الوقت- من سبتمبر إلى ديسمبر 2020، بدأت الدول الأربع الإمارات العربية المتحدة والبحرين والسودان والمغرب علاقات دبلوماسية رسميًا مع الكيان الصهيوني. وصفت تيارات غرب آسيا هذه العلاقة -المعروفة باسم تطبيع العلاقات- لسنوات على أنها أفق المثل العليا للبلدان.
لكن الآن، بعد عام ونصف العام من تنفيذها، يُظهر أن هذا التطبيع ليس فقط ليس مثاليًا، ولكنه علاقة أحادية الاتجاه، ومع مرور الوقت، ستصبح اشبه بالمستنقع، حيث تحاصر أطراف الكيان الصهيوني الطرف الآخر وتدمره من الداخل.
تسلل الكيان الصهيوني الإلكتروني
كانت النقطة الأولى التي تم اتباعها بعد تطبيع العلاقات من قبل الصهاينة هي مجال السيبرانية والتكنولوجيا الفائقة، ويسجل الكيان الصهيوني في مجال شركات التكنولوجيا الفائقة والتكنولوجيا الإلكترونية أكبر عدد من الشركات الناشئة. القادة المهيمنون على هذه الشركات هم القادة العسكريون والأمنيون والمتقاعدون في الكيان الصهيوني. هذه الشركات، في شكل مؤسسات خاصة، تنشئ فروعًا في البلدان التي أقيمت معها علاقات جديدة. الخطوة الثانية هي اختراق البنية التحتية السيبرانية وتكنولوجيا البلدان المضيفة، فهي تخترق البنية التحتية للدول المضيفة من خلال إبرام العقود وتبادل المعلومات والتعاون ظاهريًا مع الشركات المحلية. نتج عن هذا الوضع نشر أخبار ومعلومات خلال العام ونصف العام الماضيين حول تسلل برامج التجسس المختلفة للشركات الناشئة التابعة للكيان الصهيوني في الدول العربية، Pegasus هو أشهر هذه البرامج الذي كانت يذكر في هذه الاخبار. والآن تشعر دول عربية مثل الإمارات والمغرب ومصر بالقلق من هذا التسلل والتوسع في ظل وجود برامج التجسس الخطيرة هذه، ومعظم قلقهم أنهم لم يعودوا قادرين على المقاومة ومنع هذا التسلل.
عدم وجود دعم عسكري وأمني
الخطوة الثانية للصهاينة هي إقامة رقابة شديدة على المجالات العسكرية والأمنية على الدول العربية، لقد وضع الصهاينة مبدأً في المجالين العسكري والأمني يجسد جميع قراراتهم بعدم حصول أي دولة على معدات من شأنها تقويض التفوق العسكري للكيان في المنطقة. وبهذا النهج عرقل الصهاينة بشدة العلاقات الأمنية والعسكرية الثنائية مع الدول العربية. في بداية تطبيع العلاقات، منع الصهاينة بيع مقاتلات أمريكية من طراز F-35 للإمارات. منذ ذلك الحين، تحفظوا على صفقات أسلحة بين الولايات المتحدة والإمارات العربية المتحدة، خشية وصول الأسلحة إلى الإمارات مما يقوض التفوق العسكري الصهيوني. وفي الأيام الأخيرة، رفضوا بيع أنظمة "مقلاع داوود" و "القبة الحديدية" للإمارات، فيما تتعرض الإمارات لضربات صاروخية وطائرات مسيرة من قبل المقاتلين اليمنيين. في هذا الصدد، لم يتمكن المغاربة إلا أن يوقعوا اتفاقية عسكرية – أمنية مع بعضهم البعض، مما أدى إلى تواجد قوات الأمن الإسرائيلية دون عوائق في المغرب وفتح المياه المغربية للصهاينة، ولا شيء للمغرب، بينما يراوغ الكيان الإسرائيلي ويماطل حتى الآن ببيع أنظمة دفاعية للمغرب.
حضور الأخطبوط الصهيوني في الساحة الاقتصادية
في المجال الاقتصادي نجح عدد من الشركات الإماراتية في إبرام عقود اقتصادية مع الكيان الصهيوني، لكن عدد الشركات الصهيونية الموجودة في الإمارات أكثر بكثير من الشركات الإماراتية. وفي هذا الصدد، عارضت إسرائيل خطة الإمارات لنقل الطاقة عبر فلسطين إلى البحر الأبيض المتوسط ، وتخلت عنها، الأمر كان سيعود بالفائدة على الإمارات. في هذا المجال، إضافة إلى بعض اتفاقيات التجارة الخاصة، يمكن أن يكون وجود عدة آلاف من السياح الصهاينة هو الفائدة والدخل الوحيد للشعب الإماراتي من اتفاقية التطبيع، وهي قضية لم تستفد منها البحرين والمغرب كثيرا، ولم يستفد منها السودانيون بشكل كامل. في الوقت نفسه، يسعى الصهاينة إلى تحقيق مصالح الاقتصاد الكلي من خلال الدول العربية، ومع تاريخهم، يبدو من غير المرجح أنهم سيعيدون القدر نفسه من الأرباح إلى الدول العربية.
ما يريده الصهاينة من تطبيع العلاقات
للصهاينة هدفان رئيسيان في تطبيع العلاقات، ليست فقط غير مفيدة للدول العربية فحسب، بل يتسببان في خسائرها وهي:
1) إنهاء العزلة الإقليمية والدولية
الكيان الصهيوني مقاطع بشدة من قبل الدول الإسلامية والعربية، ولا توجد دولة مستعدة لإقامة علاقات معها. حتى الرياضيون المسلمون في البلدان التي لها علاقات مع الكيان الصهيوني ليسوا على استعداد لدخول مجال الرياضة والمسابقات مع رياضيين الكيان الصهيوني. من خلال تطبيع العلاقات، يعتزم الصهاينة إزالة هذه العزلة، التي يرى مراقبون سياسيون أن تطبيع عدد محدود من الحكومات العربية العميلة لن يحل هذه المشكلة. وهذا سيجعل هذه الدول فقط تصوت للكيان الصهيوني على الساحة الدولية والأمم المتحدة، وهو ما لن يحصلوا على أي شيء مقابله.
2) نشر الثقافة الصهيونية والصهيونية في المجتمعات الإسلامية والعربية
ومن أجل القضاء على العزلة التي يجدون أنفسهم فيها، يسعى الصهاينة إلى إلغاء المقاطعة التي يجدون أنفسهم فيها من داخل المجتمع الإسلامي والدول العربية، لذلك يريدون إظهار وجودهم في المجتمعات الإسلامية والعربية كشيء طبيعي والخروج تدريجياً من زاوية الانعزال، وهذا يتماشى مع الغزو الثقافي ومحاولة الغرب لعلمنة المجتمعات الإسلامية والعربية، وهم يسعون وراء هدف مشترك.
وفقًا لتعاليم الصهيونية، لا ينبغي بأي حال من الأحوال أن يستفيد المسلمون والعرب الذين يُعرفون بأنهم أعداء في معتقداتهم، وإذا فعلوا ذلك، فقد ارتكبوا ذنبًا كبيرًا. لذلك، لا بد من القول إنه لن تستفيد أي دولة من تطبيع العلاقات مع الصهاينة، فهذا الربح سيكون لجانب واحد ومن جانب واحد. تطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني الذي يتمثل مشروعه في تشكيل حكومة من النيل إلى الفرات وهذا يعني، أي منطقة غرب آسيا بأكملها، أن إعطاء السيطرة لأولئك الذين يريدون ابتلاع أرض الأمم الإسلامية، يشبه فتح الباب أمام اللصوص الذين خططوا منذ فترة طويلة لإخلاء المنزل بالكامل والاستيلاء عليه.