الوقت_ بعد أن خذلت السلطة الفلسطينيّة برئاسة محمود عباس الشعب الفلسطينيّ بأكمله وعبر الكثير من الملفات التي يشكل التنسيق الأمني مع العدو أبرزها، أشار مسؤول بارز بوزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية إلى أنّ السلطة الفلسطينية ستعرض 5 مطالب على الرئيس الأمريكي جو بايدن خلال زيارته المرتقبة للمنطقة، ولا يخفى على أيّ فلسطينيّ منهج خنوع السلطة الذي لم يجلب لها سوى الخيبة والهزيمة أمام الكيان الصهيونيّ وأسياده، وأسقطها من قلوب الفلسطينيين وجعلها أداة رخيصة تستعمل ضد إرادة الشعب وتطلعاته، كما أنّ الفلسطينيين يعتبرون أنّ ما تقوم به السلطة الفلسطينيّة التي لم تمثل في يوم من الأيام صوتهم وتطلعاتهم سوى خذلاناً و “طعنة في الظهر” في وقت هم بأمس الحاجة إليها للاصطفاف معهم، حيث يرزحون تحت وطأة جرائم الإعدام والأسر والاستهداف المباشر والطرد من منازلهم.
من المؤسف أن يتحدث أحمد الديك، المستشار ووكيل وزارة الخارجية الفلسطينية، في مقابلة اجرتها معه صحيفة “جيروزاليم بوست”، عن أمله في أن تقبل إدارة بايدن بكل الطلبات الفلسطينية، بعد تأكيد سياسة الولايات المتحدة أنّ واشنطن لا يمكن أن تتخلى عن دعم الصهاينة المحتلين على حساب الحقوق الوطنيّة للشعب الفلسطينيّ، رغم علمها اليقينيّ أنّ الاحتلال قائم على الإرهاب المنظم، في ظل حكم الإدارة الديمقراطيّة في أمريكا والتي لم تحمل أيّ بشائر بالنسبة للعرب بشكل عام والفلسطينيين على وجه الخصوص، واستمرت على السياسة الأمريكيّة المعهودة المتعلقة بتسليح الكيان الصهيونيّ المجرم والدفاع عن مصالحه في المنطقة، وخيّبت الكثير من التوقعات التي علقت آمالاً عريضة على الإدارة الأمريكيّة الجديدة.
وإنّ مشكلة السلطة الفلسطينيّة تتركز على إيمانها الواهي بسياسات الولايات المتحدة التي لا يمكن أن تتوقف عن دعم تل أبيب بشكل لا متناهٍ، بسبب أهميّة الكيان الصهيونيّ في فصل شرق الوطن العربيّ عن مغربه وتنفيذه للسياسات الأمريكيّة والغربيّة التي خُلق لأجلها، وإنّ دعوة رئيس الوزراء الإسرائيليّ يائير لابيد بأن يلتقي على الفور رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس لإحياء ما يُطلق عليها "مفاوضات السلام" الفلسطينيّة - الإسرائيليّة المتوقفة، لا يعدو عن كونه إثباتاً لذلك، حيث إنّه تحدث بصراحة أنّ الفلسطينيين وحدهم من يريدون العودة للمفاوضات، وأنّ ما يمنعهم من استئناف تلك المفاوضات هو "غياب شريك سلام إسرائيليّ".
وبالاستناد إلى التجربة الطويلة والدروس الكثيرة مع العدو وداعميه، يبدو جلياً أنّ الإدارات الأمريكيّة تستميت في الدفاع الدائم عن مصالح الكيان الصهيونيّ، وحتى في أشد لحظات الخلاف بين واشنطن وتل أبيب، حيث إنّ الولايات المتحدة بقياداتها المتعاقبة لم تتجاوز "الخطوط الحمراء" أبداً، في رعاية المصالح الصهيونيّة على حساب العرب وتحديداً السوريين واللبنانيين والفلسطينيين أصحاب الأراضي العربيّة التي يحتلها العدو الغاشم، وإنّ الحديث عن "وفاء بايدن" بوعده بإعادة فتح القنصلية الأمريكية بعدما أغلقتها إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب عام 2018 هو مُجرد خداع للسلطة لإيهامهم باعتراف أمريكي بالقدس الشرقية عاصمة لفلسطين التي سُلبت أراضيها أمام أعين العالم والتاريخ أكبر شاهد على الوحشيّة الإسرائيليّة المدعومة من أميركا.
من ناحية أُخرى، تريد السلطة الفلسطينيّة شطب اسم منظمة التحرير الفلسطينية من قائمة الإرهاب، وإعادة فتح البعثة الدبلوماسية للمنظمة في واشنطن، بعد أن قامت إدارة ترامب بإغلاق مكتب المنظمة للضغط على الفلسطينيين لوقف العمل مع المحكمة الجنائية الدولية ضد "إسرائيل"، لكن ما تناسته سُلطة محمود عباس هو أنّ الولايات المتحدة تستطيع متى شاءت انتهاك القانون الذي أصبح حبراً على ورق في أيامنا هذه، حفاظاً على المصالح الصهيونيّة الاستراتيجيّة والتفوق العسكريّ النوعيّ للكيان الغاصب في الشرق الأوسط، ولا تكف الولايات المتحدة عن تكرار أنّ الكيان الصهيونيّ الحليف الاستراتيجيّ الأهم والطفل المُدلل عندها في المنطقة، وهذا ما أكّده مسؤولون أميركيون بارزون، حيث اعتبروا أنّ "حجر الزاوية" في العلاقة بين واشنطن وتل أبيب، هو الحفاظ على تفوق العدو الصهيونيّ العسكريّ في المنطقة، وقد أشارت واشنطن في أكثر من مناسبة إلى عدم وجود أيّ "حليف بديل" عن الكيان الصهيونيّ للولايات المتحدة في منطقتنا التي ينخرها الاحتلال.
أيضاً، يتركز طلب السلطة الفلسطينيّة على ممارسة ضغط أمريكيّ على حكومة العدو الإسرائيليّ لوقف التصعيد الخطير ضد الفلسطينيين. بما في ذلك رفض الاستيطان والسعي إلى إجراءات تهدئة وبناء الثقة، إلى تدابير عملية حيث تضطر تل أبيب لوقف اعتداءاتها، وهذا أيضاً مُجرد "حلم" بأن يتحول الغول فجأة لحمل وديع عن طريق المجرم الأكبر الذي يجعل منه متوحشاً أكثر فأكثر، حيث تلتزم الإدارة الأمريكية بتسليح ودعم كيان الاحتلال الصهيونيّ والدفاع عنه، دون أن توفر للفلسطينيين والعرب أيّ تغيير يذكر في هذا الشأن، وبذلك لا يمكن أن يحدث تغيير جوهريّ في هذه القضيّة، إلا عندما تحترم الولايات المتحدة ومسؤوليها القانون الدوليّ ومنطق الشرعيّة الدوليّة وحقوق الشعوب.
في النهاية، تسعى السلطة الفلسطينيّة إلى دفع "عملية المفاوضات" لكن الإدارة الأمريكية لا يمكن أن تساعد في توفير أيّ مناخ مناسب لإحياء كذبة "عملية السلام الفلسطينية الإسرائيلية"، فيما يُغيب الكيان الصهيونيّ القاتل، القرارات الدوليّة بفرضه سياسة الأمر الواقع على الفلسطينيين واستباحته للدم الفلسطينيّ والعربيّ وخرقه الفاضح لكل القوانيّن والمواثيق الدوليّة المتعلقة بحقوق الإنسان، إضافة إلى مخطط الضم امتداداً لعملية التوسع على حساب الأرض والحقوق الوطنيّة للشعب الفلسطينيّ الأعزل، بفضل الدعم الأمريكيّ المُطْلق، في إصرار واضح من حكومة العدو على قتل آخر رمق للسلام الذي يتحدث عنه البعض وبالأخص الولايات المتحدة التي أدخلت العديد من الدول الخليجيّة والعربيّة في حظيرة التطبيع مع الكيان الصهيونيّ، وإنّ تجربة المجرب خطأ فادح ترتكبه السلطة الفلسطينيّة، فأيّ سلام أو حلول سياسية ستنفع مع داعشيّ أو صهيونيّ أو إرهابيّ؟