الوقت - أكدت مصادر قضائية إصدار قاضي التحقيق فيما يعرف بقضية "الجهاز السري لحركة النهضة" قرارا بمنع سفر رئيس الحركة راشد الغنوشي وعدد آخر من الأشخاص.
و قال ماهر المذيوب مساعد رئيس مجلس النواب المنحل إن راشد الغنوشي حر طليق ولا يخطط حاليا للسفر إلا بعد سقوط الانقلاب، حسب تعبيره.
وكانت هيئة الدفاع عن شكري بلعيد ومحمد البراهمي تقدمت سابقا بشكوى ضد قيادات من حركة النهضة تتهمهم بالمسؤولية على التستر على قضايا الاغتيالات السياسية في تونس.
وتنفي حركة النهضة هذه الاتهامات وتعتبرها محاولة لتشويه الحركة واستهدافها سياسيا وقضائيا وإعلاميا، وتوظيفا للقضاء في الصراع السياسي.
وسبق أن انتقد الغنوشي قرارات الرئيس قيس سعيّد، بينها المرسوم الرئاسي القاضي بتعديل قانون هيئة الانتخابات واستبدال أعضائها.
وكان زعيم حركة النهضة عبّر عن رفضه القاطع لهذا المرسوم "لأنه يتناقض تماما مع الدستور وتحديدا مع فصله الـ 70″، والذي ينص بشكل واضح على أن النظام الانتخابي بما فيه هيئة الانتخابات لا يمكن أن يتغير بالمراسيم الرئاسية.
وأضاف إن "حل هيئة الانتخابات حلقة من حلقات رئيس الدولة لخنق المشروع الديمقراطي والإجهاز عليه، والتي بدأها بحل البرلمان والحكومة، ثم انطلق في تفكيك الهيئات الدستورية كهيئة مراقبة دستورية القوانين، والهيئة الوطنية لمقاومة التعذيب، والمجلس الأعلى للقضاء، ووصل الآن لدق آخر مسمار في نعش الديمقراطية من خلال حل هيئة الانتخابات".
بدورها نفت حركة "النهضة" التونسية، مساء الجمعة، منع رئيسها، راشد الغنوشي من السفر.
وقالت الحركة في بيان، إن "الأستاذ راشد الغنوشي (رئيس البرلمان المنحل) لم يتلق أي إعلام بصدور مثل هذا القرار في حقه".
وتابع البيان: "الأستاذ راشد الغنوشي لا ينوي السفر للخارج، رغم ما تلقاه من دعوات كثيرة للمشاركة في أكثر من تظاهرة دولية منها منتدى دافوس، بصفته رئيسًا للبرلمان، وسيتولى مكتبنا القانوني التفاعل مع حقائق الأمور".
وأردف: "ما يحصل هو عملية ممنهجة لإلهاء الرأي العام وصرفه عن الاهتمام بالمشاغل الحقيقية وواقع الأزمة السياسية والاقتصادية التي تسبب فيها الانقلاب على الدستور وتداعياته على الوضع الاقتصادي المنهار وواقع الاحتقان الاجتماعي والتغطية على عجز سلطة الانقلاب عن تحسين الأوضاع المعيشية".
وأفاد بان الغنوشي "يبقى على ذمة القضاء العادل والمستقل في كل وقت وحين لإيمانه بأن ملف الجهاز السري المزعوم مُركب ومُلفق من طرف هيئة الخراب وتزييف الحقائق"، في إشارة لهيئة "الحقيقة والكرامة"، وهي هيئة دستورية مستقلة معنية بملف العدالة الانتقالية في تونس.
وحذر من "الضغوط المتواصلة على الجهاز القضائي من طرف (الرئيس) قيس سعيد منتهكة بلا هوادة السلطة القضائية".
ولم يصدر تعليق فوري من السلطات التونسية حول أنباء منع الغنوشي من السفر.
فيما قالت محامية حركة "النهضة" زينب براهمي إن حظر السفر بحق رئيس الحركة راشد الغنوشي، الذي لم يتلق أي إعلام بصدوره، "قرار سياسي، لكون من أطلقه يعرف جيداً قيمة اسم الغنوشي وتأثيره، وسيكون محور المادة الإعلامية"، وذلك على إثر تصريح الناطقة الرسمية باسم المحكمة الابتدائية بأريانة فاطمة بوقطاية لإذاعة "موزاييك" الخاصة بأن قاضي التحقيق بالمحكمة المذكورة أصدر الجمعة قراراً بحظر السفر عن جميع المشمولين فيما يعرف بـ"الجهاز السري"، بمن فيهم الغنوشي.
وأوضحت براهمي، السبت، أن "الأصل الإعلان عن القائمة ككل ليتمكن الأفراد المعنيون من معرفة ذلك ولا يتوجهون للسفر"، مضيفة إن "الغاية ليست تحجير السفر على الغنوشي، وخاصة أنهم يعلمون جلّ تحركاته، ولا على بقية القائمة أيضاً، بل الإلهاء عن الأحداث".
وشددت على أن "الأصل عند اتخاذ قرار بتحجير السفر على أي مواطن تونسي دعوة الشخص من قبل قاضي التحقيق والاستماع إليه، ثم يعلمه بتوجيه الاتهام إليه وبأن النيابة العمومية اتخذت قرار تحجير السفر وفق قرار كتابي".
وأكدت المحامية أنه "يمكن ساعتها الطعن في القرار، ولكن للأسف لا يوجد أي إجراء من هذا حصل مع الغنوشي، فلا استدعاء ولا استنطاق ولا سماع ولا أي إجراء قانوني".
وأوضحت براهمي أن "ما حصل هو ضغط على القضاء وحتى تصريح الناطقة الرسمية باسم محكمة أريانة أمس أشارت فيه إلى أن القرار كان استجابة لطلب وزيرة العدل ليلى جفال، وبالتالي ما حصل كان نتيجة تعليمات سياسية"، حسب تقديرها.
ولفتت إلى أن "هناك إجراءات كان يجب اتباعها، ولم يتم ذلك، فالقرار سياسي وتم الترويج له أولاً على صفحات التواصل الاجتماعي، والأصل في الشيء الإعلام، وخاصة أن المسألة تتعلق برئيس برلمان وشخصية سياسية"، مؤكدة أنهم "كحزب يحترم القانون سيلجؤون إلى القضاء للطعن في القرار، فرغم كل الضغوط لا تزال هناك ثقة بالقضاء".
وتابعت إنه "لم يكن هناك حدث يدفع إلى تحجير السفر، فراشد الغنّوشي لم يسافر، ولم يتوجه إلى المطار أو إلى أي نقطة حدودية بحرية أو جوية"، مضيفة إنه "بعكس ذلك، أعلن في عدة مناسبات أنه سيقاوم الانقلاب من الداخل". لافتة إلى أنه رفض دعوات عديدة وجهت إليه سابقاً.
وقالت إن "ملف الجهاز السري تم توضيحه في عدة مناسبات وندوات إعلامية وتم إبراز الافتراءات، ومؤخراً تم تأجيل جلسة الشهيد بلعيد لأن هيئة الدفاع عنه لم تحضر واضطرت المحكمة إلى تأخير الملف مراعاة لذكرى الشهيد".
ويتصل ملف القضية بشكاية رفعتها هيئة الدفاع عن المعارضيْن السياسييْن اللذين اغتيلا في 2013، شكري بلعيد (الأمين العام لحزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد ومؤسس تيار الجبهة الشعبية) ومحمد البراهمي (المنسق العام لحزب التيار الشعبي)، اتهمت فيها قيادات أمنية بالضلوع في تقديم شكاوى كاذبة حول ملف الجهاز السري لحركة النهضة.
وشددت براهمي على أن "اللعبة مكشوفة تماماً مثلما حصل في ملف نائب رئيس الحركة نور الدين البحيري (احتجز قسرياً في ديسمبر/ كانون الأول 2021 قبل الإفراج عنه) للتغطية على الاستشارة الفاشلة والتي سجلت أرقاماً هزيلة".
وبينت أن "هناك عدة مستجدات قد تكون وراء هذا القرار، وهي بيان لجنة البندقية (صدر أمس الجمعة وعارض التمشي القانوني والدستوري لكل قرارات الرئيس التونسي قيس سعيّد)، وتصريحات رئيس جمهورية الجزائر، عبد المجيد تبون مؤخراً (اعتبر أن تونس في مأزق وسيتعاون مع إيطاليا لعودة الديمقراطية) وبيان عمداء كليات الحقوق وبيانات العمداء السابقين للمحامين (رافضين المشاركة في حوار اللجنة الاستشارية التي قررها سعيد)".
وقالت إن "الهيئة التي سنّها سعيد من أجل استفتاء ودستور جديد رفضها اتحاد الشغل وعدة منظمات، وهذه الإجراءات تواجه رفضاً داخلياً وخارجياً"، معتبرة أن قرار حجر السفر "جاء لإلهاء الشعب التونسي والتغطية على الفشل السياسي ولهذا تم التوجه لهذا الخبر".
وكشفت المحامية أن "لا تفاصيل لديهم حول بقية الشخصيات الـ34 المعنيين أيضاً بتحجير السفر، وخاصة أن أول من نشر الخبر كان شخصاً من أنصار سعيد على فيسبوك" حسب تأكيدها، متسائلة "كيف بلغه الأمر في ملف يُتخذ فيه قرار مساء الجمعة (وقت إغلاق الإدارات الحكومية) وحتى محامي النهضة أو هيئة الدفاع عن رئيس الحركة ليس لديهم الوقت للاطلاع على الملف والطعن فيه ومعرفة القائمة، وتم التصريح فقط باسم الغنوشي، وهذا مقصود".