الوقت - مع تزايد الضغط الدولي لتشكيل حكومة شاملة في أفغانستان وزيادة المشاكل الاقتصادية في البلاد، اتخذت طالبان قرارات جديدة لحل الأزمات السياسية.
وقالت طالبان إنها تخطط لعقد اجتماع وطني أفغاني، يهدف في الغالب لاكتساب الشرعية وكسب الدعم الخارجي.
لمعرفة المزيد عن قرار طالبان الجديد بعقد اجتماع وطني أفغاني، تحدث موقع "الوقت" مع الدكتور بهرام زاهدي، الخبير في شؤون العالم الإسلامي ومدير مجموعة العمل الخاصة بأفغانستان وباكستان في معهد "اندیشه سازان نور" للدراسات الاستراتيجية.
الوقت: قالت طالبان إن قادة الحركة سيعقدون قريباً اجتماعاً للجمعية الوطنية الأفغانية، لويا جيرغا، يحضره سياسيون في كابول. بالنظر إلى أن طالبان لم تستفد من أي تيارات سياسية في حكومتها المؤقتة، يعتقد البعض أن هدف طالبان هو كسب الشرعية لحكومتهم. ما هو برأيك السبب الرئيسي لعقد هذا اللقاء الوطني في الوضع الراهن؟
الدكتور بهرام زاهدي: في المقام الأول، يجب الانتباه إلى منطق وتفكير طالبان السياسي، وكيفية تحقيق الشرعية في حكومة طالبان. تقوم الشرعية على ثلاثة عناصر هي المجلس والشريعة والأمير، ويجب على مجلس من العلماء أن يجتمع وينتخب أميرًا لتطبيق الشريعة. اختار لويا جيرغا أول أمير لطالبان، الملا محمد عمر، والذي تزعَّم الحرکة لعدة سنوات، وبعد وفاة الملا عمر، انتُخب الملا أختر منصور من قبل قيادة مجلس صغير لطالبان حينما لم تكن الحرکة في السلطة في ذلك الوقت، ثم اغتاله الأمريكيون فيما بعد. في الفقه السني، يسمى هذا المجلس بمجلس الحل والعقد، أي المجلس الذي يمكنه انتخاب أمير لتطبيق الشريعة. وثالث زعيم لطالبان هو الملا هبة الله أخوند زاده، الزعيم الحالي، الذي انتخب أيضاً من قبل المجلس. في الوضع الحالي حيث تسيطر طالبان على الحكومة بأكملها، يحتاجون إلى عقد مجلس أكبر بمشاركة العلماء وزعماء القبائل من أجل اكتساب الشرعية لحكومة طالبان. وعقد لويا جيرجا هو انتصار كبير لطالبان، وهم يحاولون كسب بضع خطوات للأمام باكتساب الشرعية، ليمكنهم في الساحة الدولية تنفيذ خططهم بقوة وحرية. من المرجح جداً أن يعقد هذا الاجتماع، وهدف طالبان من عقد لويا جيرغا هو اكتساب الشرعية.
الوقت: ما هو موقف القادة الأفغان الآخرين من لويا جيرغا طالبان، وهل يعتبرون ذلك خطوةً إيجابيةً أم لا؟
الدكتور بهرام زاهدي: لقد دعا الرئيس الأفغاني السابق حامد كرزاي والرئيس التنفيذي السابق عبد الله عبد الله مرارًا إلى عقد مثل هذا الاجتماع، وبالطبع فإن الهيئة الدينية والفقهية لأفغانستان سترحب بهذه القضية، كما أشارت دول الجوار والقوى الدولية إلی هذا الموضوع في اجتماعاتها أيضًا. وبالنظر إلى أن احتمالية إجراء الانتخابات في أفغانستان في الوضع الحالي منخفضة للغاية، وإذا نظرنا إلى نسبة المشاركة في الانتخابات الرئاسية السابقة في أفغانستان، نجد أن الشكل المعقول للانتخابات في هذا البلد هو لويا جيرغا. فاز الرئيس الأفغاني السابق أشرف غني بـ 900 ألف صوت فقط في مجتمع يبلغ عدد سكانه 38 مليونًا وأصبح رئيسًا، وكان هناك الكثير من الشكوك حول ثلث الآراء أيضًا. أو مريم سما، زعيمة الحركة المناهضة لإيران في البرلمان الأفغاني، دخلت البرلمان في كابول بألفي صوت فقط، والجماهير الأفغانية تواجه مشاكل في التصويت لأنها لا تملك بطاقات هوية. ولذلك، فإن إجراء الانتخابات في أفغانستان صعب نظريًا وعمليًا، ويتطلب تشكيل مجلس علماء يمكن أن يمثل جزءًا كبيرًا من المجتمع ويكتسب الشرعية.
الوقت: ما هو تأثير عقد لويا جيرغا على الوضع السياسي في أفغانستان وحل الجمود السياسي في تشكيل حكومة شاملة؟
الدكتور بهرام زاهدي: وفقًا لمنطق طالبان السياسي، فإن ما تعنيه الجماعة بـ "الحكومة الشاملة" يختلف عما تحدده الدول الأخرى لنفسها، واليوم لا تملك الحكومة الشاملة مؤهلات واضحة. وفقًا لحركة طالبان، تعني الحكومة الشاملة وجود مجموعات عرقية مختلفة في لويا جيرغا، وأن الحكومة تتكون نسبيًا من مجموعات عرقية أخرى. يتكون العمود الفقري لحكومة طالبان المؤقتة من البشتون، على الرغم من أن طالبان أنفسهم ليسوا كلهم من البشتون، وقسم من هذه الجماعة العرقية يعارض حركة طالبان، وقسم آخر مثل الطاجيك والأوزبك والهزارة يرتبطون بالحرکة. لذلك، سيكون للشعب البشتوني أغلبية في الحكومة وستكون مجموعات عرقية أخرى حاضرةً فيها. بعد وصولها إلى السلطة، قالت حركة طالبان إنه بسبب وصول الحكومة إلى السلطة بعد الجهاد، فإن أولئك الذين عملوا مع الجماعة على مدار العشرين عامًا الماضية يجب أن يكونوا داخل الحكومة. إن مفهوم حكومة طالبان الشاملة هو خلق نوع من الرضا العام في مجتمع طالبان، ومشارکة جميع القبائل بطريقة ما في الحكومة. لكن قصد الأمريكيين من تشكيل حكومة شاملة هو أن القادة الأفغان السابقين الذين ظلوا في السلطة على مدار العشرين عامًا الماضية يجب أن يكونوا في حكومة طالبان أيضًا، ولكن من المستبعد جدًا أن توافق طالبان على ذلك وتستخدم قادة أفغان سابقين في أعلى مستويات الحكومة.
الوقت: إلى أي مدى كان دور الضغط الخارجي لعدم الاعتراف بحكومة طالبان المؤقتة والأزمة الاقتصادية في أفغانستان مؤثراً في قرار طالبان عقد لويا جيرغا؟
الدكتور بهرام زاهدي: هذه القضايا هي حافز لطالبان على إيلاء المزيد من الاهتمام للساحة الدولية، ولولا هذه القضايا، لكانوا قد عقدوا لويا جيرغا في الجولة الأولى من السلطة أيضًا عندما لم تهتم طالبان بالقضايا الدولية، وعقد مثل هذه الاجتماع الوطني هو شأن داخلي في أفغانستان. ومع ذلك، فإن الضغوط الدولية والمشاکل الاقتصادية تدفع طالبان أكثر نحو الحصول علی الشرعية الداخلية. على الساحة الدولية، اعتقدت طالبان أن هناك ثورات في العالم، مثل الصين، اعترف بها المجتمع الدولي بعد 20 عامًا، بل ذکروا إيران مثالاً والتي واجهت مشاكل على الساحة الدولية بعد الثورة الإسلامية، وأكدوا أنهم يحاولون إقناع العالم بالاعتراف بحكومة طالبان، لكنهم أشاروا أيضًا إلى أنهم لا يخشون عدم اعتراف الدول الأخرى بهم. كما تضع القضية الاقتصادية ضغوطًا كبيرةً على حكومة طالبان لمضاعفة جهودها لإقناع المجتمع الدولي. إيران من جانبها وصفت عقد لويا جيرغا بأنه أمر إيجابي في المحادثات حول أفغانستان، وقد يكون عقده خطوةً إيجابيةً في تقليص الصراع الداخلي في أفغانستان.
الوقت: كان لدى الزعماء الأفغان السابقين مثل كرزاي وعبد الله وجهة نظر ناعمة فيما يتعلق بصعود طالبان، وكانوا يعتقدون أنه ينبغي منح الجماعة فرصةً لإثبات نفسها، إلى أي مدى تغيرت وجهة نظرهم الآن؟ وهل سنرى شقاقاً بين القادة السابقين وطالبان؟
الدكتور بهرام زاهدي: لا يوجد دليل موثق على اتساع الخلافات بين طالبان والقادة السابقين. يواصل هؤلاء الأفراد العمل بهدوء ولم يتصلوا أو يتحدثوا حتى مع أي من أعضاء جبهة "المقاومة الوطنية" الأفغانية التي تقاتل طالبان في بنجشير، ويبدو أن رأيهم هو نفسه كما كان من قبل.
الوقت: ما هو تقييمكم للتطورات المستقبلية في أفغانستان؟
الدكتور بهرام زاهدي: الآن يجب أن نعرف ما هي خطة الولايات المتحدة لأفغانستان. الأميركيون يريدون زيادة الضغط الاقتصادي والاستمرار في تجميد أصول أفغانستان، لسوق طالبان نحو التفکير بأن مشاكلها في المنطقة لن تحل، والعلاقات الاقتصادية مع الصين وإيران وباكستان وقطر وتركمانستان لا يمكنها حل عقدة مشاكل أفغانستان، وهم يحاولون إقناع طالبان بأنه إذا أرادوا حل مشاكل أفغانستان السياسية والاقتصادية، فعليهم أن يتطلعوا إلى الغرب. في غضون ذلك، يتعين علينا تحديد مدى نجاح الضغط الأمريكي، لكن طالبان لم تسر حتى الآن نحو الامتثال لمطالب الولايات المتحدة. لقد قالت حركة طالبان مرارًا إنها قاتلت الاحتلال ولن تواجه أي مشكلة بعد الآن مع أي دولة غير الکيان الصهيوني بشرط ألا تتحرك ضدها، ومع ذلك فإن الولايات المتحدة تزيد من ضغوطها الاقتصادية، وتحاول جذب طالبان بالأصول التي تمتلكها من أفغانستان. تنوي الولايات المتحدة، التي شعرت بالإذلال بسبب الانسحاب المفاجئ من أفغانستان، الانتقام من الأفغان بسبب هذا الإذلال حتى يضطروا إلى الركوع أمام الولايات المتحدة، لكن يجب على روسيا وإيران والصين توخي اليقظة لمنع طالبان من الوقوع في الفخ الذي نصبته الولايات المتحدة.