الوقت- أكدت وكالة الأنباء السعودية الرسمية النبأ: "من بين الذين أعدموا سبعة يمنيين وواحد سوري".
السعوديون، الذين يحاولون تبرير هذه الإعدامات، يتهمون الضحايا بالتفكير المنحرف. ونقلت وكالة الأنباء السعودية الرسمية عن وزير الداخلية قوله إن 37 من الذين أعدموا سعوديون أدينوا بمحاولة اغتيال قوات الأمن واستهداف نقاط تفتيش وقوافل تابعة للشرطة، إضافة إلى عدد من المهاجرين.
وفي تبرير غير المسبوق للحادث، ادعى وزير الداخلية السعودي أيضًا أن الأشخاص الذين تم إعدامهم كانوا يتبعون "أيديولوجيات منحرفة" وقال إنها تهدف إلى خدمة أعضاء جماعات المعارضة للبلاد، بما في ذلك تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) والقاعدة والمتمردين الحوثيين اليمنيين.
وقالت مصادر سعودية إن سبعة من هؤلاء يمنيون وواحد سوري الجنسية. ونُفذت عمليات الإعدام تلك بينما تقول جماعات حقوق الإنسان إن العديد من المعتقلين لا يعاملون معاملة عادلة، وإن اتهامات مثل الاغتيال أو الارتباط بالإرهابيين أصبحت وسيلة للقضاء على المعارضين والمتظاهرين. فيما أكدت منظمة قانونية دولية قبل شهرين على زيادة بنسبة 148٪ في عمليات الإعدام في المملكة العربية السعودية بحلول عام 2021.
ردود الفعل على الجريمة السعودية
كانت منظمة العفو الدولية قد أدانت سابقًا عقوبة الإعدام في المملكة العربية السعودية، قائلة إن عددًا كبيرًا من المحاكمات، بما في ذلك المتهمون بقضايا سياسية ومنتقدو الحكومة، أسفر عن أحكام بالإعدام في ظروف غير عادلة للغاية. وقالت منظمة العفو الدولية إن بعض الذين أُعدموا لم يفعلوا شيئاً سوى التعبير السلمي عن انتقادهم للحكومة.
في تاريخ المملكة العربية السعودية، لا يوجد سوى ثلاث حالات مماثلة لمثل هذه الإعدامات؛ في عام 2019، تم قطع رؤوس 37 شخصًا في إعدام جماعي؛ وفي يناير 2016، تم تنفيذ حكم مماثل على 47 شخصًا. وفي وقت سابق، سُجل أكبر عدد من عمليات الإعدام في اليوم في يناير / كانون الثاني، حيث تم إعدام 63 شخصًا جماعيًا في المملكة العربية السعودية بسبب الاستيلاء المسلح على المسجد الحرام. وعلى الرغم من الطبيعة غير المسبوقة لهذا العمل اللاإنساني، إلا أن الإعلام الغربي لم يعر اهتماماً كبيراً لهذه القضية، وكان أقصى رد فعل في وسائل الإعلام الغربية هو النبأ القصير لهذا الحدث. ومع ذلك، كانت ردود الفعل الإقليمية على الإجراءات السعودية غير مسبوقة. حيث أدانت لجنة شؤون الأسرى اليمنيين جريمة النظام السعودي، مؤكدة أن هذه الجريمة ستكون لها عواقب وخيمة على السعودية، ولا يجوز السكوت عنها. وقال على الديلمي القائم بأعمال رئيس وزارة حقوق الإنسان بحكومة صنعاء للميادين في بيان "السعودية استغلت الأحداث في أوكرانيا لتنفيذ إعدامات جماعية".
وأوضح: " هناك استهتاراً سعودياً بحياة اليمنيين، ونحمل السعودية والولايات المتحدة مسؤولية الجرائم بحقهم" وأكد أن "الموقوفين اليمنيين في السعودية مهاجرون غير شرعيين، ويتعرضون للتعذيب في غياب محامي الدفاع". من جهته، قال وزير الإعلام في حكومة صنعاء، ضيف الله الشامي، إن "جريمة نظام آل سعود ومجزرتهم بحق 81 مواطناً، بينهم 41 من أبناء القطيف و7 يمنيين، جريمة كبرى بحق الإنسانية".
كما ادانت عدة فصائل عراقية، جرائم السلطات السعودية وسلوكها الطائفي، اذ قال الأمين العام لعصائب أهل الحق "الشيخ قيس الخزعلي": ان "السعودية تعدم العشرات بهمجية لأسباب أغلبها طائفية مقيتة. ندين السلوك الطائفي الممنهج الذي تتبعه الحكومة السعودية". الى ذلك، قال المتحدث باسم حركة النجباء العراقية "نصر الشمري": ان "السعودية تمارس التضليل من خلال اتهام من أعدمتهم بالإرهاب". بدوره، صرح امين عام كتائب سيد الشهداء في العراق "أبو آلاء الولائي"، ان "النظام السعودي استغل انشغال العالم بالحرب لإعدام 81 شخصاً".
في الشأن السعودي، اتهمت المعارضة السعودية بن سلمان بإعدام 81 شخصًا في يوم واحد في المملكة العربية السعودية، قائلة إنه يسعى لتحقيق أهداف سياسية. وقالت المعارض السعودي علي الأحمد ان 42 متظاهرا وناشطا من القطيف والعوامية من بين 81 شخصا أعدمهم النظام السعودي. وأشارت المعارضة السعودية إلى أن المواطنين السعوديين الذين أُعدموا متهمون بالانتماء إلى تنظيم داعش، وأن المواطنين اليمنيين الذين أُعدموا متهمون بمساعدة حركة أنصار الله اليمنية في تحديد أهداف داخل السعودية.
هل يوقف ابن سلمان إراقة الدماء
قلة هم الذين يشكون في أن عمليات الإعدام في المملكة العربية السعودية نُفِّذت بأوامر وإرادة مباشرة من محمد بن سلمان. فمنذ بداية حكمه في الرياض، قمع بن سلمان جميع خصومه تقريبًا من أجل تولي عرش والده بأمان. يحاول بن سلمان تقديم نفسه كشخصية إصلاحية وحديثة، لذلك بدأ في السنوات القليلة الماضية بعض الأنشطة الدعائية، مثل السماح للنساء بقيادة السيارات أو بناء مدن جديدة وحديثة. لكنه في الوقت نفسه لا يتردد في إرسال 81 شخصًا إلى حد السيف في خطوة غير مسبوقة في يوم واحد؛ وهذا العمل يتعارض تمامًا مع شعاراته وإيماءاته الليبرالية. إن إعدام 81 شخصًا في يوم واحد في بلد يحلم فيه بن سلمان بأن يصبح ملكًا، سيرسل رسالة واضحة إلى خصومه المحليين.
يبدو الأمر كما لو أن ابن سلمان قد تعلم هذا القانون جيدًا في المملكة العربية السعودية، والتي يجب أن تسفك أكبر قدر من الدماء من أجل تحقيق أقصى قدر من السلطة. وفقًا لبن سلمان، فإن إعدام 81 شخصًا هو الآن رسالة واضحة لخصومه المحتملين داخل المملكة العربية السعودية ليقول بصوت عالٍ إنه لا يمزح مع أي شخص في مسألة الوصول إلى عرش المملكة وأنه يمكن بسهولة قطع رأس 81 شخصًا في يوم واحد. لقد سمم ولي عهد السعودية بفعله غير المسبوق عيون كل خصومه ليفهموا أن لا صوت للمعارضة يمكن رفعه أمام حكمه. كما يُتهم ولي العهد السعودي الشاب من قبل حلفائه الغربيين وحتى في الولايات المتحدة بقتل صحفي في القنصلية السعودية في اسطنبول بتركيا. حيث لا تزال قصة اغتيال "جمال خاشجي" مستعرة حتى بعد 5 سنوات من تولي بن سلمان لولاية عهد السعودية. لكن بشجاعته المتهورة، أعدم 81 شخصًا في يوم واحد لتحدي كل انتقادات من الغرب ورفاقه الأمريكيين.
مع عمليات الإعدام الواسعة النطاق، أمام انتقادات بعض سلطات حقوق الإنسان، يريد بن سلمان أن يثبت للغرب أن قضايا حقوق الإنسان لا مكان لها في حساباته لمستقبل المملكة العربية السعودية كما هو الحال اليوم وفي الماضي. انتشر خبر الإعدام الجماعي في السعودية على الفور في وسائل الإعلام السعودية لدرجة أنه طريقة نشرها سريعاً بهذه الصورة قد تبدو متعمدة.
من الواضح أن الجانب الدعائي لهذا الإعدام الجماعي بالنسبة للقادة السعوديين كان مهمًا للغاية، وهم ينشرون الأخبار بلا خجل ودون القلق بشأن العواقب المحتملة، ومباشرة بعد ساعات قليلة من التنفيذ. كأن ابن سلمان يريد أن يقول إنه حتى انتقاد حقوق الإنسان الغربية لا معنى له ولا قيمة له، وأنه شد قبضته ليتبع خطى والده، حتى لو كان اعتلاؤه للعرش كحليف للغرب سيسبب وصمة عار كبيرة لهم.