الوقت - في الأسبوع الماضي، أصدر OFAK(مكتب مراقبة الأصول الأجنبية في وزارة الخزانة الأمريكية) قبل يوم واحد فقط من إعلانه قائمة العقوبات الجديدة ضد عدد من الأفراد والشركات التابعة لفيلق القدس وحزب الله، بيانًا آخر هذه المرة لمقاطعة الشبكة الاقتصادية التابعة لحركة حماس.
وفي هذا البيان، انضم مدير مكتب الاستثمار التابع لحماس، أحمد عودة، إلى جانب ثلاثة داعمين وست شركات تابعة لحماس، إلى قائمة العشرات من أفراد وكيانات حماس المحظورة. وأقر البيان بأن مكتب الاستثمار التابع لحماس يسيطر على أصول تزيد قيمتها على 500 مليون دولار.
هذه هي القائمة التاسعة لبيانات عقوبات مكتب مراقبة الأصول الأجنبية(OFAC) ضد الأفراد والشركات المرتبطة بحركة حماس، والتي تم نشرها منذ عام 2003 بموجب الأمر التنفيذي رقم 13224.
المثير للاهتمام في هذا البيان هو عملية تغيير تركيز الشخصيات المحظورة، والتي يمكن تقسيمها إلى ثلاث فترات. الفترة الأولى حيث تركزت معظم العقوبات على شبكات حماس في الغرب وداخل فلسطين.
هذه المرحلة هي نتيجة لتشديد السيطرة والقيود على الشبكات الإسلامية في الغرب بعد 11 سبتمبر، والتي تؤثر بشكل طبيعي أيضًا على الحركة الإسلامية الفلسطينية.
وفي الفترة الثانية، ينصب التركيز الأساسي على العقوبات المفروضة على شبكات حماس الخليجية، ولا سيما داخل السعودية. وتتزامن هذه الفترة مع بداية صعود ابن سلمان إلى السلطة في السعودية عام 2016، بتنسيق مع الحكومة السعودية في سياساتها المناهضة لحركة حماس.
ومنذ ذلك الحين، أدرجت عدة مجموعات من الشركات والشخصيات المرتبطة بحماس في القائمة الأمريكية للعقوبات العالمية، وتمت مقاضاتها في المحاكم السعودية.
في غضون ذلك، يشير أحدث بيان لمكتب مراقبة الأصول الأجنبية إلى نقل شبكة حماس المالية إلى تركيا. وهذا يتفق مع العديد من الأدلة التي رأيناها في السنوات الأخيرة.
ومن بين هذه الأدلة، تأسيس شركة تحمل نفس اسم شركة "أندا" السعودية في تركيا. أندا هي شركة بمليارات الدولارات كانت في السابق في قلب أنشطة حماس الاقتصادية في السعودية.
كانت هذه الشبكة الاقتصادية تخضع إلى حد كبير لسيطرة ماهر صلاح، الذي يترأس لجنة حماس الاقتصادية في السعودية منذ عام 2013.
ومع تكثيف الحكومة السعودية ضغوطها على حماس، غادر ماهر صلاح وبعض الشخصيات الاقتصادية الأخرى في حماس السعودية، واستقروا في اسطنبول منذ نحو عام 2018.
وهذه المرة وسعت الشبكة نشاطها في تركيا تحت مظلة شخصيات مقربة من أردوغان. واللافت في هذه الأنشطة أنها تتمركز حول "حميد الأحمر"، الشخصية البارزة في حركة الإصلاح اليمنية.
من بين الأنشطة الاقتصادية الواسعة لحميد الأحمر، كانت إحدى شركاته التركية، أي Trend GYO، والتي کانت مرکز نشاط شخصيات اقتصادية مهمة في حماس. وأكد ذلك بيان مكتب مراقبة الأصول الأجنبية الأخير، الذي أضاف الشركة إلى قائمة العقوبات الخاصة به.
شكَّل تركيز الدعم المالي لحركة حماس في الأناضول مرةً أخرى تهديدًا جديدًا للحركة، مع تغيير سياسات أردوغان في الأشهر الأخيرة. ومن الواضح أن جهود تركيا لإعادة بناء العلاقات مع الکيان الصهيوني والسعودية والإمارات، قد خلقت قيودًا جديدةً على الحراك العام للإخوان وحماس.
هذا في حين أنه مع الانقلاب في السودان، تم إخراج جزء كبير من شبكة حماس الاقتصادية، التي نمت بشكل كبير تحت دعم عمر البشير، تمامًا عن سيطرة حماس.
إضافة إلى ذلك، يبدو أن حماس بدأت عملياتها في تونس، ومع الضغوط التي يتعرض لها الغنوشي، أصبحت استثمارات حماس في خطر أيضًا.
بالطبع، تجدر الإشارة إلى أنه على الرغم من تشابه الاقتصاد التركي في الحجم مع الاقتصادات الخليجية، إلا أن الطبيعة الأكثر تعقيدًا وهيكل هذا الاقتصاد يمكن أن يجعل من الصعب إلى حد ما مراقبة أنشطة حماس في تركيا وكبحها.
على عكس الاقتصادات المالية والنقدية الخليجية، يركز الاقتصاد التركي بشكل أساسي على القطاع الصناعي، وإمكانية اعتراض المعاملات النقدية والعمليات المالية أكبر بكثير من الأنشطة الصناعية أو الاستثمارات العقارية.
وتوفِّر الاستثمارات الصناعية درجةً عاليةً من الاختفاء للجماعات السياسية النشطة في تركيا، على الرغم من أنه فيما يتعلق بالسيولة وقابلية التحويل، فقد حظي هذا النموذج باهتمام أقل من هذه المجموعات.
بالإضافة إلى ذلك، على عكس الاقتصادات الخليجية، التي تهيمن عليها العائلة الحاكمة بشدة، سمح توزيع وتنوع الجهات الفاعلة في الاقتصاد التركي لحركة حماس وغيرها من الجماعات الإسلامية المسلحة في تركيا بالمزيد من المناورة.
أخيرًا، على الرغم من كل الأداء السياسي لأردوغان، لا يزال يبدو أن الحكومة التركية لا تملك الإرادة لمواجهة الشبكات الإسلامية التي تعمل على أراضيها بجدية.
من خلال دراسة بنية شبكة حماس المحظورة، نجد أن الانضغاط المفرط لهذه الشبكة وتمزقها من جسد الاقتصاد المحلي، كانا من أسباب اعتراض هذه الشبكة الاقتصادية. كما تؤدي المحفظة الاستثمارية والمضاربة إلى حضور قوي لأعضاء الشبكة في المستندات المالية.
هذا في حين أن الاستثمار في الخدمات والمنتجات الصناعية، على عكس قطاع الائتمان، يمكن أن يؤدي إلى إنتاج أصول يصعب مصادرتها وحجبها دون جذب الانتباه.
وإضافة إلى هذه النقطة، يمكن أن يكون توسيع مظلة الاتصالات لهذه الشبكات بطريقة عرضية بدلاً من طريقة هرمية، طريقةً أخرى لحماية العوائق المالية للحركات النهضوية.
أخيرًا، نظرًا لاستمرار هذه العقوبات، من المتوقع أن تكون جبهة المقاومة وحلفاؤها أكثر دقةً وذكاء في بنية شبكاتهم الاقتصادية، أكثر من أي وقت مضى.