت_ منذ بضعة أيام، يتم تداول اسم وزيرة المواصلات الإسرائيلية ميراف ميخائيلي في وسائل الإعلام العربيّة، وتطرح تساؤلات كثيرة حول سبب تقدمها بشكر علني للملك المغربيّ وبلاده، عقب حادثة الازدحام الشهيرة على جسر الملك حسين في الاغوار الاردنية في شهر تموز المنصرم، حيث يعتقد البعض أنّ هذا سؤال يتم تجاهله عمداً من قبل المراقبين والمتابعين سعياً لمنع إلقاء الضوء عليه أكثر، على الرغم من أنّه سؤال مهم ومفصليّ على هامش كل الجدل المُثار ابتداء من رحلة مطار رامون التابع للعدو الشهيرة، والتي أغضبت الاردن والسلطة الفلسطينية، مروراً بكل التفاصيل المزعجة والاشكالية المرتبطة بالفتح المفاجئ والفوريّ لملف الجسور والمعابر الأردنيّة، وما تبع ذلك من خطة تطوير وتحسين تلك المعابر ما اعتبر إجراءات في سياق المعركة الشرسة مع الإسرائيليين والتي تجري خلف الكواليس .
صعودٌ سياسيّ
حسب المعلومات المتداولة، فإنّ الوزيرة في حكومة العدو، ميراف ميخائيلي، هي يهوديّة ذات أصول مغربيّة تشرف على ملف النقل والمواصلات ولديها فيما يبدو اصدقاء نافذون بشدّة في العاصمة المغربية الرباط، يحاولون مساعدتها في الصعود السياسيّ، فيما تأمل هي أن تساعدهم في برمجيات التطبيع العربيّ مع الصهاينة، التي تتخذ مع المملكة المغربية مؤخراً نمطاً قريبا من النمط الاماراتيّ والبحرينيّ.
وفي الوقت الذي تؤكّد فيه تسريبات بأنّ الوزيرة الإسرائيليّة تعتمد بشكل كبير على علاقتها في المغرب، يستعين المطبعون خلف نفس الستائر والكواليس برموز ما يُطلق عليها إسرائيليّاً "اتفاقات إبراهيم" المتحمسين في الرباط بالوزيرة ميراف لهدفين الاول هو الصعود بنجوميتها اكثر في المرحلة اللاحقة، والثاني هو الاستثمار في اصلها المغربيّ ضمن مدرسة براغماتية أو عمليّة في الرباط تبالغ الان في الرهان على الابراهيميات او الاسرائيليات، وهذا لا يعدو كونه دعما من بعض الجهات الحكوميّة في المغرب لكيان الاحتلال اللقيط الذي بني منذ ولادته على مبدأ التطهير العرقيّ والتاريخيّ من خلال المجازر التي ارتكبتها عصابات الصهاينة ضد أصحاب الأرض ومقدساتهم إضافة إلى عمليات بناء المستوطنات على الأراضي الفلسطينية المحتلة كأدلة ثابتة وواضحة على ممارسات الصهيونيّة الاستعماريّة، في خيانة من حكومة المغرب لفلسطين ولأهم قضيّة عربيّة وإسلاميّة وتحرريّة.
في هذا الخصوص، يصف مصدر دبلوماسيّ غربيّ وفقاً لوسائل إعلام عربية، تلك الوزيرة الإسرائيلية بانها حيويّة وطموحة وكانت نجمة أساسيّة في استفزاز الاردن والسلطة الفلسطينية في ملف رامون الاسرائيليّ، خلافا لأنها فيما يبدو صاعدة بقوة في تحالفات اليمين الصهيونيّ وطامحة بدور إقليميّ على عدة جهات ابرزها الرافعة المغربية هذه الايام، ما يرفع احتماليّة التغول الصهيوني وصهينة ما تبقى من المكون اليهودي في المغرب بالتعاون مع المنظمة الصهيونية العالمية، لتحقيق حلم القادة الصهاينة في قضم أراضي الفلسطينيين وسحقهم تماماً مثلما حدث في بدايات تطبيق المشروع الصهيونيّ الذي أدى إلى عملية تطهير عرقيّ وتهجير قسريّ لأصحاب الأرض الفلسطينيين.
دورٌ محوريّ
ومن الجدير بالذكر أنّ الوزيرة الإسرائيليّة لعبت دوراً محوريّاً في انتاج حالة من الازدحام على الجسور والمعابر الاردنية في شهر تموز الماضي، واستنادا إلى بعض التقارير، فإنّها ناكفت الحكومة الاردنية وتقصدت التدخل لإنتاج ازدحام المعابر في عطلات الصيف، لأنّ عمان لا تمنحها المرونة اللازمة في فتح باب التواصل والعلاقات والاتصالات فيما تفتح لها الابواب بكفاءة في الإمارات، على الرغم من أنّها حاولت التأسيس لحالة جديدة تماماً قوامها إنتاج واقع قانونيّ بخصوص الطيران يفتح المجال بشكل تام أمام طائرات الكيان الصهيونيّ في الاجواء السعودية وهو أمر يبدو أن السلطات السعوديّة التي تهم بالتطبيع السريّ تنبهت له ايضا وحرمت الوزيرة ميخائيل من إكمال برنامجها في هذا الإطار، ولأسباب تبدو مجهولة حتى اللحظة.
كذلك، إنّ الوزيرة الصهيونيّة المعروفة بتشددها يمنيّا، هي التي ابتكرت برنامجا لتسهيل سفر الفلسطينيين عبر مطار رامون وتسيير رحلات بحافلات يشرف عليها المنسق العام لجيش العدو، ورعت افتتاح مكتب خاص يمنح التراخيص للركاب الفلسطينيين وبسرعة قياسية وهي التي شكرت العاهل المغربيّ على تدخله لوقف ازدحام الجسور، وكل ذلك يعود لأسباب انتخابيّة في المقام الاول ولأنها راغبة في البقاء في موقعها الوزاريّ بعد انتخابات نوفمبر المقبلة، كما يقول مراقبون.
إضافة إلى ذلك، توصف ميراف ميخائيلي من قبل دبلوماسيين غربيين بأنّها معجبة ومتمسكة بسيرة غولدا مائير، والتي تُعد أشهر رئيسة وزراء في تاريخ الكيان الصهيونيّ، وتوصف بانّها أخطر امرأة في تاريخ العدو بلا منازع، وواحدة من أكثر رموزه تطرفاً، ويلقبها الغربيون بـ ” أم إسرائيل الحديثة ”، هذه ” المرأة الرجل ” – كما يلقبها بعض المؤرخون- هي زعيمة حزب العمل الصهيونيّ، ورئيسة الحكومة الصهيونية في الفترة بين عاميّ 1969 و 1974.
وتعتبر الوزيرة في حكومة العدو الإسرائيليّ نفسها نسخة محتملة من غولدا مائير، وهي بلا شك طامحة لأن تصبح رئيسة لوزراء الكيان، ونجاحها في هذا الطموح تطلب معاقبة عمان ومناكفة رام الله وتشكيل لوبي اصدقاء لها الرباط وأبو ظبي ومحاولة اقناع السعودية بفتح اجوائها، وفي الخفاء سعيها الحثيث لتشبيك علاقات قوية مع كل من الإمارات والمغرب، خلافا لركوب موجة برنامج تحسين النقل والسفر الذي يقترحه الرئيس الامريكي جو بايدن .
نتيجة لكل ما ذُكر، تعتبر وزيرة المواصلات في حكومة العدو المتسبب الاكبر للمتاعب على الجسور والمعابر وفي مطار رامون والخصم الابرز للأردن والسلطة الفلسطينيّة، حيث تمارس الضغوط بقوّة بهدف تليين وتطبيع العلاقات معها شخصيّاً وهو ما تنبهت له في الأساس قيادة السلطة الفلسطينية عندما صدر عن الرئيس محمود عباس امر بعدم حضور اجتماع اقترحته حكومة المغرب مؤخرا لوزراء النقل في الأراضي الفلسطينيّة التي يسيطر عليها الكيان والمغرب والسلطة ومصر والاردن، تحت عنوان وضع خطة نقل اقليميّة تشمل الموانئ والسكك الحديدية في محيط فلسطين المحتلة.