الوقت- يعتقد الكثير من الخبراء ان العالم اليوم يشهد تغييرات جيوسياسية كبيرة فصعود الصين في شرق آسيا و البرازيل في امريكا اللاتينية و المانيا في اوروبا و الهند في آسيا و روسيا في شرق اوروبا و ايران في غرب آسيا تسبب بتغيير "المنظومة" الامريكية التي حكمت العالم لعقود.
ان المنظومة الامريكية في غرب آسيا تمثلت منذ عام 1973 بتواجد الامريكيين في هذه المنطقة لدعم الكيان الاسرائيلي لكنها قد انهارت الان و كانت هذه المنظومة ترتكز على بث العداء و التوتر و النزاعات في المنطقة و حاولت اسقاط الحكومات المعادية لامريكا لكن الامريكيين قد فشلوا حتى في تنفيذ هذا المخطط في المنطقة في الوقت الراهن وقد وصل الامر الى ان يعلن احد الساسة الامريكيين من دعاة الحرب وهو زبغينيو بريجينسكي معارضته لأية حرب جديدة مخاطبا اعضاء الكونغرس الامريكي الذين وجهوا رسالة الى قائد الثورة الاسلامية آية الله السيد علي الخامنئي، بأن التلاعب بالاتفاق النووي مع ايران يعني التلاعب بالنار مضيفا بأن اندلاع حرب جديدة لاتؤمن المصالح الامريكية.
ان الامور التي ذكرناها تثبت بأن العام لم يسير مثلما اراد الامريكيون وان منظومة جديدة اصبحت الان سائدة في المنطقة و هي منظومة الديمقراطية وارادة الشعوب وصون العزة والاستقلال والعلاقات الودية وهي المنظومة التي تدعو اليها ايران التي تؤكد ان سياساتها تختلف عن سياسات الامريكيين 180 درجة.
ان التجارب في المنطقة قد اثبتت ان الاسلوب والمنهج الذي تتبعه ايران هو السبيل الأنجع لحل المشاكل و الازمات في المنطقة ولذلك نرى كيف اصبح الغرب مجبرا على دعوة ايران الى اجتماع فيينا لحل الازمة السورية بعدما اكتشف هؤلاء عجز وعقم سياساتهم في المنطقة.
التوافق الايراني الروسي والتغيير الجيوسياسي في المنطقة
شهدت الشهور الماضية تطورا كبيرا في المنطقة و هو انضمام روسيا الى محور المقاومة و الممانعة لمحاربة الجماعات الارهابية في سوريا وبعد بدء الغارات الروسية في سوريا واعلان التنسيق مع ايران دق مسمار في نعش المنظومة الامريكية، و قد كتب الكاتب فريد زكريا في صحيفة واشنطن بوست ان فلاديمير بوتين اصاب السياسة الخارجية الامريكية بالضعف و الشلل مضيفا بأن الكتاب الامريكيين يشاطرونه الرأي بأن بوتين اصبح هو الذي يقود الامور وان النفوذ الامريكي بات في الحضيض.
ويأسف هنري كيسينجر ايضا من التحالف الجديد الذي تشكل في المنطقة و يعبر عن قلقه من تمزيق المنظومة الامريكية و يقول : ان حضور القوات الروسية في المنطقة مهما تكن دوافع ذلك و مشاركتهم في العمليات الحربية سيضع السياسة الامريكية في منطقة الشرق الاوسط امام تحديات وهي سياسة لم تشهد تحديات امامها طوال 4 عقود.
ومن جهته يعتقد مسؤول برنامج مجلس العلاقات الدولية الروسية ايفان تيموروف ان الاستراتيجية الروسية الجديدة في سوريا قد غيرت معظم المعادلات في المنطقة و فتحت الاجواء امام تغييرات جديدة، و يضيف تيموروف ان روسيا تتحول الان الى لاعب سياسي وعسكري نشط في خارج حدودها رغم ان هذا الدور سيكون محدودا نظرا للمضايقات التي تشكو منها روسيا.
ويبدو ان الامريكيين باتوا الان قلقين من الحلف الايراني الروسي الذي تسبب بزعزعة نظام توازن القوى الامريكي في غرب آسيا والذي كان دائما لصالح امريكا وحلفائها وقد وصلت خطورة هذا الامر الى حد خرج فيه ساسة امثال كيسنجر عن صمتهم وباتوا يطلقون التحذيرات.
ان زيارة بوتين الى ايران ولقائه مع قائد الثورة الاسلامية ايضا يندرج في هذا الاطار فهذا اللقاء يظهر من جهة دور ايران الاساسي في المنطقة ومن جهة اخرى يخبر الجميع بأن منظومة جديدة تتبلور الان في المنطقة وهي على نقيض كامل مع المنظومة الامريكية و باستطاعتها تغيير المعادلات ليس فقط اقليميا بل دوليا ايضا.