الوقت- الثقة بالنفس ميزة جميلة جدا لكن الثقة الزائدة التي تدمج مع بعض الوقاحة والغطرسة تصبح مثيرة للسخرية، انظروا من يتكلم وزير الخارجية الاسرائيلي الذي جلس يحدد ما الذي يجب على سوريا فعله، شرُّ البلية مايضحك.
على مايبدو أنه نسي أن سوريا هي احدى الدول التي أسست جامعة الدول العربية، ونسي أنها خاضت حربا كانت أمر من المر ورفضت أن تبيع نفسها للدول الخليجیة عندما عرضت عليها مبلغا من المال مقابل التخلي عن علاقتها مع ايران والرضوخ الى أمريكا.
لا أعلم من يظن نفسه غانتس هذا حتى يتكلم بتلك الطريقة التي تعبر عن افتقاره للأدب، وجهله بالتاريخ وجهله لبلد عريق قامت عليه أربعون حضارة يمتد ارثها الحضاري العربي والاسلامي لأكثر من 8000 عام في حين أن عمر إسرائيل 74 عاما، وتعرض لحروب كثيرة وفي كل مرة يعود أفضل من قبل.
وفي هذا الصدد أجرت مراسلة موقع الوقت الاخباري مقابلة مع المحلل السياسي ورئيس اتحاد الكتاب العرب في سوريا الدكتور "ابراهيم زعرور"، واليكم نص المقابلة:
الوقت: قال وزير الحرب الإسرائيلي غانتس إنه إذا أراد بشار الأسد أن يكون جزءًا من المنطقة وأن يعود إلى جامعة الدول العربية، فعليه قطع العلاقات مع إيران، ماهو هدف غانتس لاثارة موضوع كهذا في جامعة الدول العربية؟
ابراهيم زعروز: أولا ان النظام الرسمي العربي بغالبيته هو مع العدو الصهيوني سواء في جامعة الدول العربية أو خارجها بشكل فردي، ولا يراهن على مواقف هذه الدول واصلا سوريا لم ولن تطلب العودة إلى جامعة الدول العربية.
وهؤلاء هم من مولوا الحرب والعدوان والإرهاب ضد سوريا منذ عام ٢٠١١ إلى اليوم وهم من انفق وينفق أيضا مليارات الدولارات على الإرهابيين وفي الاعلام والحرب النفسية وسواها، وبالتالي موقفهم من سوريا لايختلف عن موقف ما يسمى وزير الحرب الصهيوني غانتس وله ان يقول مايشاء.
ولكن سوريا هي صاحبة القرار وحدها فقط ولا تستطيع قوة ان تفرض على سوريا أي شروط، كما أن الدولة السورية متمسكة بثوابتها الوطنية وحقها في الدفاع عن أراضيها وشعبها.
أضف الى ان سوريا طوال هذه الحرب المستمرة منذ ٢٠١١ وحتى الان لم تخضع لارادة الآخرين ولم تساوم أو تهادن أو تتنازل عن كامل حقوقها في تحرير كل شبر من أراضيها من المحتلين الصهاينة والأمريكان والأتراك، والقضاء التام على الإرهابيين والحفاظ على وحدة سوريا وأراضيها كاملة غير منقوصة وغانتس يريد ان يهرب من أزمات الكيان الصهيوني في الأراضي الفلسطينية المحتلة. والعدو الصهيوني مأزوم كما هو حال الولايات المتحده الأمريكية والنظام التركي والأنظمة العربية العميلة.
الوقت: عودة سوريا إلى الجامعة العربية في أي مرحلة الان؟
ابراهيم زعرور: تقوم دول عربية منها الجزائر والعراق واليمن وفلسطين وعمان والإمارات وغيرها بالعمل على ان تكون سوريا في موقعها الطبيعي وكأنها لم تغادرها اطلاقا.
وبالتالي سوريا لم ولن تطالب بالعودة إلى الجامعة العربية وربما تكون القمة العربية القادمة في الجزائر مناسبة لدعوة سوريا لحضور القمة العربية وتأتي عودة سوريا بشكل طبيعي دون حاجة لوساطات أو تقديم طلبات أو غير ذلك.
الوقت: تعتبر سوريا احدى الدول المؤسسة لجامعة الدول العربية فلماذا يجب ان تدفع فدية للانضمام إليها وهل تقبل سوريا بذلك؟
ابراهيم زعرور: سوريا لايمكنها ان تقدم أي تنازل للعودة الى الجامعة العربية، واصلا سوريا عندما كانت عضوا مؤسسا لجامعة الدول العربية كثير من الدول العربية لم تكن موجودة على خارطة الدول.
وإنما منها من جاء لاحقا وبالتدريج، وعدد من الدول العربية دخلت الجامعة في نهاية خمسينيات وستينيات وبداية سبعينيات القرن الماضي.
لان سوريا كانت واحدة من سبع دول مؤسسة للجامعة العربية وسوريا لايمكن ان تقبل بأي شرط لحضورها في مقعدها بالجامعة وعليهم الاعتذار من سورية ومن الشعب السوري والدولة السورية.
الوقت: يجب على سوريا التي تمكنت الآن من هزيمة الإرهابيين والسيطرة على جميع أجزاء أراضيها تقريبًا، والان هل يجب ان تعطي امتيازا او تحصل عل امتياز من اجل الانضمام الى جامعة الدول العربية؟
ابراهيم زعرور: سوريا واجهت حربا هي الأخطر في تاريخ البشرية، ولا تزال في قلب الحرب، وواجهت ارهابا غير مسبوق ولا تزال تطارد الإرهابيين وما زالت سوريا تواجه المحتلين الصهاينة والأمريكان والأتراك، وتعمل ضد الإرهابيين للقضاء عليهم بالكامل.
كما أن سوريا كانت محاصرة بالإرهاب من كل الحدود من الغرب والشرق والشمال والجنوب وسيطر الإرهاب على نحو ٨٥% من أراضي الجمهورية العربية السورية التي تبلغ مساحتها ١٨٥ و١٨٠ الف كيلو متر مربع.
واستطاعت سوريا مع القوى الرديفة والحليفة لجانب الجيش العربي السوري بالقضاء على عشرات الآلاف من الإرهابيين واستعادة اكثر من ٨٠% من أراضيها التي كان الإرهاب مسيطراً عليها، اضافة الى القوى المساندة لهم من دول المنطقة والإقليم والدول الغربية وأمريكا والعدو الصهيوني.
وسوريا قدمت عشرات الآلاف من الشهداء وعشرات الآلاف من الجرحى والمصابين ودمروا البنى التحتية السورية بشكل شبه كامل واخرجوا المؤسسات الاقتصادية السورية ونهبوا وما زالوا ينهبون ثروات سوريا من النفط والغاز والقمح والقطن وغيرها.
وسورية تعرف الأعداء المتربصين فيها الذين اردوا تقسيم سوريا وتفتيتها وتجزئتها والوصول فيها إلى حرب اهليه على أسس دينية ومذهبية وطائفية وعرقية وسواها وتحويلها لدولة فاشلة، وإزالتها عن الخريطة بالكامل.
لكن سوريا بارادتها وارادة الشعب وارادة الجيش ومحور المقاومة.. كل محور المقاومة والدول الحليفة والصديقة استطاعت ان تُفشل المخطط الصهيوأمريكي الرجعي العربي الشيطاني العثماني الإخواني وهي ذاهبة للانتصار الكامل.
وليست سوريا في وارد ان تقدم أي تنازل لا من اجل الجامعة العربية ولا غير جامعة الدول العربية، واليوم لايستطيع اي مواطن سوري تقديم أي تنازل عن حقوقه كاملة غير منقوصة.
وما يهم سوريا مواجهة المحتلين وطرد الإرهابيين والقضاء عليهم ولا تشغلها اطلاقا مسألة الجامعة العربية في العودة اليها أو عدم العودة ولو خضنا حربا عمرها مئة عام، لايمكن ان نرفع العلم الأبيض أو نستسلم للعدو ومن في حكمة وتاريخ سوريا الوطني شاهد على ذلك ضد المحتلين العثمانيين والاستعمار الفرنسي وضد العدو الصهيوني مهما كانت التضحيات فالوطن هو الأغلى والاقدس.
الوقت: ما رأي الحكومة السورية من وجود مستشارین ایرانیین في سوريا؟
ابراهيم زعرور: من الطبيعي ان يكون الأصدقاء والحلفاء مع بعضهم في زمن السلم والحرب، وتزداد العلاقات توطيدا في زمن الحرب وليس سرا علاقات سوريا وإيران الاستراتيجية منذ قيام الثورة الإسلامية في ايران عام ١٩٧٩ والى الان.
عبر كل المحطات في العلاقات السورية الإيرانية ونحن في خندق واحد ومحور واحد ومصالح مشتركة ولدينا أهداف مشتركة ضد الاستكبار العالمي الأمريكي الغربي الصهيوني.
ومن الطبيعي ان يكون في سورية مستشارون وخبراء ايرانيين وان تكون العلاقات السياسية والاقتصادية والعلمية والثقافية والفكرية والأمنية والعسكرية والروحية.
والعلاقات بين سورية وإيران استراتيجية ومتوازنة، فنحن في معركة مصيرية تم تحديد معالمها اليوم، وبالتالي نحن أمام تحول تاريخي في العالم لاسقاط نظام القطب الواحد والذهاب إلى عالم متعدد الأقطاب أي إسقاط الاستكبار العالمي والهيمنة والسيطرة والتسلط الأمريكي على الشعوب ودول العالم وهذا لابد قادم.
