الوقت_ بليلة وضحاها، لم يعد توصيف السعودية أو مملكة آل سعود موجوداً ضمن التحرير الإعلاميّ في القنوات التلفزيونية الفلسطينية، وذلك مع اقتراب زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى المنطقة، والحديث عن اقتراب إعلان تطبيع السعوديّة بشكل علنيّ مع "إسرائيل" بالاستناد إلى معطيات كثيرة، وتأكيد مصادر إعلاميّة قبل مدّة أنّ أحد المكاتب الكبيرة للترويج للتطبيع بين الرياض وتل أبيب يتم توجيهه من قبل المستشار السابق في الديوان الملكي السعودي سعود القحطاني، وبأوامر من ولي العهد محمد بن سلمان، ناهيك عن تأكيد مملكة آل سعود ممثلة بنظامها الحاكم وبالأخص ولي عهدها الذي يلقبه السعوديون بـ "الانقلابيّ"، حجم خيانتها ومدى عمالتها ضد فلسطين والوطن العربيّ والإسلاميّ، حيث إنّ الأيام الأخيرة شهدت استخدام الإعلام الفلسطينيّ عبارة "أرض الحجاز" بدلاً من عبارة "المملكة العربية السعودية" في خطوة مقصودة فهمت على أنّها رد على العمالة السعوديّة.
في ظل المساعي الحثيثة من ولي العهد السعوديّ إلى تكثيف التعاون مع الكيان الصهيونيّ الغاصب، الشيء الذي يخفض أكثر فأكثر أسهم المملكة التي يسيطر عليها الأمراء والتي وصلت إلى الدرك الأسفل في الشارع العربيّ والإسلاميّ وحتى على المستوى العالميّ، أعادنا الإعلام الفلسطينيّ إلى تسمية "أرض الحجاز" وهي منطقة تقع في الغرب من السعودية وتمت تسميتها بالحجاز لكونها المنطقة التي تفصل بين نجد وتهامة، ويحدها البحر الأحمر من الغرب والأردن من الشمال ونجد من الشرق ومن الجنوب تحدها منطقة عسير، وتحتوي على الكثير من المدن وأكبر مدنها مدينة جدة وتعد ثاني أكبر مدن المملكة، كما تعد موطناً لأكثر المواقع المقدسة الإسلامية وهي مكة المكرمة والمدينة المنورة، وتعد دولة الحجاز من أكثر المناطق أهمية في مسيرة تاريخ الديانة الإسلامية والتاريخ السياسيّ والتطور العربيّ.
وفي وقت نفسه فخلال إقامة مناسك الحج ويوم عرفة، استخدمت القنوات التلفزيونية الفلسطينية عبارة "أرض الحجاز" بدلاً من عبارة "المملكة العربية السعودية" في خطوة اعتبرت أنّها ذات مغزى عميق، بمعنى آخر احتجاجًا على خطة البيت الأبيض القيام بأول رحلة مباشرة من يافا (تل أبيب) إلى جدة خلال زيارة جو بايدن للأراضي المحتلة هذا الأسبوع، وقد وصفت "إسرائيل هيوم" الإجراء الأخير لوسائل الإعلام الفلسطينية بأنه رد فعل على انتهاك الرياض للسيادة الفلسطينية بموافقتها على الطيران المباشر لبايدن من الأراضي المحتلة إلى أراضي السعودية وتكثيف التكهنات حول إحراز تقدم كبير في المفاوضات مع الإسرائيليين، ولقاء قائد البيت الأبيض بالسلطات السعودية لدفع عملية تطبيع العلاقات بين الرياض وتل أبيب.
وفي ظل الاستهجان الواسع الذي أثاره ملف التطبيع السعوديّ – الإسرائيليّ والتحليلات الكثيرة التي تتعلق بالموضوع، يزور الرئيس الأمريكيّ المنطقة الثلاثاء القادم، وبعدها سيزور السعودية في زيارة تستغرق يومين، وسيجتمع في جدة مع قادة الدول الخليجيّة وعدد من القادة العرب الآخرين، ومن بين القضايا التي سيتم طرحها التطبيع ودفع فكرة ما يسمى “التحالف الدفاعي الإقليميّ” من الصواريخ والقذائف بمشاركة تل أبيب، وتبين المعلومات أنّ هناك موضوعاً واحدا تم الاتفاق عليه وسيتم الإعلان عنه رسميا خلال الزيارة، وهو نقل السيادة على جزيرتي تيران وصنافير من مصر إلى السعودية، مقابل سماح السعودية للطائرات التابعة للعدو بالمرور عبر مجالها الجويّ.
وبناء على ذلك، يجب أنّ تسمح السلطات السعودية للطائرات التابعة للعدو المرور من مجالها الجويّ من جهة الشرق، وكانت سمحت للطائرات الإسرائيلية بالمرور عبر مجالها خلال توجهها الى الإمارات أو البحرين، وذلك كدعم غير مباشر لاتفاقيات الخيانة فالسماح الجديد سيقصّر فترة الرحلات من الأراضي الفلسطينيّة السليبة تجاه دول الشرق الأقصى، كما حاولت تل أبيب إقناع الرياض بالسماح برحلات مباشرة للحجاج المسلمين من الأراضي المحتلة إلى مكة ولكنها لم تنجح حتى اللحظة.
ويأتي احتجاج الفلسطينيين على تكثيف عملية تطبيع العلاقات بين الرياض وتل أبيب في وقت عهد فيه الملك سلمان بن عبد العزيز بإلقاء الخطبة والصلاة يوم عرفة في مسجد نمرة للشيخ محمد بن عبدالرحمن العيسى رجل الدين السعودي البارز وأمين عام ما يسمى "اتحاد علماء المسلمين" الذي حصل على جائزة محاربة "معاداة السامية" عام 2020، وقام بزيارة موقع معسكر "أوشفيتز" في بولندا في كانون الثاني من العام نفسه بدعوة من السلطات الدينية الصهيونيّة وأشاد بإحياء ذكرى ضحايا الهولوكوست.
وإنّ ما أغضب الفلسطينيين أكثر ربما، هو فكرة طرحت على الطاولة ولم تحسم بعد وفقاً لتقارير إعلاميّة، وهي ضم شخصية صهيونيّة كبيرة لطائرة الرئيس الأمريكي في رحلته الأسبوع القادم من الأراضي الفلسطينيّة التابعة للكيان المجرم إلى السعودية والمشاركة بالمباحثات التي ستجري في بلاد الحرمين الشريفين، وفي حال حدوث ذلك، ستكون المرة الأولى التي يزور بها مسؤول إسرائيليّ بشكل علنيّ ومكشوف للسعوديّة، وخاصة أنّ الإسرائيليين يدركون ملياً أنّ السعوديين مهتمون بشكل كبير بالتعاون مع الصهاينة في أكثر من مجال وبالأخص في مجال الأمن، التكنولوجيا والزراعة، وهناك شركات تابعة للعدو وقعت مع شركات سعودية على اتفاقيات سريّة حتى لا يتم فضح السعوديّة وتعاملها القذر مع القضيّة الفلسطينيّة، حيث تقترب السعوديّة يوماً بعد آخر من فخ التطبيع العلنيّ، بعد كثير من المعلومات التي كشفها مسؤولون صهاينة حول أنّ إعلان التطبيع السعوديّ مع الكيان الغاصب بات وشيكاً وكشفت المملكة في الأشهر الماضية عبر وزير خارجيتها مراراً، أنّ "التطبيع مع الكيان الإسرائيليّ سيحدث بالفعل".