الوقت-قال الرئيس اللبناني ميشال عون إنّ "الشبهات بدأت تحوم" حول حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، بعد أن أحجم عن تزويد شركة "الفاريز إند مارسال" بالمستندات، مشيراً إلى أنّ "عدم تعاونه كلفنا 150 ألف دولار كبند جزائي".
وفي حديث لصحيفة "الأخبار" اللبنانية، قال الرئيس عون إنّ "سبب إصدار البيان الرئاسي الأخير يعود إلى أنّ سلامة يتجاهل لائحة المستندات التي طالبته بها الشركة".
وتابع: "عدنا مع الشركة نفسها مجدداً، ولا نزال ندور في الحلقة نفسها، يوماً يسلم الشركة مستنداً ويوماً يخبئه عنده"، مضيفاً أنّ سلامة "تجاهل لائحة المستندات التي طالبته بها، إلى أن اضطرت الرئاسة إلى إصدار بيانها الأخير".
واعتبر الرئيس اللبناني أنّه "من غير الطبيعي أن يرفض مصرف لبنان ما يطالب به مجلس الوزراء من مدّ الشركة بالمستندات"، مؤكداً أنّ سلامة الآن متهم و"لم تعد المسألة أنّه يعرقل القرار السياسي ويرفض تنفيذه".
وحول إمكانية خلع سلامة، في آخر سنة من رئاسته، أجاب عون: "لا علاقة للأمر بذلك، بل بما آلت إليه حال مصرف لبنان الذي ارتكب أخطاء جسيمة وفراغه من احتياطه"، مضيفاً أنّ "إدارته كانت سيئة، لذلك اتخذنا في مجلس الوزراء قراراً في 26 آذار/مارس 2020، بإجراء تدقيق جنائي يوضح مصدر الخسائر والمسؤولين عنها، لم تكن لدينا فكرة مسبقة أن نكون ضد الرجل، انطلقنا في التدقيق الجنائي بإبرام عقد مع الشركة".
وتابع: "خلال هذه المرحلة، تبين لنا أنّ ثمة اتهامات وشكاوى موجهة إليه، عليه أكثر من ادعاء، أولها من سويسرا التي طلبت من القضاء اللبناني مساعدة للحصول على معلومات"، مشدداً على أنّ "هذا الطلب ينسجم مع معاهدة دولية وقعها لبنان، لذلك فتح القضاء اللبناني تحقيقاً موازياً كشف لنا عن مسائل مهمة وخطيرة".
وأكد عون أنّ القضاء اللبناني "سلّم نظيره السويسري ما طلبه، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد فتدحرجت الكرة"، مضيفاً أنّ فرنسا طلبت أيضاً مساعدة قضائية، تبعتها إنجلترا ثم ألمانيا ثم لوكسمبورغ وبلجيكا.
وأضاف أنّ "كل هذه الدول فتحت دفعة واحدة دفاتر الحاكم. تبيّن ما هو أكثر، وهو أنّ له في الخارج موجودات شخصية لن أقول حجمها، لكنها تحرز أكثر مما يتوقع. وجهت إليه اتهامات، ولأنّها اتهامات لن أفصح عنها".
كما تحدث عون عن صعوبات داخلية وصفها بـ"حمايات سياسية"، قائلاً: "ثمة صعوبات داخلية أختصرها بكلمة حمايات سياسية له تحول دون تعليق عمله، فهو ليس وحده بل هو جزء من مجموعة".
وأضاف: "لذلك لا يستطيع مجلس الوزراء اتخاذ موقف منه، الوقت كفيل بتفكيك هذه الحمايات، ورهاننا الأول هو القضاء"، مؤكداً أن "موقفي منه ليس ثأراً ولا انتقاماً، بل مصلحة عامة مرتبطة بما وصلنا إليه وهو أننا في دولة مفلسة وأموال المودعين في مهب الريح".
الرئيس اللبناني لفت إلى أنّ "هناك أحد ما مسؤول عن إفلاس البلد وإدارة النقد الوطني وسلامته والمحافظة عليه. هذه مسؤولية مصرف لبنان وحاكميته المفترض أن تقدّم سنوياً تقريراً إلى وزير المال عن أعمالها"، مؤكداً أنّّ "هذا ما لم يحصل منذ سنوات".
وتابع: "لا أجد سبباً لتهرّبه من التدقيق الجنائي ورفضه المثول أمام القضاء، فعدم مثوله يعزز الشبهات والشكوك. حتى لو صحّ أنه مغطى بحمايات، يقتضي ألا يقال ذلك"، مضيفاً أنّ "البعض يطلب بإبطاء التحقيق معه ريثما ينجز التفاوض مع صندوق النقد الدولي".
وشدد الرئيس اللبناني على أنّ "الحاكم وحده يعرف كل ما في مصرف لبنان، والأهم في الأمر هو استجوابه والرد على علامات الاستفهام والاتهامات المساقة إليه، لكنه لا يمثل"، مشيراً إلى أنّ "هناك اتهامات موجهة إليه بالتصرّف بالمال العام، ثمة إدانة. أنا أدرك أنّ الصعوبات كبيرة. الرجل ليس وحده في المعترك، وراءه مسؤولون آخرون".
وأصدرت المدعية العامة في محافظة جبل لبنان، القاضية غادة عون، في الثالث من الشهر الجاري، قراراً قضى بمنع تصرف حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في عقارات جديدة يملكها.
كذلك فتحت السلطات القضائية في لوكسمبورغ، في وقت سابق، قضية جنائية تتعلق بثروة سلامة. كما أجرى القضاء الفرنسي، تحقيقاً بشأن حسابات سلامة، في حزيران/يونيو 2021، على خلفية مزاعم تتعلق باتهامه بغسيل الأموال.