الوقت- أثارت انتهاكات حقوق الإنسان في العديد من الدول، ضجةً في وسائل الإعلام العالمية والمحلية. وهو الأمر الذي يتطلب الوقوف عنده، لا سيما أن هذه الدول تعتبر نفسها من الدول الأرقى في العالم، لجهة حفظ حقوق الإنسان. فماذا في التقارير الصادرة حول هذا الموضوع؟
أمريكا:
قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن الخطط التي أعلنها مؤخرا حكام 24 ولاية أمريكية، القاضية برفض استقبال اللاجئين السوريين، يشوه سمعة البلاد كمكان آمن للاجئين المُعاد توطينهم. وفي أيلول 2015، تعهد الرئيس باراك أوباما بإعادة توطين 10 آلاف لاجئ إضافي من سوريا خلال عام 2016، في زيادة مقدارها 1300 شخص عن عام 2015. لكن وبعد الهجمات الأخيرة في باريس، أعلن حكام 24 ولاية أمريكية رفضهم قبول اللاجئين السوريين الذين سيعاد توطينهم. وهنا أشارت هيومن رايتس ووتش الى أن القانون الأمريکي والقانون الدولي لحقوق الإنسان يحظران التمييز على أساس الأصل القومي، كما يوفر للجميع حقهم في حرية الحركة. وبالتالي فإن ما يجري اليوم من قراراتٍ تعتمد التمييز بحق اللاجئين، يعتبر انتهاكاً لهذه المبادئ.
من جهةٍ أخرى وفيما يدل على انتهاكٍ آخر لحقوق الإنسان، تسعى سلطات السجون في كاليفورنيا لاستئناف تنفيذ أحكام الإعدام المعطلة منذ عشر سنوات بسبب نزاع قضائي حولها. حيث اقترحت طريقة جديدة للحقن القاتلة يمكن أن تؤدي إلى استئناف تنفيذ أحكام الإعدام، في هذه الولاية الواقعة في غرب أمريكا. ويقضي اقتراح سلطات السجون باستخدام مادة واحدة في تركيب الحقن القاتلة، على أن يجري اختيارها من بين أربع مواد مقترحة. ويوجد في كاليفورنيا حالياً 747 محكوماً بالإعدام، وفي حال إقرار اقتراح سلطات السجون، فقد يستأنف تنفيذ عقوبات الإعدام فيها. وكان إعدام شخص في ولاية أوكلاهوما عام 2014، قد أثار الاستياء، وأعاد فتح النقاش حول الطرق المستخدمة في تنفيذ هذه العقوبة، بسبب أنها تعارض قوانين حقوق الإنسان، لا سيما أن المحكوم يعاني من آلام مبرحة على مدى أربعين دقيقة قبل أن يفارق الحياة.
أستراليا:
تواجه الحكومة الاسترالية جملة من الإنتقادات من لدن جماعات حقوق الإنسان داخل البلاد وخارجها بسبب سياستها الجديدة المتعلقة بحق المهاجرين وطالبي اللجوء السياسي. فقد سعت الحكومة الأسترالية الى اعتماد خطط وبرامج جديدة من أجل وقف تدفق المهاجرين غير الشرعيين إلى أراضيها . ويرى بعض المراقبين أن السياسات الجديدة التي تتخذها استراليا ضد المهاجرين هو انتهاك واضح لحقوق الإنسان خصوصاً وانها قد اعتمدت نظام الحجز الإجباري ضد المهاجرين، حيث تفيد بعض التقارير انخفاض مستوى الخدمات الصحية والمرافق، وتعرضهم للضرب وربط أيديهم بالحديد، وتفريق العائلات وممارسة موظفي المركز ضغوطا نفسية على اللاجئين من خلال التهديد بالعنف أو التهديد برفض منحهم اللجوء . وهو ما رفضته الحكومة الاسترالية بشكل قاطع، مشيرةً الى أن ما تقوم به هو أمر واجب يهدف الى حماية أمن وسلامة البلاد، خصوصاً مع ازدياد أعداد المهاجرين الذين يدخلون البلاد بطريقة غير شرعية، ويذكر أن أستراليا شهدت في الآونة الأخيرة مظاهرات احتجاج وأعمال شغب احتجاجاً على سوء الأوضاع التي يعيشها طالبو اللجوء المحتجزون في مراكز الهجرة .
السويد:
أعلن رئيس الوزراء السويدي ستيفان لوفين أمس عن حزمة من الإجراءات الوقائية تعتزم الحكومة تحقيقها للحيلولة دون تعرض البلاد لأعمال إرهابية، ويستدعي بعضها موافقة من البرلمان. ومن بين تلك الإجراءات السماح لسلطات حكومية مختصة بمراقبة محتويات الحواسيب الشخصية. وهو الأمر الذي قوبل بانتقاد من جانب يون كارلونغ المدير التنفيذي لشركة تزويد خدمة الأنترنيت بانهوف الذي اعتبرها إجراءات مشددة الى جانب أنها تخرق حقوق الإنسان. ومع التنصت السري ستمنح سلطات مكافحة الجريمة حق زرع برامج في الحواسيب والألواح الإلكترونية. وبهذا ستتمكن سلطات مكافحة الجريمة من الوصول إلى المعلومات الموجودة في الحواسيب والكيفية التي تستخدم فيها . من جهةٍ أخرى اعتبر يون كارلونغ أن هذه الصلاحيات تمثل انتهاكاً وسطواً على من يتعرضون لها، وان السلطات لن تقتصر في استخدام نتائج هذا السلاح على معالجة بعض الحالات الخطيرة، أمر يستدعي حسب رأيه تقييدها.
يبدو أن مسألة حقوق الإنسان دخلت في بازار مكافحة الإرهاب. لتصبح العنصرية سياسة أغلب الدول الغربية، حتى بحق مواطنيها. وهو ما يدل على حجم الفشل في التعاطي مع الواقع الخطر الذي يمثله الإرهاب، لا سيما في المجال الإجتماعي. فهل سيتحول الإرهاب الذي يهدد أمن الدول، الى إرهابٍ للدول بحق مواطنيها وطالبي اللجوء؟