الوقت- أُعلن في وسائل الإعلام نبأ استقالة "عبد ربه منصور هادي" الرئيس اليمني السابق المستقيل والهارب، وتشكيل مجلس رئاسي.
وفي هذا الصدد، أكد "منصور هادي" أثناء إعلانه تشكيل المجلس الرئاسي، أنه قد استقال من منصبه، وذكر أن كل صلاحياته قد أحيلت للمجلس. وعليه، سيرأس "رشاد محمد العليمي" المجلس الرئاسي. كما أقال منصور هادي نائبه أيضًا.
سيتولى المجلس الرئاسي مسؤولية الإدارة السياسية والعسكرية والأمنية للحكومة اليمنية المستقيلة والهاربة. ويتكون من ثمانية أعضاء هم "سلطان علي العرادة" و"طارق محمد صالح" و"عبد الرحمن أبو زرعة" و"عبدالله العليمي باوزير" و"عثمان مجلي" و"عيدروس الزبيدي".
من جهة أخرى، أُعلن أن المجلس الرئاسي سيكون مسؤولاً عن التفاوض على وقف إطلاق النار مع حركة أنصار الله.
قوبل إعلان تشكيل المجلس الرئاسي بردود فعل واسعة من اليمنيين. وفي هذا الصدد، قال محمد البخيتي عضو المكتب السياسي لحركة أنصار الله، إن "انتخاب رشاد العليمي رئيساً للمجلس الرئاسي يأتي بسبب التزامه تجاه الولايات المتحدة".
وأضاف: "الحقيقة أننا لم نشارك في تشكيل المجلس الرئاسي. لقد أدى إنشاء هذا المجلس في الواقع إلى تدمير الشرعية الزائفة للمعتدين. وأجبرت مقاومة الشعب اليمني الطرف الآخر على اتخاذ هذه الخطوة غير الشرعية".
في غضون ذلك، ردَّ المتحدث باسم حركة أنصار الله اليمنية محمد عبد السلام على تشكيل المجلس الرئاسي في الرياض، قائلاً: "الشعب اليمني هو الذي يقرر حاضره ومستقبله وليس غيره، وأي نشاط خارج حدود اليمن هو مجرد عرض سخيف".
رغم أن "منصور هادي" حاول التظاهر بأن اتخاذ قرار التنحي وتشكيل المجلس الرئاسي هو قرار مستقل اتخذه بنفسه، لکن تشير الأدلة إلى أن كل هذه القرارات اتخذت في مدينة الرياض من قبل كبار المسؤولين السعوديين، وخاصةً محمد بن سلمان.
والحقيقة أن ما نواجهه الآن هو مشروع إزاحة "منصور هادي" من المشهد السياسي اليمني من قبل السعودية، وليس استقالته من السلطة.
وفي هذا السياق، ذكرت صحيفة "الخبر اليمني"، أمس، نقلاً عن مصادر في الرياض، أن السعودية هي التي أطاحت بمنصور هادي. وحالياً إن منصور هادي تحت الإقامة القسرية. كما أفادت الصحيفة بأن السعودية هي التي شكلت المجلس الرئاسي اليمني.
والترحيب السعودي المبكر على إبعاد منصور هادي من المشهد السياسي اليمني، هو عامل آخر يظهر أن الرياض لعبت دورًا مباشرًا في ذلك. وفي هذا الصدد، بث التلفزيون السعودي الرسمي خبراً أعلن فيه أن كبار المسؤولين في هذا البلد يؤيدون قرار عبد ربه منصور هادي التنحي عن السلطة.
إضافة إلى ذلك، حاولت السعودية، من خلال عرض سخيف، جعل تشكيل المجلس الرئاسي خطوةً ديمقراطيةً شرعيةً نابعةً من الاتفاق الذي تم التوصل إليه بين اليمنيين.
وفي هذا الصدد، يمكن الإشارة إلى الاجتماع الأخير بين الجماعات اليمنية الذي عقد في مدينة الرياض والبيان الختامي الصادر عن الاجتماع. وكانت السعودية قد خططت منذ فترة طويلة لعقد مثل هذا الاجتماع.
وكان هدف السعوديين هو الإطاحة بمنصور هادي بالتزامن مع اجتماع الأطراف اليمنية في الرياض، من أجل اعتبار ذلك "استقالة هادي من السلطة في عملية توافقية وديمقراطية".
المشاركون في اجتماع الجماعات اليمنية برعاية مجلس التعاون في الرياض، والذي رفضت حكومة الإنقاذ الوطني المشاركة فيه، ذكروا في البيان الختامي للاجتماع صراحةً أنهم يرحبون بقرار هادي تشكيل المجلس الرئاسي.
وبناءً على ما تقدم، فقد استخدمت السعودية كل الوسائل المتاحة لها للتستر على إطاحة هادي من السلطة، وتشكيل مجلس رئاسي خاص بها.
والنقطة الأخرى المهمة هي أن السعوديين حاولوا إنهاء خلافاتهم طويلة الأمد مع الإمارات، من خلال عزل هادي وتشكيل المجلس الرئاسي في اليمن.
لطالما كانت الإمارات غير راضية عن دعم الرياض لمنصور هادي في اليمن ومواجهة قوات المجلس الانتقالي الجنوبي(التابع لأبو ظبي)، وعلى مدى السنوات الماضية، أدت هذه القضية مرارًا وتكرارًا إلى اندلاع اشتباكات عنيفة بين مرتزقة هادي من جهة وعناصر محسوبة على الإمارات من جهة أخرى.
ولذلك، يبدو أن القادة السعوديين حاولوا اتخاذ خطوة نحو حل الخلافات مع الإمارات حول اليمن، من خلال تشكيل المجلس الرئاسي واستبعاد هادي.
ويبقى أن نرى ما إذا كانت مثل هذه الخطوة يمكن أن تكون عاملاً في إنهاء الخلافات بين السعودية والإمارات في جنوب اليمن في المستقبل، أم ستستمر الخلافات المذكورة في البعدين السياسي والميداني.