الوقت - ذكرت صحيفة "الشروق" الجزائرية أن الرئيس عبد المجيد تبون سيقوم بزيارة دولة لإيطاليا هذا الأسبوع وذلك تلبية لدعوة رئيس وزراء إيطاليا ماريو دراغي الذي زار الجزائر في أبريل.
وهذه الزيارة يعتبرها متابعون استكمالا لـ"دبلوماسية الغاز" التي فعّلتها الجزائر ضد إسبانيا منذ النصف الثاني من شهر مارس، في أعقاب الانقلاب في موقف مدريد من قضية الصحراء الغربية.
ولتسليط الضوء على ملف الغاز والزيارات التي أداها العديد من المسؤولين العرب والغربيون في حوض المتوسط، قالت صحيفة "الشروق" الجزائرية إن بعض الأوساط هلّلت لزيارة أمير قطر تميم بن حمد بن خليفة إلى إسبانيا وانساقت وراء تحليلات تحت الطلب مفادها بأن مدريد وجدت منفذا للهروب من العقوبات الجزائرية المتوقعة، بعد تأكيدها مراجعة أسعار الغاز في العقود المبرمة بين الطرفين.
وذهب البعض في شبه الجزيرة الإيبيرية وحتى خارجها، إلى القول بأن التقارب الإسباني القطري، جاء ردا على التقارب الجزائري الإيطالي، والذي ترسخ على أنقاض العلاقات المثالية التي كانت تجمع بين الجزائر ومدريد إلى غاية شهر مارس، حسبما ذكرته الصحيفة الجزائرية.
وأشارت إلى أن هذا النقاش كان حاضرا بقوة في وسائل الإعلام الإسبانية على مدار الأيام الماضية، إلى درجة أن البعض منها ذهب إلى حد القول إن مدريد وجدت الحل المفقود في مسلسل صراعها مع الجزائر بسبب الغاز، والمتمثل في الغاز القادم من قلب الخليج الفارسي وبالضبط من قطر.
وأوضحت الصحيفة أن تحليلات أخرى ظهرت في الإعلام الإسباني حذرت من الإفراط في التفاؤل بنجاة مدريد من العقوبات الجزائرية في قطاع الغاز، ومنها صحيفة "إل أندبندانت"، التي أعادت الجميع إلى الواقع، في مقال عنونته "لا يمكن للغاز القطري أن يعوض الجزائري".
وكتبت: "من الصعب تصديق أن قطر يمكن أن تحل محل الجزائر من حيث إمدادات الغاز.. على الرغم من أن قطر هي ثاني أكبر منتج للغاز في العالم، إلا أن الحقيقة هي أن لديها عقودا طويلة الأجل ملتزمة بالفعل بدول مثل الصين أو الهند، لذلك إذا زادت صادراتها فإنها ستوجه ذلك إلى تلك الدول التي لها عقود معها".
وتحدثت الصحيفة عن صعوبات واقعية تحول دون إمكان إسبانيا التخلي عن الغاز الجزائري رغم ما فيه من مشاكل بسبب تدهور العلاقات بين الجزائر ومدريد، وأشارت إلى بعد المسافة بين إسبانيا وقطر والتي تعد بآلاف الكيلومترات، مقابل بعض المئات من الكيلومترات التي تفصل بين الجزائر وإسبانيا، وهذا يتطلب إمكانيات نقل عملاقة ومكلفة.
وأضافت: "هناك جانب آخر يجب أخذه في الاعتبار وهو ما يتعلق بصهاريج الميثان.. يوجد عدد قليل من السفن في العالم بهذه الخصائص ويستغرق بناؤها الكثير من الوقت والمال.. وفي الوقت الحالي، تمتلك الدولة الصينية معظم السفن في العالم، وهي تعطي الأولوية لبلادها".
وتقول الصحيفة "أما بالنسبة للجزائر، فهي المنتج الرئيس للغاز في إفريقيا، ولديها بنى تحتية قائمة تربطها بأوروبا وخاصة مع إسبانيا، ولديها احتياطيات كبيرة من الصخر الزيتي لا تستغله.. ومن بين أحواض النفط السبعة الموجودة في الجزائر، تستغل الدولة الإفريقية حاليا ثلاثة أحواض كما أن لديها احتياطيات غاز تقليدية".
وتعترف الصحيفة بأن "الغاز الجزائري هو الأكثر ربحية من بين كل الغاز الذي تستورده إسبانيا، سواء من قطر أو نيجيريا أو الولايات المتحدة"، مبينة أن الربحية تكمن في لوجستيات النقل والأمن في المضائق أو في البحر.
وذكرت الصحيفة الإسبانية إنه يجب إعادة تحويل الغاز المسال المستورد من دول أخرى غير الجزائر، وهذا يتطلب استثمارات وأموال، بالإضافة إلى ذلك فالجزائر تصدر الغاز بأسعار تنافسية للغاية للشركات الإسبانية.
وكانت الجزائر قررت خفض إمدادات الغاز الطبيعي المصدر نحو إسبانيا بنسبة 25 بالمئة، وفقا لما نقلته صحيفة “إيكونوميستا” الإسبانية.
ووفقًا لبيانات المراقبة اليومية لنظام الغاز، فقد انخفض الدخول عبر خط أنابيب الغاز Medgaz بنحو 25٪ في الأسبوع الماضي مقارنة بالمستويات المسجلة في منتصف مارس وهو عند أدنى مستويات الدخول في ما يصل هذا العام.
وحسب البيانات التي قدمتها Enagás يوميًا ، منذ 1 مايو الماضي ، دخلت 234 جيجاوات ساعة / يوم ، مقارنة بـ 312 جيجاوات ساعة / يوم التي تم تسجيلها في 14 مارس ، وهو التاريخ الذي أرسل فيه رئيس الحكومة ، بيدرو سانشيز ، الرسالة المثيرة للجدل إلى ملك المغرب بشأن تغيير الموقف السياسي لإسبانيا من الصحراء.
ومنذ بداية الأزمة بين الجزائر وإسبانيا، انخفض العرض ببطء ، باستثناء الموجة الباردة التي سجلت في الفترة من 7 إلى 9 أبريل الماضي ، والتي دخل فيها ما بين 324.2 و 334.2 جيجاوات ساعة / يوم عبر ميدغاز، وهو رقم مشابه لتلك المسجلة في يناير وفبراير.
وأشارت مصادر في الصناعة إلى أن الانخفاض في وصول الغاز من الجزائر يرجع إلى التدفق الطبيعي للطلب، لكن هذه الممارسة ليست عادية، حيث تحاول المفوضية الأوروبية فرض مستويات تخزين 80٪ لجميع الدول الأوروبية.
وكان المغرب قد طالب إسبانيا باستخدام أنبوب الغاز المغاربي-الأوروبي لتتمكن من إمداد نفسها بالغاز بعد قرار الجزائر بقطع إمدادات حوالي مليار متر مكعب وصلت إلى البلاد عبر هذه الشبكة.
وأكدت الجزائر أن أي كمية من الغاز الجزائري المصدرة إلى إسبانيا تكون وجهتها غير تلك المنصوص عليها في العقود، ستعتبر إخلالا بالالتزامات التعاقدية وقد تفضي بالتالي إلى فسخ العقد الذي يربط سوناطراك بزبائنها الإسبان.
ويوم 18 مارس 2022، أعلنت الحكومة الإسبانية تغييرا جذريا في موقفها المتعلق بقضية الصحراء الغربية من خلال دعمها موقف الرباط علنا وللمرة الأولى، لتنهي بذلك خلافا دبلوماسيا كبيرا بين البلدين.
وقال وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس أمام الصحافيين في برشلونة “تعتبر إسبانيا أن مبادرة الحكم الذاتي المقدمة في 2007 (من جانب المغرب) هي الأساس الأكثر جدية وواقعية وصدقية لحل هذا النزاع” بين الرباط وجبهة بوليساريو.
و أعلنت الجزائر استدعاء سفيرها في مدريد، على خلفية القرار الإسباني الجديد الذي وصفته بـ”انقلاب مفاجئ”.
وجاء في بيان لوزارة الخارجية الجزائرية أن السلطات الجزائرية“استغربت الانقلاب المفاجئ والتحول في موقف السلطة الإدارية السابقة بالصحراء الغربية، وعليه قررت الجزائر استدعاء سفيرها في مدريد فورا للتشاور”.