الوقت_ في ظل الأوضاع المشحونة والمتوترة والتهديد المتكرر بحرب جديدة على الأراضي الفلسطينيّة قد تكون وشيكة نتيجة الإجرام الصهيونيّ واعتداءاته، ركّزت سلطات العدو الإسرائيليّ حملاتها القمعيّة على أسرى حركة "الجهاد الإسلاميّ" داخل السجون، وفرضت عليهم إجراءات انتقامية صارمة من اعتداءات وضرب وعزل انفرادي ومنع من الخروج، الأمر الذي أشعل الأوضاع بشكل كبير داخل السجون، وسط تهديدات من الحركة الأسيرة بتفجير الأوضاع بشكل كامل داخل المعتقلات، حيث تعيش السجون الإسرائيلية حالة من الغليان والتوتر المشحون، يهُدد وفقاً لمراقبين بإشعال انفجار كبير قد تمتد نيرانه للضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة المحاصر وحتى العاصمة الفلسطينيّة السليبة، بفعل ممارسات "إسرائيل" القمعيّة والتعسفيّة بحق الأسرى الفلسطينيين.
معركة سجون
نقل العدو الإسرائيليّ معركته الجديدة إلى السجون الإسرائيلية والاعتداء على الأسرى الفلسطينيين، فعقب أيام قليلة من مواجهة دامية وعنيفة في قطاع غزة، خلفت أكثر من 48 شهيدًا ومئات الجرحى ودمارا هائلا في البنية التحتية، لا ترغب تل أبيب على ما يبدو أن يستمر الهدوء كثيراً، حيث أغلقت إدارة سجن "نفحة" الإسرائيلي، غرف أسرى حركة الجهاد الإسلاميّ، ومنعتهم من الخروج لساحة "الفورة"، ووفقاً لهيئة شؤون الأسرى والمحررين، فإن الأسرى أمهلوا إدارة السجن ساعات لا أكثر في حال لم تتراجع عن تصعيدها وتعيد فتح الغرف، وإلا سيحدثون انفجاراً حقيقيّاً للأوضاع في السجن.
وفي الوقت الذي تتحدث فيه المعلومات أنّ هذا الإجراء تم قبل يوم في سجن النقب الصحراويّ، أوضح نادي الأسير أن المئات من الأسرى في كل السّجون، بدؤوا بالخروج من الأقسام والاعتصام في ساحات السجون، كجزء من خطوات التّمرد والعصيان على قوانين إدارة السّجون الإسرائيليّة ضمن الخطوات التصعيدية المعلنة مؤخرًا، فيما يعلم الجميع حجم المعاناة التي يعيشها الأسرى الفلسطينيون داخل سجون العدو بدءاً من ظروف الاعتقال وليس انتهاءً عند مسألة انعدام البيئة الصحية داخل الزنازين المكتظة بالأسرى، إضافة إلى الانتهاكات الجسيمة بحقهم وسلوك الاحتلال الساديّ وتعامله اللاإنسانيّ.
وبالاستناد إلى أنّ الكيان الصهيونيّ الغاصب يعتقل آلاف الفلسطينيين في سجونه، بينهم مئات المرضى والسيدات حسب الأرقام التي تنشرها وسائل الإعلام، ناهيك عن الأرقام الحقيقيّة التي تتكتم عليها إدارة سجون العدو، أعلنت لجنة الطوارئ العليا للأسرى، البدء في حل الهيئات التنظيمية لكل التنظيمات اعتبارًا من يوم الأحد، الأمر الذي يفرض على إدارة السّجون مواجهة الأسرى كأفراد، داعيّة أبناء الشعب الفلسطيني لتكثيف الفعاليات المناصرة لهم، استنادًا إلى ما دعت له في البيان رقم (2) الصادر عنها، عبر تخصيص خطب الجمعة للحديث عن أسرى الحرية، والخروج إلى نقاط التماس مع المحتل في كل محافظات فلسطين، وكان أسرى حركة "فتح" أعلنوا مؤخراً في بيان رسميّ أن كل هيئاتهم التنظيمية تعتبر غير قائمة مع صبيحة يوم الأحد.
وقد أكّد نادي الأسير الفلسطيني أن حالة من التوتر الشديد تسود أقسام الأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيليّ، بعد إقدام إدارة السجون على فرض عزل مضاعف على الأسرى، وسحب الكهربائيات من عدة أقسام في عدة سجون، كما استدعت إدارة السجون قوات إضافية، بعد أن قررت لجنة الطوارئ الوطنية العليا للحركة الأسيرة في سجون الاحتلال، خوض حراك جديد بدءًا من مطلع الأسبوع الجاري، عبر خطوات تكتيكية، تنتهي خلال مدة أقصاها أسبوعين بإضراب مفتوح عن الطعام، تشارك فيه كل فصائل العمل الوطنيّ في سجون العدو.
تحذيرات فلسطينيّة
لا يخفى على أحد أنّ العدو الصهيونيّ يمارس سياسة "القتل البطيء" مع الأسرى ويماطل بشكل سافر في حلحلة تلك القضيّة، وبغض النظر عن جرائمه التي لا تُحصى بحق الأسراى الفلسطينيين إلا أنّ الأشهر والسنوات الماضية بالتحديد كشفت اللثام عن جبروت العصابات الصهيونيّة على المستوى الدوليّ، وفي كل مرة كان المسؤولون الإسرائيليون يعتبرون التهرب الإسرائيليّ من السير خطوة نحو الأمام في "ملف الأسرى" بمثابة ”فرصة ضائعة”، نتيجة تعنت الحكومة الإسرائيليّة وعدم رغبتها في الاتفاق لحل هذا الملف الشائك، بما يعني أن الصهاينة لا يرغبون بحصول صفقة لتبادل الأسرى باعتبارها ستؤدي إلى حل في باقي الملفات، ولهذا قررت حكومات العدو العنصري تجميد ملف الأسرى كي لا تدفع ثمن تنازلاتها أمام فصائل المقاومة التي تعتبر هذا الأمر "خطاً أحمر".
وعلى هذا الأساس، حذر مسؤولون فلسطينيون من خطورة الإجراءات التي تتخذها سلطات العدو الإسرائيليّ ضد الأسرى الفلسطينيين في السجون، داعين إلى تدخل دوليّ عاجل لحماية الأسرى، فالمطلوب حسب أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، عضو اللجنة المركزية لحركة فتح حسين الشيخ، هو أوسع جبهة مساندة رسمية وشعبية مع الأسرى الفلسطينيين الذين يتعرضون للقمع والتنكيل، رغم كل التفاهمات التي تمت قبل شهر رمضان الماضي بين الحكومة الإسرائيلية والسلطة الفلسطينيّة في هذا الإطار.
وبالتزامن مع التوتر المتصاعد الذي تعيشه سجون الاحتلال، توجد مؤشرات تدلل على وجود نوايا لإدارة سجون الاحتلال واستخباراتها، بتنفيذ اقتحامات وهجمات على أقسام الأسرى في العديد من السجون، حيث أكّد رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين قدري أبو بكر، وجود تحركات غير عادية تتمثل بتواجد لوحدات القمع بأعداد كثيفة على مداخل العديد من السجون، وتحركات مكثفة لإدارة السجون واستخباراتها بين الأقسام، واستعانة غير مسبوقة بالكلاب البوليسية من حيث عددها ووجودها الدائم بالقرب من مداخل الأقسام، مُحذراً من أي استهداف قد يتعرض له الأسرى، وطالب اللجنة الدوليّة للصليب الأحمر ومؤسسات المجتمع الدولي الحقوقية والإنسانية كافة، بالتواجد الفوري في السجون والمعتقلات، لمنع أي حماقة قد تقدم عليها سلطات العدو خلال الساعات المقبلة، وألا يترك الأسرى وحدهم أمام هذا الحقد وهذه "العنصرية المتصهينة"، حسب وصفه.
ومع الفشل الذريع الذي أظهره الوسيط المصريّ في هذه القضيّة وغيرها على الساحة الفلسطينيّة، تحدثت وسائل إعلام عربيّة أنّ فصائل المقاومة أرسلت رسائل احتجاج جديدة للقاهرة، في ظل ممارسات الاحتلال العدوانيّة في المسجد الأقصى والاعتداء على الأسرى، وخلال الأيام الفائتة جرى استعراض خطورة الإجراءات الإسرائيلية بوصْفها جزءاً من سعْي الصهاينة لتوتير الأوضاع في الساحات الفلسطينية كافّة، وسُبل إنهاء ذلك الوضع، وخاصة مع استمرار الاقتحامات في الأقصى المبارك ودخول إسرائيليات إلى الأماكن المقدّسة والتقاط صور فاضحة لهنّ هناك، وهو الأمر الذي أثار حالة سْخط واسعة لدى الشارع الفلسطينيّ، مُطالبين بالتصدّي لانتهاكات العدو ومستوطِنيه المتصاعدة.
في النهاية، إنّ إجرام تل أبيب وخداعها في تعهداتها ووضعها العقبات تلو الأخرى يجعل الساحة الفلسطينيّة عنواناً عريضاً على نشرات الأخبار، حيث تعمد "إسرائيل" لإحداث "فتنة لصالحها فقط" بين الجهاد وحماس، والآن حان الوقت لأن تكون "حماس" أكثر إلى جانب الجهاد الإسلامي من أجل إحباط هذه المؤامرة الإسرائيلية التي تهدف إلى شق الصف الفلسطينيّ، وألا تتركها بمواجهة الغطرسة الإسرائيليّة بمفردها وهذه سياسة خطيرة يجب التنبه إليها، وبما يخص الأسرى الذين يُفرض عليهم إجراءات تضييق لا حد لها ويبلغ عددهم نحو 4550، حسب بيانات رسمية فلسطينية، وبهذا لن يشعلوا الفوضى ضمن السجون فقط، بل على كامل التراب الفلسطينيّ.
