الوقت - انتقد نائب رئيس المجلس السيادي السوداني محمد حمدان دقلو الانقلاب العسكري الذي نفذه قائد الجيش عبدالفتاح البرهان العام الماضي، قائلا إنه فشل في إحداث التغيير.
وقال دقلو المعروف بـ"حميدتي" خلال مقابلة مع قناة بي بي سي عربي تم بثها الاثنين "للأسف الشديد، نحن لم ننجح في التغيير، لأسباب لن أتحدث عنها الآن".
وعلق دقلو، قائد قوات الدعم السريع شبه العسكرية "فشلت الحكاية. والآن أصبحنا (السودان) أسوأ".
وقال حميدتي خلال مقابلة الاثنين إنه إذا كان "خروج القوات النظامية من المشهد السياسي سيتسبب في نهضة السودان، فنحن صادقون بالتأكيد".
وعن احتمالية ترشحه لمنصب الرئيس قال دقلو إنه "لن ندخل في موضوع الترشح هذا، لكن إذا رأينا السودان ينهار سنكون حاضرين، ونحن جزء من الشعب السوداني وما ينطبق على الآخرين ينطبق علينا".
وأردف حميدتي "ليس لدي طموح سياسي، لكن الواقع فرض علي أن أكون موجودا، وهذه حقيقة يجب أن أقولها. وإذا أتى أناس وملؤوا هذا الفراغ، وهم على قدر المسؤولية، بالتأكيد سنساعدهم لكي لا ينهار بلدنا".
ويعاني السودان، أحد أفقر دول العالم العربي والغارق في أزماته السياسية والاقتصادية منذ سقوط الرئيس السابق عمر البشير في عام 2019، من اضطرابات مستمرة منذ الانقلاب العسكري الذي جرى في 25 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، عندما أطاح البرهان من حكم الفترة الانتقالية. ودفع ذلك السودانيين إلى الخروج للتظاهر بانتظام منذ ذلك الحين، للمطالبة بانهاء الحكم العسكري.
وتسببت الأزمة الاقتصادية المتفاقمة والفوضى الأمنية في تصاعد الاشتباكات العرقية في المناطق البعيدة عن العاصمة.
ولطالما أصر البرهان على وصف ما حدث بـ"تصحيح" مسار الفترة الانتقالية وأنه لم يكن انقلاباً عسكرياً، إلا أنه أعلن في الرابع من يوليو (تموز) الماضي، "عدم مشاركة المؤسسة العسكرية" في الحوار الوطني الذي دعت إليه الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي "لإفساح المجال للقوى السياسية والثورية... وتشكيل حكومة من الكفاءات الوطنية المستقلة".
كذلك شمل إعلان البرهان أنه "سيتم حل مجلس السيادة وتشكيل مجلس أعلى للقوات المسلحة، من القوات المسلحة والدعم السريع لتولي القيادة العليا للقوات النظامية وليكون مسؤولاً عن مهام الأمن والدفاع"، بعد تشكيل الحكومة المدنية. إلا أن إعلان البرهان قوبل برفض المتظاهرين وقوى المعارضة. ووصفت "قوى الحرية والتغيير" الإعلان بأنه "مناورة مكشوفة".
وكان حميدتي قد أحدث مؤخرا حالة من الصدمة، داخل السودان وخارجه، حين قال في بيان له الجمعة 22 تموز/ يوليو، متحدثا عن مجلس السيادة: "قررنا سويا إتاحة الفرصة لقوى الثورة، والقوى السياسية الوطنية، بأن يتحاوروا ويتوافقوا، دون تدخل منا في المؤسسة العسكرية".
وكانت ردود الفعل قد تباينت كثيرا في الأوساط السياسية السودانية، تجاه ما أعلنه حميدتي، بشأن الانسحاب من المشهد السياسي، فقد رحبت " الجبهة الثورية" المكونة من حركات مسلحة من جانبها، بما قاله حميدتي، معتبرة أنه يمكن البناء عليه، للخروج من الأزمة السياسية التي تعيشها البلاد.
وأشادت "قوى الحرية والتغيير ـ المجلس المركزي"بإعلان نائب حميدتي، ترك أمر الحكم للمدنيين، وتفرغ القوات النظامية لأداء مهامها الوطنية، وقالت في بيان لمكتبها التنفيذي، إن بيان "حميدتي" قد "حوى إقراراً إيجابياً ببعض مطالب الحركة الجماهيرية، أهمها ضرورة تسليم السلطة كاملة للمدنيين، وخروج المؤسسة العسكرية كلياً من السياسة وتفرغها لمهامها الدستورية".
أما تجمع المهنيين السودانيين، وهو الفصيل الذي يقود الحراك المناهض للحكم العسكري في الشارع، فقد وصف ماجاء في الخطاب الأخير، لنائب رئيس مجلس السيادة محمد حمدان دقلو "حميدتي"، بأنه محاولة لمغازلة القوى الثورية، وأكاذيب لن تنطلي عليها، مؤكدا على استمرار حراكه على مستوى الشارع، لإنهاء " الانقلاب" في السودان.
يذكر أن حميدتي متواجد منذ يونيو/حزيران الماضي في إقليم دارفور بزعم إجراء مصالحات بين المجموعات الأهلية هناك، غير أن تقارير تشير إلى أنه ذهب إلى دارفور غاضبا بسبب خلافات عميقة مع قادة الجيش.
وقد أكد في تصريحات سابقة أنه سيبقى في دارفور 3 أشهر قبل أن يعود للخرطوم، وهو ما أثار الكثير من علامات الاستفهام حول نوايا الرجل.
وقال عضو مجلس السيادة السابق البروفيسر صديق تاور إن تصريحات نائب رئيس مجلس السيادة محمد حمدان دقلوا (حميدتي) إقرار صريح بالإنقلاب وفشله وعجزة في إدارة كل الملفات أولاها احتياجات المواطن.
وأشار تاور الى أن حديثه فند خطاب الانقلاب بشأن تصحيح مسار الثورة واستكمال هياكل السلطة الانتقالية خلال عشرة أيام، ولفت إلى أن البلاد لم تشهد سوى عودة فلول النظام البائد للمؤسسات.
ونوه إلى أن جميع المؤشرات كانت تؤكد بأن الانقلاب فاشل منذ يومه الأول، وذكر أن كل انجازات الانقلاب كانت تتمثل في عودة القمع والقهر والاستبداد.
وأوضح أن المواكب والمليونيات أكدت على إصرار الشعب بالمضى قدما نحو تحقيق أهداف ثورته واستئناف مسار التحول الديمقراطي، ورأى أن السلطة الانقلابية قد ارتضت لنفسها أن تقف عائقا لعدم تحقيق رغبات الشعب.