الوقت- يبدو أن الإمارات قد استيقظت أخيراً على واقع مغاير لما كانت تأمله من التطبيع مع كيان الاحتلال.. صحيفة "إسرائيل اليوم" العبرية اعترفت بهذا الأمر واعتبرت أن علاقات تل أبيب وأبو ظبي اليوم تبدو مثل زوجين اكتشفا بعد عامين الفجوة بينهما.
وأضافت الصحيفة إن قادة كيان الاحتلال توقعوا تدفق الأموال من الإمارات إلى كيانهم ولكن بعد عامين من التطبيع استيقظ كيان الاحتلال على واقع أن هذه الأموال لم تأتِ من أبو ظبي ودبي إلى تل أبيب وما أتى هو مليار دولار فقط ولم يأتِ على هيئة تكنولوجيا أو مواد يمكن إعادة إنتاجها بل كانت عبارة عن تجارة ألماس حتى تتم معالجته في كيان الاحتلال.
وعلى عكس ما كان يأمل الاحتلال فإن ستين بالمئة من التجارة المتبادلة هي أموال خارجة من تل أبيب إلى أبو ظبي وليس العكس، ورغم توقيع اتفاقية التجارة الحرة بينهما قبل بضعة أشهر، لكن نتائجها ما زالت مجهولة وذلك بسبب أن لدى الإمارات بعض القواعد الأساسية لممارسة الأعمال التجارية لا تناسب الصهاينة ولا تجعلهم أحراراً في التصرف كما يحلو لهم لأنهم ملزمون بالاعتماد على إيجاد شريك إماراتي.
التطبيع الإسرائيلي الإماراتي هو مثل العلاقة غير الشرعية بين شريكين، نهايتها محتومة وهي الفشل لأن كيان الاحتلال لم يقدم اي شيء مما طلبته الإمارات قبل التطبيع مثل وقف الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، إضافة الى تكنولوجيا المعلومات التي طلبتها الإمارات من كيان الاحتلال، ثم ملف طائرات إف 35 التي أرادتها الإمارات من الولايات المتحدة مقابل التطبيع مع كيان الاحتلال، الذي وقفت تل أبيب ضد أن تتم هذه الصفقة ما شكل صفعة للإماراتيين الذين اعتبروا أنفسهم مثل الزوجة المخدوعة في هذه العلاقة، أما تل أبيب فقد توقعت أن يؤدي هذه التطبيع إلى تنشيط الوضع الاقتصادي في كيان الاحتلال وأن يتحول ميناء حيفا إلى قوة اقتصادية بعد ربطه بميناء جبل علي في دبي، ولكن الصدمة كانت عندما وقفت دول محور المقاومة في وجه هذا الربط، إضافة إلى أن الإمارات لم تثق بكيان الاحتلال ورجال أعماله الذين لم يقدموا أي مشاريع حقيقية لها، بل على العكس اعتبروا أن الإمارات هي أرض خصبة لغسيل الأموال وتهريب المخدرات، فكثيرة هي حالات القبض على شبكات التهريب الإسرائيلية في المطارات الإماراتية، حيث عمل تجار كيان الاحتلال على جعل الإمارات محطة من محطات التهريب.
يبدو أن قادة الإمارات قد وعوا أخيراً أن كيان الاحتلال لا يعطي الدول التي يطبع معها ما يفيدها، فها هي مصر التي طبعت منذ السبعينيات قد نهبها كيان الاحتلال عن طريق سرقة الغاز المصري بأبخس الاثمان ثم يقوم ببيعه بأسعار كبيرة إلى مصر بعد تكريره وفي التسعينيات قام ببيع مصر أسمدة فاسدة أدت إلى تضرر الأراضي الزراعية المصرية ما أسفر عن كارثة حقيقية في البلاد، وفي عام 2011 دعمت أثيوبيا ببناء سد النهضة الذي أدى لكارثة مياه في مصر، ولم يشفع تطبيع القاهرة مع تل أبيب بمنع كيان الاحتلال من دعم هذا المشروع، أما الأردن التي طبعت مع كيان الاحتلال في التسعينيات، فلم تستفد عمّان من هذا التطبيع أي شيء بل على العكس نهبت إسرائيل مياه الشرب الأردنية إضافة إلى عمليات تهريب المخدرات التي تغزو الأراضي الأردنية من قبل كيان الاحتلال، أما السلطة الفلسطينية التي وقعت اتفاق أوسلو في التسعينيات أيضاً ماذا استفادت؟ لم يقدم لها كيان الاحتلال أي شيء مما وعدها به بل على العكس قضم الأراضي الفلسطينية بالاستيطان واعتقل الفلسطينيين وشردهم وانتهك حرمة المسجد الأقصى.
التطبيع بين الإمارات وإسرائيل محكوم عليه بالفشل منذ اليوم الأول الذي تم فيه، لأنه جاء بالإجبار بعد أن فرض الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب على حكام الإمارات القيام بهذه الخطوة، ثم تنصلت أميركا من تعهداتها للإمارات، أما إسرائيل فأرادت من هذا التطبيع أن تحصل على ما يشبه الشرعية في العالم العربي، لكنها فشلت في ذلك أيضاً حيث فهمت أن أي اتفاق دون الفلسطينيين لن ينجح، وبالتالي فشل التطبيع الإماراتي الإسرائيلي قد يكون بمثابة الدرس للدول العربية التي تريد القيام بمثل هذه الخطوة لتعلم أن أي تطبيع مع الإسرائيليين محكوم عليه بالفشل، لعدة أسباب أبرزها أن كيان الاحتلال يتنصل دائماً من تعهداته ويستخدم التطبيع لتنفيذ أجنداته الخاصة دون الاهتمام بالدول المطبع معها.