الوقت - أظهر وقف إطلاق النار الهش بين قطاع غزة والکيان الصهيوني بعد حرب الـ 11 يومًا، والتي توسطت فيها مصر في مايو من هذا العام، مرةً أخرى وضعه غير المستقر.
وفي جولة التوترات الجديدة، قصفت المقاتلات الإسرائيلية أجزاءً من قطاع غزة مساء السبت(4 كانون الثاني)، مما أسفر عن ثلاثة انفجارات في خان يونس.
وعقب الهجوم، أصدر الجيش الإسرائيلي بياناً أعلن فيه أنه استهدف موقعاً عسكرياً ومركزاً لتصنيع الصواريخ تابعاً لحركة حماس. من جهة أخرى، أطلقت طائرات الکيان 12 صاروخاً على موقع القادسية التابع لكتائب عز الدين القسام، الفرع العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس، غربي خان يونس.
الإجراءات الاستفزازية الإسرائيلية
أعلن الکيان الصهيوني أن الهدف من هجومه الأخير على قطاع غزة، هو الرد على الصواريخ التي أطلقت من قطاع غزة نحو شواطئ تل أبيب صباح السبت.
على الرغم من أن حماس وصفت إطلاق الصاروخين بأنه عمل غير مقصود، إلا أن تصرفات الکيان في الضفة الغربية والقدس المحتلة، وكذلك عرقلة حكومة نفتالي بينيت في الوفاء بالتزاماتها بموجب اتفاق وقف إطلاق النار، تثبت أن تل أبيب هي العامل الرئيسي في خلق التوتر وهشاشة وقف إطلاق النار.
وفي هذا الصدد، ورداً على الهجمات الأخيرة، أبلغت حماس الوسطاء المصريين أن هجوم الکيان الإسرائيلي على قطاع غزة سيثير ردًا من الحركة. كما وصفت حماس المحاولة الصهيونية لاعتقال "هاشم أبو هواش"، المضرب عن الطعام منذ 137 يومًا، وعدم إطلاق سراحه، بأنه محاولة لاغتيال هذا الأسير الفلسطيني.
وبينما حذرت مقاومة غزة مصر من أن استشهاد هاشم أبو هواش سيؤدي إلی تدهور الوضع في فلسطين، وصف زياد النخالة، الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي، استشهاد أبو هواش بأنه عمل إرهابي من قبل إسرائيل، وسيكون الرد عليه أكيداً.
هذا في حين أن القوات الإسرائيلية قد شنت في وقت سابق حملة قمع على المتظاهرين الفلسطينيين في الضفة الغربية، المحتجين علی هدم منازل الفلسطينيين، وحتى يوم الجمعة استشهد فلسطيني في هذه المنطقة.
من ناحية أخرى، أثار تحرك الکيان الإسرائيلي في استمرار الاستيطان بعد وقف إطلاق النار، رد فعل حماس؛ لأن مجلس الوزراء الصهيوني، في اجتماع عقد في 28 كانون الثاني(يناير)، وافق على خطة بقيمة 317 مليون دولار لتوسيع المستوطنات في مرتفعات الجولان المحتلة، لمضاعفة عدد السكان اليهود في هذه المنطقة.
في غضون ذلك، قال الناطق باسم حماس "حازم قاسم" رداً على الخطة: إن "موافقة الکيان الصهيوني على أكبر خطة استيطانية في الجولان المحتل، هو اعتداء جديد علی الأراضي المحتلة".
ومع ذلك، فيما يـتعلق بأهداف الحكومة الصهيونية من الأعمال الاستفزازية الأخيرة وهجوم الليلة الماضية، لا توجد بالتأكيد محاولة لبدء حرب جديدة.
بعد حرب الـ 11 يوماً، أدرك الصهاينة حقيقة أن أي توتر وتحرك ضد المقاومة والفلسطينيين في غزة والضفة الغربية ومناطق محتلة أخرى، سيقابل برد فعل من حماس والمقاومة الفلسطينية، بحيث لا يستطيع جيش الکيان التعامل معه.
وفقاً لذلك، فإن هجمات ليلة السبت هي في الحقيقة محاولة لتهدئة الرأي العام والمستوطنين، للتأکيد علی قدرة الکيان على الحفاظ على أمن الأراضي المحتلة من هجمات المقاومة، ولا توجد خطة لمواصلة الصراع.
وفي هذا السياق، قال مسؤولون عسكريون إسرائيليون إن "إسرائيل تسعى لرد لا يؤدي إلى تصعيد التوترات، وإنما ينقل رسالةً مفادها أن إطلاق النار على الحدود وإطلاق الصواريخ أمر غير مقبول".
في الواقع، تدرك السلطات الصهيونية الحقيقة المزعجة وغير السارة بالنسبة لأمن الکيان، وهي أن فكرة المقاومة اليوم ودعمها من خارج قطاع غزة، قد انتشرت في جميع أنحاء فلسطين والأراضي المحتلة.
في المقابل، وبسبب الخوف المتزايد وانعدام الثقة لدى المستوطنين بشأن أسطورة الجيش الصهيوني الذي لا يُقهر، فإن أي حرب محتملة ستزيد من انقسام مواطني هذا الکيان، وتزيد من الهجرة العكسية من الکيان الإسرائيلي.
الإقتراب من نهاية وقف إطلاق النار
لكن، بينما يحاول الصهاينة متابعة أهدافهم العدوانية دون الدخول في صراع جديد مع غزة، إلا أن استمرار مثل هذا الوضع يقلل من فرص صمود وقف إطلاق النار على المدى الطويل.
فمن ناحية، على الرغم من جهود مصر للتوسط في وقف دائم لإطلاق النار، إلا أنها قد فشلت في ذلك.
کما أن الإجراءات الصهيونية في سجن الفلسطينيين والاعتداء عليهم، وعدم السماح بدخول البضائع ومواد البناء إلى هذه المنطقة لبدء عملية إعادة الإعمار، واستمرار الاستيطان، أدت إلى نشوء توترات محتملة في هذه المنطقة.
ومن ناحية أخرى، أدى تقاعس مصر عن متابعة إعادة الإعمار في قطاع غزة، وكذلك إمكانية الحركة البشرية والتجارية عبر معبر رفح، إلى عدم ثقة حماس في الوساطة المصرية لصالح فلسطين.
وفي هذا الصدد، أكد مسؤولو حماس ردًا على الإجراءات المصرية ضد غزة، أن "المصريين لم يفعلوا ما يكفي في هذا الصدد، وعلى الرغم من أن حماس تلقت وعودًا كثيرةً من مصر بعد الحرب الأخيرة، إلا أن حماس لم تشهد حتى الآن أفعالها الحقيقية".
إن استمرار هذا الوضع سيؤدي إلى انهيار وقف إطلاق النار، نتيجة وقف إعادة إعمار قطاع غزة والعقوبات والحصار، وستستأنف التوترات مرةً أخری على نطاق واسع بفعل الإجراءات الاستفزازية للکيان الإسرائيلي في القدس وقطاع غزة.