الوقت - بعد مرور أكثر من عام على وقف إطلاق النار بين جمهورية أذربيجان وأرمينيا، بعد فترة 44 يومًا من الصراع بين البلدين في منطقة ناغورنو كاراباخ، أدى تصعيد النزاع بين الجانبين مؤخرًا إلى زيادة احتمالية حدوث جولة جديدة من الصراع.
بعد هذه العملية، ومع إعادة وساطة روسيا علی الفور، تم النظر في مسألة التأكيد على تنفيذ بنود وقف إطلاق النار. وفي هذا الصدد، عُقد اجتماع ثلاثي مؤخرًا في سوتشي بحضور الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الأذربايجاني إلهام علييف ورئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان. وعقب الاجتماع، صدر بيان مشترك بالاتفاق على خطوات إنشاء لجنة ثنائية لترسيم الحدود.
لكن من أجل متابعة ودراسة اتفاقية سوتشي الجديدة أکثر فأکثر، تحدث موقع "الوقت" مع الخبير في شؤون روسيا شعيب بهمن.
تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، الهدف الرئيسي من اجتماع سوتشي الثلاثي
في بداية تصريحاته حول الغرض من قمة سوتشي التي عقدتها روسيا، وإلى أي مدى سيكون هذا الاجتماع فعالاً في حل الخلافات حول اتفاقية السلام لعام 2020، قال شعيب بهمن:
"تنعقد قمة سوتشي في الأساس بعد عام من حرب ناغورني كاراباخ، وهدفها الرئيسي هو تنفيذ بنود الاتفاقات السابقة بين روسيا وجمهورية أذربيجان وروسيا. كان من المقرر عقد الاجتماع في ذكرى اندلاع حرب ناغورنو كاراباخ، ولکن تأجل بسبب الضغوط الداخلية على رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان. بشكل عام، الغرض الرئيسي من هذا الاجتماع هو تنفيذ ومراجعة الاستراتيجيات حول كيفية تنفيذ البنود المختلفة لاتفاقية وقف إطلاق النار لعام 2020. وعلى الرغم من أنه يمكن القول إن معظم بنود هذه الاتفاقية قد تم تنفيذها حتى الآن، إلا أن البند التاسع من هذه الاتفاقية لم يتم تنفيذه بعد. ويهدف هذا البند إلى إحياء الطرق التقليدية والسماح بوصول دول المنطقة عبر الطرق التي كانت نشطةً خلال الحقبة السوفيتية".
عدم إنهاء اجتماع سوتشي للخلافات
وحول نتائج المحادثات الثلاثية الجديدة في سوتشي بالنسبة لمصالح إيران(وخاصةً معبر زانجيزور)، أوضح الخبير في القضايا الروسية:
"سيكون هذا الاجتماع فعالاً في حل النزاعات، بالنظر إلى أن جمهورية أذربيجان، وبدعم واضح من تركيا، كانت على استعداد لتفسير مسألة الفقرة التاسعة من البيان، وهي إحياء طرق النقل، لصالحها و بما يتماشى مع مصالحها. وبالاعتماد على هذا البند من الاتفاقية، تعتزم باكو إنشاء ممر من الأجزاء الجنوبية من أرمينيا وربط جمهورية أذربيجان بـ ناخيتشيفان. ومن المتوقع أن يكون عرض هذا الممر من 5 إلى 10 كيلومترات. لكن ما تم الاتفاق عليه في قمة سوتشي لم يكن إحياء هذا الممر لصالح أذربيجان، بل إحياء طرق الاتصال التقليدية خلال الحقبة السوفيتية. بشكل عام، يمكن القول إن قمة سوتشي لا يمكن أن تحل كل المشاكل القائمة، لكنها بلا شك ستلعب دوراً فعالاً وأساسياً في الحد من الخلافات. كما أن هذا الاجتماع لا يمكن أن يعني إنهاء الخلافات حول معبر زانجيزور، وفي المستقبل يجب أن نتوقع من جمهورية أذربيجان أن تواصل توجهاتها التوسعية تجاه أرمينيا".
هدف موسكو من منع بناء الممر المطلوب لـ باكو – أنقرة
وفيما يتصل بالممر الذي تريد باكو وأنقرة إنشائه، مضی الخبير شعيب بهمن قائلاً:
"وفقاً للتفسير الذي قدمته جمهورية أذربيجان للممر، ينبغي توفير ممر بعرض 5 إلى 10 كيلومترات لباكو، يشمل خطوط نقل برية وسكك حديدية وحتى الطاقة. وإذا حدث ذلك، فستتعرض المصالح الاقتصادية والأمنية والجيوسياسية لإيران للتهديد بشكل كبير، ولكن من خلال إحياء الطرق التقليدية التي تعود إلى الحقبة السوفيتية، سيتم تقليل هذه التهديدات إلى حد كبير. وفي هذا الصدد، من الضروري الانتباه إلى حقيقة أن تنفيذ خطة جمهورية أذربيجان وتركيا يمكن أن يؤدي إلى قطع اتصال إيران بأوروبا عبر أرمينيا. كما ستُحرم إيران من عائدات كبيرة في مجال النقل، لكن إحياء الطرق التقليدية التي تعود إلى الحقبة السوفيتية لا يشكل تهديدًا لإيران في هذا الصدد. بشكل عام، يمكن تقييم قرارات روسيا في قمة سوتشي لمصلحة الأمن العام للمنطقة، وكذلك بما يتماشى مع مصالح إيران. تدرك موسكو جيدًا أن إنشاء الممر الذي تخطط له باكو وأنقرة يمكن أن يعزز توجه تركيا نحو النزعة الترکية. وبالتأكيد، بالنظر إلى قرب جنوب القوقاز من شمال القوقاز، فإن هذا يشكل تهديدات أمنية كبيرة للروس. كما يسهّل هذا الممر وصول الناتو إلى بحر قزوين. ونتيجةً لذلك، حالت روسيا، في ضوء مجمل هذه العوامل، دون منع إنشاء مثل هذا الممر، وشجعت الجانبين على إحياء الطرق والممرات السابقة، الأمر الذي سيكون في مصلحة طهران".
إستمرار مبدأ التوتر والخلاف حول ناغورنو كاراباخ على الرغم من اتفاق سوتشي الجديد
وفي الجزء الأخير من تصريحاته، ورداً على سؤال حول مدى التفاؤل بالاتفاقية الجديدة لإنهاء نزاع ناغورنو كاراباخ والصراع التاريخي بين أرمينيا وأذربيجان، أكد شعيب بهمن:
"الإتفاق الجديد لا يعني أساساً نهاية الصراع في ناغورنو كاراباخ، لأن مبدأ الخلاف على هذه المنطقة لا يزال ساري المفعول، وقد أدت الحرب التي استمرت 44 يومًا في العام الماضي إلى تغييرات في سبع مناطق حول كاراباخ. کما أن ناغورنو كاراباخ لا تزال تحت السيطرة الأرمينية وليست جزءًا من جمهورية أذربيجان. بشكل عام، يبدو أن جمهورية أذربيجان لن تتخلى عن سياستها للسيطرة على ناغورني كاراباخ، ولذلك يمكن توقع جولة جديدة من الصراعات في المستقبل. بالطبع، يمكن أن يحد ترسيم الحدود من تصعيد التوترات، لكن القضية المهمة المتمثلة في استمرار الخلافات وجهود باكو لإنشاء الممر الذي تريده، أمر بالغ الأهمية".