الوقت- طريق جديد نحو الهجرة والهرب من فقر العيش والمستقبل الغامض والواقع المزري يستدل عليه السودانيون.. صحيفة لوموند الفرنسية قالت في تقرير لها أن السودانيين وجدوا في المغرب ضالتهم في الوصول الى القارة الأوروبية، بدلاً من الإعتماد على ليبيا بعد أن واجه الباحثون عن الهجرة العنف والموت والاضطهاد والسرقة.
وأحصت مفوضية الأمم المتحدة للاجئين 1350 طالب لجوء ولاجئاً سودانياً في المغرب اعتباراً من الشهر الماضي، وهو ارتفاع كبير مقارنة 140 طلب لجوء المسجلة العام الماضي. ويقول تقرير الصحيفة الفرنسية إن بوصلة المهاجرين السودانيين تحولت نحو المغرب بداية من العام الماضي، وأنه في السابق كان عددهم هامشياً ولا يكاد يذكر وخصوصاً في ظل التشديد المغربي على الحدود.
المهاجرون السودانيون يأتون إلى المغرب بطرق غير شرعية وعبر الجبال في الحدود الجزائرية-المغربية، ودائماً ما تقبض السلطات المغربية عليهم وتعيدهم إلى الجزائر أو تزج بهم في السجون بتهمة تجارة المخدرات، ويأتون إلى المغرب بهدف الذهاب سباحة أو عبر قوارب مطاطية إلى القارة الأوروبية التي تفصلها عن المغرب مسافة بسيطة جداً، ويستهدفون بشكل خاصة جزيرتي سبتة ومليلية، المغربيتين والمحتلتين من قبل إسبانيا، وبالتالي يصبحون في الأراضي الإسبانية، ولكن حتى يصلوا إلى هناك يتعرضون لمخاطر كبيرة قد تصل بهم إلى الموت، أبرزها إطلاق الشرطة الإسبانية للنار عليهم وهم في الطريق، وبعد أن يصلوا يبقون لفترة طويلة في الشوارع دون أي ملاذ آمن أو يتم الزج بهم في السجون بتهم مختلفة أبرزها الهجرة غير الشرعية أو تلفيق تهمة تجارة المخدرات إضافة إلى ممارسة العنف والإضطهاد معه.
السؤال الذي يطرح نفسه لماذا يهاجر السودانيون؟ السودان هي من أغنى الدول العربية وهذه الحقيقة لا يمكن إنكارها، فالبلاد تمتلك ثروة حيوانية كبيرة جداً وعلى سبيل المثال لا الحصر تمتلك نحو 40 مليون بقرة لو تم استغلالها جيداً لنافست الدنمارك أكبر دولة في تصدير الأجبان والألبان في العالم، مع العلم أن الدنمارك تمتلك 400 ألف بقرة فقط، والسودان تمتلك أراضي زراعية واسعة جداً وتُربتها من أكثر الترب الخصابة للزرع، وذلك إلى جانب الذهب حيث تعتبر من أكبر بلدان العالم تصديراً للذهب وإنتاجه لأنه يوجد بجبالها بكثرة، ولكن تسلّط على حكم السودان طبقة فاسدة عملت على تجويع الشعب وخنقه وفي عام 2019 سقطت هذه الطبقة واعتقد السودانيون أنهم نجوا وسيذهبون نحو الحرية والأعمار والإستقرار، ولكن أتت طبقة أكثر فساداً من التي سقطت، وعملت على افقار الشعب واضطهاده وذهبت نحو التطبيع مع كيان الاحتلال الإسرائيلي، ففقد أبناء الشعب السوداني ثقتهم ببلدهم واختاروا طريق اللجوء والهروب من هذا الواقع المؤلم.
السنوات الاخيرة شهدت موجات من الهجرة من الدول العربية والإسلامية إلى القارة الأوروبية وكثير من المهاجرين كانوا يبحثون عن الأمان والعيش الهادئ وقليلاً من الرفاهية وهي الأمور فقدوها في بلادهم، سواء بسبب الحرب أو الفقر أو الفساد في هذه البلدان، والمهاجرون يعتقدون أنهم بمجرد أن يصلوا إلى تلك الدول سيكونوا بخير لكنهم لا يعلموا أن من يحكم تلك الدول هم نفسهم الذين أوصلوا بلدانهم إلى ما هي عليه الآن، مثلاً اللاجئين السوريين هاجروا إلى ألمانيا والسويد وفرنسا وبريطانيا وغيرها من الدول الأوروبية ولكن إذا نظرنا بواقعية من الذين حاربوا وسوريا ودمروها وأوجدوا جماعة داعش الوهابية والنصرة وغيرها، أليست هي نفسها هذه الدول؟ ألم يخرج الإرهابيون الأجانب من أراضيها وتحت أعين مخابراتهم ووصلوا إلى سوريا وعاثوا فيها فساداً؟ العراق أيضاً مثله مثل سوريا أليست أوروبا هي من أرسلت إرهابيها إلى أراضيها ونهبت ثرواته وقتلت شعبه، ثم ماذا؟ يلجأ هذا الشعب إلى من قتله ونهب أرضه. الليبيون قبل عام 2011 لم نكن نسمع بإسم لاجئ ليبي، ولكن بعد هذه السنة ماذا حدث؟ بعد أن قصفت الطائرات الفرنسية والبريطانية والأميركية بلادهم ودمرتها ماذا حدث؟ تحولوا للاجئين يعيشون ثرواتهم منهوبة ويعيشون على فتات الغرب.
الدول الأوروبية هي من يستفيد من اللاجئين وليس العكس، لأنها تعتبرهم يد عاملة رخيصة الثمن فيعملون أكثر من الأوروبي ويحصلون على ربع ما يحصل عليه، ثم إنهم لا يكلفون الدول الأوروبية شيئا سواء من حيث التعليم أو الطبابة أو غيرها لأنهم دائماً مواطنون درجة ثانية، وفي نهاية المطاف تستطيع الدول الأوروبية أن ترحلهم متى ما انتهت صلاحيتهم عندها.