الوقت - بعد يوم من زيارة وزير الخارجية التركي جاويش أوغلو لطهران، أعلنت وسائل إعلام عربية، بما في ذلك الإماراتية، عن زيارة وشيكة لوفد إماراتي رفيع المستوى إلى طهران.
زيارة جاويش أوغلو إلى طهران
كانت هذه أول زيارة لوزير الخارجية التركي إلى طهران بعد الانتخابات الرئاسية الإيرانية، ومن الطبيعي أن يسعى الجانب التركي في هذه الزيارة، مع إدراكه لنهج الحكومة الجديدة تجاه القضايا الإقليمية، بما في ذلك تركيا، إلى تحقيق مصالحه وأهدافه المرجوة على مدى السنوات الأربع المقبلة على الأقل.
وكانت التطورات في أفغانستان وسوريا والعراق ولبنان والتعاون الثنائي والعقوبات ضد إيران ومكافحة الإرهاب، من بين أهم الموضوعات التي تمت مناقشتها بين الجانبين.
وفد إماراتي رفيع المستوى يتوجه إلى طهران
كما ذُكر، بعد يوم واحد من زيارة وزير الخارجية التركي لطهران، أفادت وسائل إعلام عربية عن زيارة وشيكة لوفد إماراتي رفيع المستوى إلى طهران.
وبحسب المسؤولين الإماراتيين، فإن الهدف من الزيارة المرتقبة للوفد الإماراتي هو نزع فتيل التوتر بين طهران وأبو ظبي، وسيرأس الوفد الإماراتي طحنون بن زايد، مستشار الأمن القومي لدولة الإمارات العربية المتحدة.
حول أهداف زيارة الوفد الإماراتي إلى طهران، قال أنور قرقاش، المستشار الدبلوماسي لرئيس الإمارات، إن أبو ظبي تريد تخفيف التوترات بين طهران وأبو ظبي ودول أخرى في المنطقة (وخاصةً السعودية)، عقب الخلافات حول قضايا إقليمية مثل لبنان واليمن والعراق وسوريا، مشيراً إلى أنه يجب حل النزاعات الإقليمية من خلال الحوار والمفاوضات.
قناة تجارية ستنافس قناة السويس
بغض النظر عن التصريحات الرسمية والإعلامية بشأن زيارة وزير الخارجية التركي والوفد الإماراتي التي ستتم في القريب العاجل، من أهم أهداف الوفود التركية والإماراتية إلى طهران، والتي لا يتحدث الإعلام عنها کثيراً، إنشاء "قناة ترانزيت" بين الإمارات وإيران وتركيا؛ الأمر الذي تفاعلت معه بعض وسائل الإعلام العربية، ومنها المصرية، التي وصفت القناة بأنها "منافسة لقناة السويس".
في الواقع، من أهم أهداف زيارة مستشار الأمن القومي الإماراتي إلى طهران، من جهة، وبالتوازي مع ذلك، زيارة "محمد بن زايد" ولي عهد أبو ظبي إلى أنقرة واللقاء مع "الرئيس التركي رجب طيب أردوغان"، هو تشغيل مشروع "معبر الشارقة - مرسين الترانزيتي"، الذي ينقل البضائع الإماراتية عبر ميناء الشارقة في الإمارات إلى ميناء مرسين في تركيا.
هذا في حين أنه في 11 نوفمبر، أعلن المسؤولون الإيرانيون عن عبور أول شحنة تجارية إماراتية عبر إيران إلى تركيا، قائلين إن "معبر الترانزيت الجديد سيسرع نقل البضائع الإماراتية من 12 إلى 14 يومًا".
في السابق، كان على الإمارات استخدام مضيق باب المندب - قناة السويس والبحر الأحمر لنقل بضائعها وشحناتها التجارية إلى ميناء مرسين التركي، وکان يستغرق تسليم الشحنات 20 يومًا في المتوسط.
الإمارات العربية المتحدة هي ثاني أكبر شريك تجاري لإيران، وبحسب "روح الله لطيفي" المتحدث باسم الجمارك الإيرانية، خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام الجاري، مقارنةً بنفس الفترة من العام الماضي، أظهر حجم التبادل التجاري بين إيران والإمارات زيادةً بنسبة 24٪ من حيث الوزن، و 54٪ من حيث القيمة.
ومع إطلاق المعبر الترانزيتي الجديد، من المتوقع أن تستخدم الإمارات معبر الشارقة-مرسين بدلاً من قناة السويس لنقل شحناتها النفطية، وفي حال حدوث ذلك، ستتكبد مصر خسائر اقتصادية ضخمة بصفتها صاحبة هذه القناة.
موقف المصريين تجاه قناة الترانزيت الجديدة
لم يصدر حتى الآن أي رد رسمي من القاهرة بشأن معبر الشارقة – مرسين، ورد الفعل الوحيد المسجل حتى الآن كان من مسؤول مصري لم يرغب في الكشف عن اسمه.
وحول المعبر الجديد قال إنه لا يوجد معبر يهدد موقع قناة السويس، أو يعتبر بديلاً عن هذا المعبر؛ لكن نشطاء الفضاء الإلكتروني المصريين انتقدوا بشدة تحرك الإمارات، ووصفوا المعبر الجديد بأنه منافس لقناة السويس.
تمتلك مؤسسة موانئ دبي العالمية الآن 78 ميناءً وجسرًا وتشرف عليها، وهناك أكثر من 50 شركة دولية تابعة لأكثر من 40 دولة في العالم لها حضور ونشاط تجاري فيها.
حاليًا، 27٪ من حركة المرور الحالية في قناة السويس تتكون من ناقلات تنقل النفط والمنتجات البترولية من الشرق الأوسط، وتحديداً منطقة الخليج الفارسي، إلى أوروبا والولايات المتحدة، وتستحوذ السفن التجارية والناقلات السعودية علی 5٪ والكويتية علی 1.4٪ من حرکة المرور في قناة السويس.
سوی معبر الشارقة - مرسين، تم اقتراح العديد من الخطط البديلة من قبل دول في المنطقة ودول أخرى، بما في ذلك روسيا، لتقليل أهمية قناة السويس وحركة السفن فيها، من بينها مشروع خط أنابيب النفط "إيلات عسقلان" ومشروع سكة حديد "إيلات - أسدود" الذي لم يبدأ تشغيله بعد.
أهداف الدول الثلاث إيران - الإمارات – تركيا
لكن كل من الدول الثلاث، إيران والإمارات العربية المتحدة وتركيا، تسعى لتحقيق أهدافها الخاصة من خلال معبر الشارقة-مرسين.
بالنسبة إلى جمهورية إيران الإسلامية، يمكن أن يصبح إطلاق هذا المشروع، بالإضافة إلى التأكيد على موقع إيران الجيوسياسي في المنطقة، مصدرًا مهمًا للدخل بالنسبة للحكومة.
في الوقت نفسه، يمكن لإيران استخدام ممر العبور هذا كوسيلة للتحايل على العقوبات الدولية، ولا سيما أنه مع إغلاق حسابات العملة الأجنبية الإيرانية في الخارج، يمکن لإيران استخدام العقود العوضية مع الإمارات وتركيا کشريكين تجاريين كبيرين.
كما أن دور إيران كحلقة وصل لنقل البضائع الإماراتية إلى تركيا والعكس، والمصالح الاقتصادية والقواسم المشتركة للدول الثلاث المرتبطة ببعضها البعض، يمكن أن تصبح ورقة رابحة في يد إيران لاستخدامها في النمو الاقتصادي والتنمية في البلاد.
ولکن الإمارات العربية المتحدة وتركيا تسعيان لتحقيق أهدافهما الإقليمية والاقتصادية من إطلاق هذا المشروع، بما في ذلك التنافس بين كل من البلدين مع القاهرة، التي تعدّ واحدةً من أهم الحلفاء الإقليميين للسعودية.
