الوقت- قالت جمعية "الوفاق" البحرينية في تقرير حقوقي لها أنا وثقت حجم الانتهاكات التي تعرّض لها المواطنون البحرينيون في المملكة خلال الفترة الممتدّة منذ العام 2011 حتى منتصف العام 2021.
وفي تقريرها الذي دشّنته في العاصمة اللبنانية بيروت بحضور عدد من النشطاء والمهتمين، قالت جمعية "الوفاق" إنها رصدت 20 ألفًا و68 حالة اعتقال تعسفي لمواطنين منذ العام 2011 حتى منتصف العام الجاري، موضحة أن من بين هؤلاء كان 1716 طفلًا وأكثر من 300 امرأة.
وأشارت إلى تعرّض الآلاف من المواطنين إلى التعذيب وسوء المعاملة، فيما أُعدم اثنان من ضحايا التعذيب (أحمد العربي وعلي الملالي)، بالإضافة إلى صدور 1941 حكمًا قضائيًا مسيّسًا خلال السنتين الأخيرتين بينها 198 حكمًا بالسجن المؤبّد و309 أحكام بإسقاط الجنسية، بينما بلغ عدد الانتهاكات للمعتقلين في السجون 1320 أبرزها التعذيب عبر الحرمان من العلاج أو الصعق الكهربائي أو الإخفاء القسري.
ولفت التقرير إلى أنّ حق التجمع السلمي محظور بشكل كامل في البحرين منذ 2014، وقد فرض قانون التجمعات قيودًا غير ضرورية لتجريم حق التجمع السلمي، واتّسمت ممارسات السلطات البحرينية لتطبيق القانون بالتفسير التعسفي للقيود المنصوص عليها في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
وقالت الجمعية في بيان لها بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الانسان إنه “في هذا اليوم يعيش شعب البحرين تحت وطأة حزمة واسعة وفاضحة من الانتهاكات والجرائم الماسة بحقوق الانسان وهي في تصاعد وتوسع كلما امتدت الازمة السياسية في البحرين”، وتابعت “قد تورطت حكومة البحرين خلال العشر سنوات الماضية حتى اليوم في سجل أسود لا مثيل له على كل المستويات بعد إنفراط العقد الاجتماعي بين النظام والشعب ما دفعها لارتكاب كل المحرمات والانتهاكات في سبيل الانتقام والتهميش والقمع وتضييق الخناق على المطالبين بالحرية والعدالة والديمقراطية”.
ولفتت الجمعية الى ان “الانتهاكات شملت إصدار قوانين متطرفة وإتخاذ إجراءات قاسية وتشكيل مؤسسات شكلية وتقييد السلطات الثلاث والتحكم المطلق فيها وبعثرة الثروات والاموال الطائلة والفوضى الدبلوماسية وتشكيل تحالفات مغامرة وارتكاب تجاوزات وطنية واسعة جاء كل ذلك في سبيل الانتصار للذات والحرب على شعب البحرين وكسره وتهميشه وإفقاره وتجهيله وخنقه والتضييق عليه في معيشته حتى لا يفكر في أن يطالب بالحرية او المشاركة أو أن يكون عزيزاً وكريماً وصاحب رأي”.
وأشارت الجمعية الى ان “النظام دمر البنية التحتية لحقوق الانسان بالكامل خلال العشر سنوات عندما الغى الحربات السياسية والدينية والصحفية والثقافية وحرية الرأي والتعبير وحرية تشكيل الجمعيات والاحزاب وحرية تشكيل مؤسسات المجتمع المدني وحرية التظاهر وحرية العمل وتجاوز كل ذلك بمشاريع كارثية لا تليق بدولة في القرن الـ ٢١”.
وأكدت الجمعية ان “كل المحاولات الشكلية وشراء الذمم وشركات العلاقات العامة والجوائز الوهمية والشهادات مدفوعة الأجر والصفقات المشبوهة لم ولن تجدي اطلاقاً في تصحيح الصورة وفرض واقع جديد دون الذهاب في مشروع وطني سياسي شامل يعيد بناء الدولة على أسس صحيحة وسليمة تحترم الإنسان ويكون المواطن هو محور هذه السياسات وله كل الحقوق الانسانية والمواطنة المتساوية الكاملة”.
ونبّه التقرير الذي قدمته الجمعية إلى فشل الأمانة العامة للتظلمات ووحدة التحقيق الخاصة والمؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان في القيام بأدوارها، والحاجة لإحداث تعديلات تشريعية تكفل مبدأ الاستقلالية لهذه المؤسسة، خصوصا المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان التي أنشئت بما يخالف مبادئ باريس.
توصيات الوفاق للدفع بالحوار قدماً
وختمت "الوفاق" تقريرها بدعوة أعضاء مجلس حقوق الإنسان إلى تبنّي التوصيات التالية:
1. تعيين مقرر أممي خاص بالبحرين، والضغط على السلطات البحرينية للسماح للمقرريْن الأمميين بزيارة البحرين، ومراقبة الأوضاع الداخلية، لا سيما المقرر الأممي الخاص بالتعذيب ومقرر حرية التجمع وتكوين الجمعيات ومقرر المدافعين عن حقوق الإنسان، ومقرر الحريات الدينية.
2. تشكيل لجنة تحقيق دولية في كافة الانتهاكات الواقعة في البحرين، تقدم توصيات الزامية إلى الحكومة البحرينية؛ لتحسين الحالة الحقوقية.
3. فتح مكتب قطري للمفوضية السامية كامل الصلاحيات.
4. حثّ البحرين على الانضمام لاتفاقية روما للمحكمة الجنائية الدولية، وإطلاق سراح كافة معتقلي الرأي بما فيهم المدافعون عن حقوق الإنسان والناشطون السياسيون ورجال الدين.
5. دعوة السلطات البحرينية لإلغاء عقوبة الإعدام.
من جانبه، قال البرلماني البحريني السابق جلال فيروز إن إسقاط الجنسية من السياسات المُمنهجة التي تتّبعها السلطة في البحرين بالإضافة إلى الإعدام والتعذيب حتى الموت والإهمال الطبي المتعمد، مشيرًا إلى أن ما تعرض له الأمين العام لجمعية "الوفاق" الشيخ علي سلمان كان نتاج قضاء غير مستقل، وتهم فارغة.
وتحدث فيروز في مداخلة له في حفل تدشين التقرير عن محاكمة عدد كبير من النشطاء السلميين المدنيين في القضاء العسكري وزجهم في سجن القرين، بالإضافة إلى رفض البحرين عددًا من طلبات زيارات المقررين الخاصين بالأمم المتحدة للاطلاع على الواقع الحقوقي في سجون المملكة وممارسات التعذيب الشنيعة على حدّ وصفه.
كما تحدث عضو جمعية الوفاق يوسف ربيع عن قانون العزل السياسي الذي عملت من خلاله حكومة البحرين على بالتعدي على الحق السياسي للمواطنين وانتهجت سياسة التقييد الأمني في ظل غياب الدور الحقيقي للمؤسسات الرقابية، مشددًا على أن التمييز الشائع في البحرين وباء خطير يهدّد أمن المواطنين وأن الأرقام تكشف عنف السلطة.
كذلك تحدث مفوض اللجنة الدولية لحقوق الإنسان في الشرق الأوسط هيثم أبو سعيد خلال مؤتمر "الوفاق"، معبّرًا عن تفاؤله وأمله بأن تتراجع حكومة البحرين عن رفضها لزيارة المقررين دون أسباب موجبة لأنها تضعها موضع التهمة، واصفًا ما يحدث في سجون البحرين بأنه "مُجحف ولا أخلاقي ويعرفه القاصي والداني".
انتهاكات ومطالبات شعبية وحقوقية وصمت رسمي
الحكومة البحرينية تنتهك حقوق الانسان في الاعتقالات والمحاكمات المزيفة وتعيد الانتهاك مجدداً من خلال وضع السجون البحرينية المكتظة بالسجناء والتي تعاني من ظروف غير صحية.
وفي هذا السياق كانت جماعات حقوق الإنسان قد دعت الحكومة إلى الإفراج عن المسجونين لمجرد ممارسة حقهم في حرية التعبير في ظل التهديد الذي يمثله فيروس كورونا. ولكن الحكومة البحرينية رفضت كل هذه المطالب.
وكثيراً ما يتعرض السجناء لمعاملة مهينة ويتم حرمانهم من الرعاية الطبية، وهذا بحد ذاته جريمة لحقوق الانسان في البحرين.
كما أن الدول الغربية، و حتى في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة ، بصفته الهيئة الدولية الأكثر رسمية لرصد أوضاع حقوق الإنسان في الدول الأخرى ، لم يتحركوا أبداً تجاه قضية قمع المعارضين والنشطاء السياسيين والدينيين من قبل حكومة المنامة، كما أنهم لم يتخذوا أي إجراء حتى الآن لتعيين مبعوث خاص لحقوق الإنسان في البحرين ويبدو أن صمت هذه الدول تجاه انتهاكات حقوق الإنسان في البحرين.
نعم لا بد لليل أن ينجلي ولا بد للقيد أن ينكسر فالحقوق والمطالب لا تسقط بالتقادم، وصوت الثورة لا يمكن أن يخفت مهما كان سوط التنكيل والاستهداف عاليا، ولكن الأمر يحتاج إلى إعادة نظر وترتيب الأوراق مجدداً والدعوة للحوار الجاد والذي يجب أن يثبت فيه النظام البحريني عن جديته من خلال أبسط الأمور وهي الإفراج عن المعتقلين والتوقف عن المضايقات لهم ولأسرهم وهذا لم يحدث حتى الآن!.