الوقت- لقد مثّل العام 2021، منعطفاً حاسماً على صعيد المعركة، تفوقت فيه الكفة اليمنية بشكل واضح وإلى الحد الذي اقلق النظام السعودي، ومن ورائه أمريكا وإسرائيل الذين حاولوا إعادة صيغة المُدخلات للمعادلة، ولكن قوات الجيش واللجان الشعبية قد تمكنت من فرض صيغتها، لتفشل محاولات التصعيد والتضييق، والتلويح بعبارات عقابية، ولتصل المقذوفات اليمنية إلى العمق السعودي. ولقد كشفت القوات المسلحة عن تفاصيل عملية "فجر الصحراء" العسكرية الواسعة التي تكللت بتحرير منطقة اليتمة ومحيطها في محافظة الجوف، بمساحة 1300 كيلو متر مربع، والتي تضاف إلى رصيد ملاحم الدفاع عن سيادة واستقلال البلد، لا سـيـما وأن المنطقة كانت محط أطماع النظام السعودي منذ ما قبل العدوان على اليمن.
وحول هذا السياق، أوضح ناطق القوات المسلحة، العميد "يحيى سريع"، أن العملية جاءت بعد وضع خطة دقيقة وتحديد للمهام العملانية وإعداد متكامل وتنسيق بين مختلف الوحدات القتالية للجيش واللجان الشعبية.
وأشار إلى أن وحدات الجيش واللجان نجحت خلال الساعات الأولى في إرباك العدو الذي لجأ إلى الدفع بالمزيد من المرتزقة إلى الخطوط الأمامية ليقعوا فريسة لنيران الجيش واللجان الشعبية. وكشف متحدث القوات المسلحة أن طيران العدوان الأمريكي السعودي شن أكثر من 60 غارة لإسناد المرتزقة، لكنه لم يفلح في إعاقة تقدم المجاهدين. وأوضح سريع أن الخسائر البشرية في صفوف مرتزقة العدوان بلغت خلال العملية، 35 قتيلاً، و37 جريحاً، إضافة إلى أسر 45 مرتزقاً، فيما بلغت الخسائر المادية 15 آلية ومدرعة تم تدميرها وإعطابها، إلى جانب كميات كبيرة من الأسلحة المتوسطة والخفيفة التي اغتنمها المجاهدون.
وعرض الإعلام الحربي، مشاهد مصورة وثقت جانباً من مجريات العملية الواسعة، بما في ذلك الضربات المسددة التي وجهتها قوات الجيش واللجان الشعبية على مواقع وتحصينات وتجمعات وآليات المرتزقة، كما وثقت لحظات فرارهم بشكل جماعي من أرض المعركة، والتعامل الإنساني الأخلاقي مع أسراهم ومصابيهم، والذي يقابله العدو دائماً بجرائم وحشية جبانة بحق أسرى الجيش واللجان الشعبية.
ووثقت عدسة الإعلام الحربي أَيضاً الترحيب الكبير الذي حظي به المجاهدون من قبل أبناء المنطقة والذي يؤكد تزايد حجم الالتفاف الشعبي حول قوات الجيش واللجان في معركة التحرير الشاملة. وعرضت المشاهد جانباً من العتاد العسكري المتنوع الذي اغتنمه أبطال الجيش واللجان الشعبية والذي تضمن أعداداً من الأطقم العسكرية والمدرعات التي خلفها العدو وراءه وكميات كبيرة من الذخائر والأسلحة المتوسطة والخفيفة، والتي تؤكد على أنه كان يستخدم تلك المنطقة كقاعدة عسكرية لقواته.
ومرة أُخرى، برزت شعارات ما يسمى مركز سلمان الإغاثي داخل مخازن العتاد العسكري، في دليل إضافي يضاف إلى قائمة طويلة من الأدلة التي تؤكد بشكل قاطع أن تحالف العدوان يستخدم العمل الإنساني والإغاثي كغطاء لممارسة النشاط العسكري، وتقديم الدعم لقواته ومرتزقته في الميدان. كما تضمنت المشاهد تصويرًا جويا بعدسة سلاح الجو المسير، لبعض المناطق التي تم تحريرها ومنها سوق اليتمة على الخط الدولي.
وكشف العميد يحيى سريع أن وحدات الدفاع الجوي والقوة الصاروخية وسلاح الجو المسير شاركت في العملية بعمليات نوعية أسهمت في حسم المعركة في وقت قياسي وكبدت العدو خسائر فادحة.
وأوضح أن القوة الصاروخية وسلاح الجو المسير نفذا عدةَ عمليات قصفت مواقع وأهدافاً عسكرية للعدو داخل وخارج البلد، فيما تمكنت وحدات الدفاع الجوي من إسقاط طائرة أمريكية الصنع من نوع "سكان إيغل".
وعلى صعيد متصل، بارك أبناء أمانة العاصمة اليمنية صنعاء انتصارات أبطال الجيش واللجان الشعبية في عملية “فجر الصحراء” التي أسفرت عن تحرير منطقة اليتمة وما جاورها بمحافظة الجوف. وأشاد المشاركون في وقفات عقب صلاة الجمعة اليوم، بالمواقف الوطنية المشرفة لأبناء قبائل محافظة الجوف الأحرار ومساندتهم لأبطال الجيش واللجان الشعبية في تحرير معظم مديريات المحافظة. ودعت بيانات صادرة عن الوقفات، إلى أهمية الاستمرار في رفد الجبهات بالرجال والمال حتى تطهير كامل تراب الوطن من الغزاة والمحتلين. وأكدت ضرورة تعزيز الصمود والتلاحم ووحدة الصف في مواجهة العدوان الأمريكي السعودي، حتى تحقيق الحرية والإستقلال لكل المحافظات اليمنية ودحر الاحتلال والغزاة. وطالبت البيانات، من القوة الصاروخية وسلاح الجو المسير بالرد على تصعيد وجرائم تحالف العدوان الامريكي السعودي والتي تجاوزت غاراته الإجرامية على صنعاء وبقية المحافظات أكثر من ٥٠٠ غارة خلال اسبوعين. كما دعت الجميع إلى الإهتمام بالنظافة العامة كثقافة وسلوك حضاري واجتماعي.
وعلى هذا المنوال نفسه، اشادت القوات المسلحة أشادت بالمشاركة الفاعلة لقبائل وأحرار محافظة الجوف في تحرير منطقة اليتمة، في إطار معركة التحرر الشاملة، مؤكدة أنهم يرفضون بقاء مناطقهم تحت الاحتلال الأجنبي. إن عملية فجر الصحراء تمثل صفعة تأريخية للعدو السعودي بشكل خاص؛ نظراً لأطماعه القديمة في منطقة اليتمة، والتي بلغت إلى حـد أنه جعلها محرمة على الدولة اليمنية منذ ما قبل العدوان؛ بسبب مخزونها النفطي الكبير الذي ما زال غير مستغل، وأيضا لموقعها الاستراتيجي على الطريق الدولي المؤدي إلى منفذ الخضراء السعودي شمالا.
وأكد ناطق القوات المسلحة أن سيطرة النظام السعودية على الجوف وعلى منطقة اليتمة بلغت إلى حد منع مواطنيها من حفر آبار الماء والاستفادة من المياه الجوفية. وأعلن أن القوات المسلحة تمتلك وثائقَ ستكشَف عنها لاحقاً، تؤكد تدخل النظام السعودي لمنع اليمنيين من حفر آبار النفط والمياه هناك.
وكانت العديد من التقارير قد كشفت منذ ما قبل العدوان أن النظام السعودي منع اليمن من الاستفادة من المخزون النفطي الكبير الذي تم اكتشافه في اليتمة والمناطق الحدودية لمحافظة الجوف، إلى حد أنه أغلق الآبار ووضع عليها أختاماً سعودية في ظل تواطؤ أنظمة الفساد والارتهان التي حكمت البلاد قبل ثورة 21 سبتمبر. وبالتالي، فإن تحرير اليتمة يسجل اليوم كتحول تأريخي هام وبارز على طريق التحرر من الوصاية الأجنبية، والسعودية بشكل خاص، على القرار السيادي اليمني وعلى ثروات ومقدرات البلد، وهو الطريق ذاته التي تسير عليه بقية العمليات العسكرية التي تنفذها قوات الجيش واللجان الشعبية منذ أكثر من سبع سنوات. ويتضاعف حجم الأهمية الاستراتيجية والسيادية لمنطقة اليتمة ومحيطها؛ نظراً لموقعها الحساس في خارطة المعركة الراهنة.