الوقت - خرج الآلاف من السودانيين في العاصمة وأحيائها يوم الاثنين، للتظاهر مجددا ضد الانقلاب العسكري الذي نفذه قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان قبل ثلاثة أشهر فقامت قوات الشرطة باطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريقهم.
وأفاد صحافيون بأن آلاف المتظاهرين تجمعوا في مسيرة إلى قصر الرئاسة وسط الخرطوم، كما خرج محتجون إلى شوارع مدينة أم درمان غرب العاصمة للمطالبة بحكم مدني ومحاسبة المسؤول عن مقتل المتظاهرين الذين سقطوا منذ بدء الاحتجاجات ضد الانقلاب وقد بلغ عددهم 73 شخصا على الأقل.
وقامت قوات الشرطة باطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق المحتجين في شارع القصر الجمهوري، حسب صحافيو فرانس برس. وامتدت الاحتجاجات إلى أبعد من الخرطوم.
وفي ود مدني عاصمة ولاية الجزيرة على بعد 186 كلم جنوب الخرطوم، قال عماد محمد أحد شهود العيان لفرانس برس عبر الهاتف “تجمع حوالي ثلاثة آلاف شخص في وسط المدينة يحملون أعلام السودان وصور الذين قتلوا أثناء الاحتجاجات”. وأضاف “هتف المتظاهرون لا لحكم العسكر .. مدنية قرار الشعب”.
وفي ولاية القضارف والتي تبعد 450 كلم شرق الخرطوم، قالت أمل حسين “تظاهر حوالي أربعة آلاف شخص وهم يهتفون ضد الحكم العسكر ولمدنية الدولة”.
وفي بيان الأحد أكد حزب الأمة القومي، أكبر الأحزاب السياسية في البلاد، على وقوفه “بصلابة وعزم مطالبين بتنحي رأس الانقلاب وكامل سلطته الانقلابية فورا وإزالة كافة آثار انقلاب 25 أكتوبر(تشرين الأول)”.
وأرجع الحزب ذلك الموقف إلى “ابتداع أشكال جديدة بارتكاب المجازر العنيفة (ضد المتظاهرين) واعتقال الثوار بكثافة وغيرها ..”.
وشهدت شوارع العاصمة على مدار الفترة الماضية توقيف مئات من النشطاء والمتظاهرين من قبل سلطات الأمن خصوصا خلال أيام الاحتجاجات.
ويشهد السودان احتجاجات متواصلة تتخللها اضطرابات وعنف منذ الانقلاب الذي أطاح خلاله البرهان بالمدنيين الذين تقاسموا مع الجيش السلطة بعد سقوط الرئيس السابق عمر البشير.
وقالت لجنة “أطباء السودان”، الثلاثاء، إن 3 قتلى و169 إصابة، حصيلة “استهداف قوات الأمن” لتظاهرات الاثنين، في العاصمة الخرطوم ومدينة ود مدني، وسط البلاد.
جاء ذلك في بيانين للجنة (غير حكومية)، فيما لم يصدر أي إعلان عن السلطات السودانية بهذا الخصوص حتى الساعة (06:20 تغ).
وأفادت اللجنة، بأن “3 مدنيين فقدوا أرواحهم نتيجة إطلاق النار المباشر بالذخيرة الحية من قبل قوات الأمن خلال الاحتجاجات السلمية المناهضة للانقلاب”.
وأوضحت أن شخصين قتلا خلال تظاهرات الخرطوم، والثالث في مدينة ود مدني، عاصمة ولاية الجزيرة.
وذكرت أن “عدد الإصابات جراء استهداف قوات الأمن للمتظاهرين بلغ 169 بينهم 32 بالرصاص الحي ومنهم مصابان حالتهما الصحية غير مستقرة”.
وبينت أن عدد الإصابات بالخرطوم بلغ 166، و3 في ود مدني.
وعادة لا تصدر وزارة الصحة بيانات بخصوص ضحايا التظاهرات في البلاد التي تطالب بـ”الحكم المدني” منذ أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
وتنفي الشرطة استخدام الرصاص الحي وتقول إن ضابطا طعن على أيدي متظاهرين خلال الاحتجاجات الأخيرة، ما أدى الى وفاته، بالاضافة إلى اصابة العشرات من أفراد الأمن.
وفي السياق أكد الأمين السياسي لحزب الأمة القومي، محمد المهدي، أنهم لن ينخرطوا في أي حوار مع قادة الانقلاب، مشيرا إلى مخاطبة الحزب للمجلس العسكري وتقديمه خريطة طريق لحل الأزمة، لكن بالمقابل العسكر لم يردوا عليها ويواصلون التمادي والانتهاكات.
وأضاف: يجب أن تقدم القوات المسلحة السودانية قيادات جديدة لمواصلة الطريق، لأن هؤلاء لا يريدون أن يخطوا خطوة للأمام.
بدوره قال عضو تنسيقيات لجان المقاومة في مدينة ود مدني، محمد الهادي: «خرجت مواكب هادرة من الأحياء، مواكب ملأت الشوارع هتافا وغضبا وتوجهت جميعها إلى منزل الشهيد محمد فيصل، حيث انعقدت مخاطبة هناك، وبعدها توجهت المواكب إلى منزل أسرة محمد المني المعتقل ضمن المتهمين في قضية مقتل الضابط علي بريمة، في تظاهرات 13 يناير/كانون الثاني في الخرطوم» مؤكدا أن «السلطات تحاول تلفيق التهم للمتظاهرين وأنها تحاول تأكيد ادعاءاتها بعدم سلمية الثورة».
وأضاف: «نحن متمسكون بسلميتنا ولن نتراجع عن التصعيد حتى الإفراج عن محمد المني ورفاقه وتحقيق القصاص للشهداء وإسقاط الانقلاب وصولا للسلطة المدنية الكاملة».
ولفت إلى أن «السلطات سحبت الحراسات الأمنية من أمام المؤسسات الرسمية في مدينة ود مدني» متوقعا أن «تكون محاولة جديدة من العسكريين لتخريب المؤسسات وتلفيق تهم للمتظاهرين» حسب الهادي.
وأضاف: «أصيب شخص بعبوة غاز مسيل للدموع في الكتف، خلال قمع الأجهزة الأمنية لتظاهرات الإثنين» مؤكدا مواصلة التصعيد في مدينة ود مدني، حتى إسقاط الانقلاب.
وأشار إلى أن تنسيقيات لجان المقاومة في المدينة قدمت قبل أيام مقترح مسودة إعلان سياسي وعرضتها للنقاش بين السودانيين، مبينا أن الهدف منها توحيد القوى الثورية الرافضة للانقلاب من لجان مقاومة وأجسام نقابية ومطلبية وأحزاب في كل السودان، وتكوين جبهة مقاومة عريضة لهزيمة الانقلاب.
وكان البرهان، الذي يرأس مجلس السيادة المشرف على العملية الانتقالية، أطاح بالمدنيين من السلطة، ثم أعاد رئيس الوزراء عبد الله حمدوك إلى رأس الحكومة تحت ضغط دولي وبناء على اتفاق سياسي رفضه الشارع رفض واعتبره “خيانة”، فاستقال حمدوك وقُبلت استقالته.
ومنذ 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، يشهد السودان احتجاجات ردا على إجراءات استثنائية اتخذها قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، أبرزها فرض حالة الطوارئ وحل مجلسي السيادة والوزراء الانتقاليين، وهو ما تعتبره قوى سياسية “انقلابا عسكريا”، في مقابل نفي الجيش.