الوقت - أعلنت حكومة طالبان حديثة المنشأ، أو على وجه التحديد "الإمارة الإسلامية"، عن زيارة وزير خارجية الحرکة، أمير خان متقي، إلى طهران.
وتأتي هذه الزيارة في وضع يواجه فيه المجتمع الأفغاني المشاكل العديدة ويحتاج هذا البلد إلى دعم دولي للتحرك نحو الاستقرار الداخلي وحل الأزمة الاقتصادية من ناحية.
ومن ناحية أخرى، يتابع المجتمع الدولي، وخاصةً جيران أفغانستان، التطورات في هذا البلد المهم في آسيا الوسطى بحساسية وقلق، بسبب عواقب الانسحاب غير المسؤول للقوات الأجنبية بقيادة الولايات المتحدة من أفغانستان.
وقد أدى هذا الموضوع إلى عقد العديد من المؤتمرات الإقليمية والدولية حول التطورات في أفغانستان في الأشهر الأخيرة.
وفي مثل هذه الظروف، من الممكن أن تكون زيارة وزير خارجية طالبان لطهران لهدفين.
أهمية دور إيران بالنسبة لطالبان
حكومة طالبان الجديدة، وعلى الرغم من ترديد العديد من الشعارات حول عدم احتکار السلطة، مراعاة معايير حقوق الإنسان بالنسبة للأقليات الدينية والعرقية، التعامل بجدية مع المخاوف الإقليمية والدولية بشأن منع انتشار الجماعات الإرهابية على الأراضي الأفغانية، فضلاً عن عدم تحويل هذا البلد إلى ساحة تهديد لمختلف الجهات الإقليمية وعبر الإقليمية ضد مصالح الجهات الفاعلة الأخرى، لكنها لم تنجح كثيرًا في كسب الثقة الدولية وتعزيز الرغبة في الاعتراف بها من قبل الدول الأخرى.
وقد جعل هذا الوضع السعي للحصول على الاعتراف الدولي، أحد أهم أهداف وزارة خارجية حكومة طالبان وتحركاتها الدبلوماسية.
في غضون ذلك، يمكن لإيران أن تلعب دورًا مهمًا في تسهيل عملية المصالحة الوطنية في أفغانستان بعد انسحاب القوات الأجنبية، وكقوة إقليمية وبلد له علاقات دولية واسعة، يمکنها تعزيز عملية القبول الدولي للحكومة الجديدة.
وفي هذا الصدد، قال بهادور أمينيان، سفير إيران في كابول، في مقابلة حصرية مع "طلوع نيوز" الأسبوع الماضي: "إذا تم الاعتراف بالحكومة الجديدة في أفغانستان من قبل إيران، فإن روسيا والصين ودول آسيا الوسطى وبعض الدول العربية ستعترف أيضًا بهذه الحكومة". وشدد أمينيان على أنه إذا غيرت كابول هيكل الحكومة، فيمكن لطهران تشجيع الآخرين على الاعتراف بها.
ومع ذلك، قبل اتخاذ أي إجراء للاعتراف بحكومة طالبان، تتابع إيران عن كثب قضايا تعزيز السلام في أفغانستان، من خلال الحوار بين الأفغان وتشكيل حكومة وطنية شاملة، بما يتماشى مع المجتمع الدولي، وبالطبع مع حساسية أكبر.
من الواضح أن طهران في الوقت الحالي لم تتوصل إلى مثل هذا الاستنتاج بأن الشروط اللازمة للاعتراف بطالبان قد توفرت، كما أكد أمينيان في المقابلة: إن "الحكومة الجديدة ليست شاملةً في افغانستان، ولا يمكن لطهران الاعتراف بهذه الحكومة بهذه الطريقة ... ولهذا السبب ندعو بدافع الخير حكام طالبان إلى تشكيل حكومة شاملة".
ليس سراً أنه في الماضي لم تكن هناك علاقات جيدة بين إيران وحكومة طالبان. لكن محاولة طالبان أن تثبت للعالم أنها لا تسعى إلى احتكار السلطة وتكرار أخطاء الولاية الأولى للجماعة في السلطة في أواخر القرن العشرين، وضرورة مساعدة الشعب الأفغاني عن طريق إرسال مساعدات إنسانية في مواجهة العقوبات الأمريكية والأزمة الاقتصادية، إلى جانب القضايا الهامة الأخرى مثل منع ظهور تهديدات إرهابية لاستقرار أفغانستان والمنطقة، وضرورة ضمان أمن الحدود، واللاجئين وطالبو اللجوء الأفغان والمخدرات، کلها عوامل قد مهدت الطريق لعلاقات دبلوماسية غير رسمية بين طهران وكابول في حقبة ما بعد حکم طالبان في أفغانستان.
من ناحية أخرى، تعود أهمية العلاقات مع إيران للحكومة الأفغانية الجديدة إلى فوائد التعاون الاقتصادي.
تم اعتبار حل المشاكل الاقتصادية الكبرى في أفغانستان على رأس أولويات طالبان، ومع وجود تحديات کبيرة مثل العقوبات الغربية، وهروب رؤوس المال، والاضطرابات المحلية، وعدم يقين المستثمرين الدوليين بشأن حالة الاستقرار في هذا البلد، وما إلى ذلك، فإن الطريق صعب للغاية.
في هذه الأثناء، يمكن لإيران، كجسر بين أفغانستان والغرب ووصول هذا البلد غير الساحلي إلى المياه الدولية المفتوحة، أن تكون شريكًا اقتصاديًا مهمًا لكابول في مختلف المجالات. کما كانت طهران دوماً الشريك الاقتصادي الأقرب لأفغانستان، ولها حضور قوي في سوق هذا البلد.
الآن أيضًا، وعلى الرغم من التغييرات السياسية المهمة في كابول، يمكن لإيران استخدام الظروف الجديدة لتوسيع التعاون مع أفغانستان.
كما قال محمود سيادت، نائب رئيس غرفة تجارة مشهد، في مقابلة مع وكالة أنباء الطلبة الإيرانية في يوليو 2021: "خلال سنوات حضور التحالف بقيادة الولايات المتحدة في أفغانستان، تم منع المشاركة الفعالة لشركات ومؤسسات الجمهورية الإسلامية في المشاريع الفنية والهندسية والاستثمارية، والآن تمت إزالة هذه العقبات".
وبناءً على ذلك، عُقد في الأول من كانون الثاني(يناير) من هذا العام، أول اجتماع عبر الإنترنت للغرف الإيرانية-الأفغانية بعد سيطرة حركة طالبان في هذا البلد، بحضور رؤساء الغرف الإيرانية الأفغانية. واتفق الجانبان على مختلف القضايا وهي:
1. إنشاء الغرفة الأفغانية الإيرانية المشتركة، وتقديم الأعضاء المقترحين لهذه الغرفة من قبل غرفة أفغانستان،
۲. إنشاء لجنة الاستثمار والخدمات الفنية والهندسية،
3. متابعة توقيع اتفاقية التعرفة التفضيلية بين إيران وأفغانستان من خلال الوزارات المختصة في الجانبين،
4. تسهيل إصدار التأشيرات للمشغلين الاقتصاديين الأعضاء في غرفتي البلدين، وبخطاب استقدام من غرفتي البلدين،
5. زيادة التعاون عبر الحدود من خلال توقيع اتفاقيات تعاون بين الغرف الحدودية الإيرانية في بيرجند وزاهدان ومشهد، مع الغرف النظيرة في هرات ونمروز وفرح،
6. إنشاء لجنة التعاون التعديني،
7. تشكيل لجنة مشتركة للتعاون في قطاع الطاقة تشمل النفط والغاز والبتروكيماويات والكهرباء.
والآن أيضاً، وضع مسؤولو طالبان القضايا الاقتصادية على رأس جدول أعمال الوفد الزائر لطهران، ويضم وفد طالبان أيضًا رؤساء وزارات الاقتصاد والصناعة والتجارة الأفغانية ومساعدين لعدة وزارات اقتصادية.
وحسب وسائل الإعلام، سيتم خلال الزيارة التوصل إلى اتفاقيات حول مختلف القضايا الاقتصادية والتجارية، مثل التعاون المصرفي والأسواق الحدودية والتعدين والتعاون التجاري والرياضي.