الوقت- سادت مواقف الصدمة والتوتر والغضب الشعبي في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة السورية في ريف حلب الشمالي والشرقي بعد انتشار صور لرسوم كرتونية مسيئة للرسول (ص) تضمنها منهاج كتاب السيرة النبوية، الذي وزع حديثاً على طلاب الصفين الأول والثاني الابتدائي في عدد من مدارس المنطقة.
وتم تداول الرسومات بكثافة على مواقع التواصل الاجتماعي، وهو ما أجّج الغضب في الأوساط الشعبية التي دعت عدداً من الفعاليات والهيئات التي تمثلها إلى الخروج في مظاهرات ووقفات احتجاجية، تطالب بمحاسبة المتورطين بالإساءة لمقام النبي محمد (ص).
وفي هذا السياق أطلقت مجموعة من النشطاء حملة على وسائل التواصل الاجتماعي بعنوان "إلا رسول الله"، تندّد بسوء إدارة ملف التربية والتعليم في المنطقة وتحمل مسؤولية الفشل المفترض للجهات المسؤولة عن التعليم، كوزارة التربية في الحكومة المؤقتة والمجمعات التربوية التابعة للمجالس المحلية.
أما ما يسمى بنقابة المعلمين الأحرار فقد أدانت في بيانٍ لها، توزيع كتب تتضمن إساءة للرسول الكريم. وطالبت بتغيير المنهاج الحالي، ووضع منهاج آخر من قبل لجان تربوية وتعليمية مختصة من أهل العلم ورجالات المعرفة، وتحت إشراف المجلس الإسلامي السوري.
أما المؤسسات الأمنية والعسكرية المعارضة تفاعلت بشدة مع التوتر والاستياء الشعبي في جرابلس والباب وقباسين وغيرها، وقامت بجمع كتب السيرة النبوية التي تم توزيعها على الطلاب في المدارس ووضعت في عدد من الساحات العامة وتم إحراقها أمام الناس في محاولة لامتصاص الغضب.
ومن جهتها، نفت الحكومة المؤقتة في بيان لها، علمها بوجود كتاب السيرة في مدارس ريف حلب، وأكدت أن الأنباء التي تداولتها مواقع تواصل وناشطون عارية عن الصحة، وأن المناهج المعتمدة لديها هي من طباعة مؤسسة قطر الخيرية وممهورة بخاتمها.
وذكر البيان أن وزارة التربية في الحكومة المؤقتة شكلت لجنة تحقيق للتأكد من صحة الادّعاءات المتداولة، كما أوعزت الوزارة لمؤسساتها في منطقة الباب للإسراع في عملية سحب الكتب من طلاب المدارس.
وقال وزير التربية والتعليم في الحكومة المؤقتة عبد الله عبد السلام، إن غضب السوريين في مناطق المعارضة مبرر، فالخطأ كبير بحق النبي الكريم محمد (ص)، وما حصل يخالف التعاليم الدينية وثقافة وعادات أهل البلد، وقد نفينا علاقتنا وعلمنا بالكتاب الذي تم توزيعه مؤخراً في مناطق ريف حلب الشمالي الشرقي، واتخذنا إجراءات فورية للتعامل مع الحادثة.
وأضاف عبد السلام أن "كتاب السيرة النبوية الذي أثار جدلاً واستياء بين الناس أشرف على تأليفه وطباعته مجموعة من المختصين والأكاديميين في العلوم الشرعية بالتعاون مع وزارة التربية التركية، وقد وقعوا كما يبدو في خطأ غير مقصود". وتابع: "ليس للحكومة المؤقتة أي علاقة في الموضوع، ونؤكد أن التعليم في المنطقة تديره المجالس المحلية وليس للوزارة أي سلطة فعلية على مديريات التربية التابعة للمجالس، وهذا أحد أهم أسباب فشل إدارة الملف التعليمي في المنطقة المحررة، والذي يحتاج إلى إدارة مركزية ".
ردة فعل مركز الطباعة
قال مركز الاستشراف للدراسات والأبحاث الذي يرأسه الدكتور عماد الدين الرشيد، أحد المسؤولين عن طباعة كتاب السيرة النبوية في بيان توضيحي، إن "المركز يُقدم اعتذاره للشعب السوري في المناطق المحررة، وذلك بسبب الخطأ غير المقصود الحاصل في أحد كتب مناهج السيرة النبوية، والذي جرى تأليفه بتكليف من وزارة التربية التركية".
وأضاف "إننا في المركز نؤكد عدم تقصدنا للخطأ غير المتعمّد الحاصل في كتاب السيرة؛ حيث أرسل إلى وزارة التربية التركية الملف غير المعتمد بصيغته النهائية، فقد جاءت الملاحظات والتصحيحات من الوزارة على بعض الصور، وبعد تصحيحها تم رفع الملف بصيغته القديمة خطأ إلى الوزارة من غير تصحيح، وبالتالي فإنّ وزارة التربية التركية ليس لها علاقة بهذا الخطأ".
وقال الباحث التربوي وعضو المكتب التنفيذي لتيار سوريا الجديدة، محمد أبو النصر إنه على المسؤولين عن ملف التعليم من سوريين وأتراك أن يدركوا أهمية مراعاة خصوصية المنطقة التي اجتمعت فيها أعداد كبيرة من السوريين، وفي غالبهم من المتدينين الملتزمين بالشريعة الإسلامية.
وأضاف أنه "في مثل هذه الملفات الحساسة يجب أن تعتمد تركيا في ادارتها للملف التعليمي على لجان من شخصيات معرفية وعلمية بارزة يقبلها الشعب السوري، والأولى أن يتم تفعيل دور وزارة التربية في الحكومة المؤقتة والتي تم تجميدها ولم يعد لها أي دور فعلي ولا أي سلطة أو تدخل في عمل المدارس". وقال : "حتماً لن تكون تركيا قادرة على إدارة الملف التعليمي من خلال مكاتب تنفيذية في المجالس المحلية ليس لها أي دور سوى التنفيذ الأوامر التي تصلها".
الرد الرسمي السوري
أما من الجانب الحكومي السوري استنكرت وزارة الأوقاف السورية في دمشق وجود هكذا محتوى مسيء للنبي الكريم في مناهج للتدريس، وقالت في بيان لها إن “بعض المواقع تداولت صوراً من كتاب مدرسي أصدرته وزارة التعليم التركية للصف الأول الابتدائي وهو كتاب في السيرة النبوية يحوي رسوماً وصوراً مسيئة لمقام النبوة المقدس يتم توزيعه على المدارس في مناطق سيطرة الإرهابيين وعملاء الاحتلال التركي في شمال سورية”.
وقالت الوزارة إن “المجلس العلمي الفقهي ” وهو هيئة تشكلت حديثاً بعد الغاء منصب مفتي الجمهورية ” يبدي استنكاره الشديد لهذه الإساءة والتطاول الخطير على مقام الرسول الكريم.
وأضاف البيان أن “محاولات الاحتلال التركي العثماني وأذنابه لن تفلح في تخريب عقول الأجيال وتشويه مقدساتهم، كما لم تفلح سابقاً في تزوير التاريخ وقلب الحقائق. يذكر أن المناطق التي تسيطر عليها تركية في شمال سورية حالة من الفوضى الأمنية مع تعدد المجموعات المسلحة وتعدد ولاءاتها وايدولوجياتها، وفوضى اقتصادية واجتماعية.
الإدانة أقل الواجب
نعم من واجبنا جميعا إدانة هذه الأفعال الشنيعة التي يقوم بها الاحتلال من تدنيس للمقدسات إلى محو التاريخ وتزويره وتغيير المعالم الديموغرافية للمنطقة وعلينا جميعا أن نكون في المرصاد لمثل هذه الأفعال التي من المؤكد أنها ستتكرر وأنها لن تقف عند هذا الحد.
خطأ متعمد أم غير متعمد؟؟
الخطأ الذي حدث في المنهاج قد يكون غير متعمد وحدث سهواً ولكن كيف لهذه الصور أن تظهر في كتاب تربية دينية وتوزع في مناطق تدعي الإسلام الصحيح وتدعي أنها على صواب؟! إذا هناك خلل ما في مكان ما ويبدو أن الأمر كان مقصوداً وهنا يتم طرح تساؤل آخر وهو ما الهدف من هذا الخطأ المتعمد؟ هل الهدف إظهار خوف هذه الجماعات الدينية على الإسلام وتقويتها في هذا المجال أي العزف على الوتر الديني؟ أم الهدف تربية أجيال لا تهتم ولا تكترث بالمقدسات الدينية؟ّ! من أدخل المحتل التركي والأمريكي إلى هذه المنطقة هدفه المستقبل وليس الحاضر ولا الماضي إذاً يمكن القول أن الهدف الأكثر منطقية هو ضرب الأجيال القادمة لتسهل عملية السيطرة على هذه المنطقة واستثمارها لأطول فترة ممكنة.
نعم صحيح أنه تم اكتشاف ما حدث ولكن هناك العديد من الأمور التي يتم القيام بها بشكل يومي وتمر مرور الكرام على هذه الجماعات المسلحة في المناطق المحررة بحسب زعمهم وما خفي أعظم.