الوقت- أعلنت الهيئتين الوزاريتين التنسيقيتين السورية والروسية حول عودة اللاجئين في اجتماعهما أن الوجود العسكري غير الشرعي للقوات الأجنبية في سوريا "يعد عائقا رئيسيا على طريق نهضة البلاد".
ولفت البيان الصادر عن الهيئتين إلى أن ذلك "يؤدي إلى نهب الثروات الطبيعية وإثارة بؤر التوتر في المنطقة".
ولفت البيان إلى عامل سلبي آخر هو سياسة الضغط على سوريا، التي تعيق إعادة إعمار البلاد بعد الحرب، وتحرم المواطنين السوريين العائدين من فرص العيش الطبيعي.
منذ اندلاع الأزمة السورية وفرار السوريين من مناطق سيطرة المسلحين ولجؤهم إلى دول مجاورة ودول بعيدة، أصبحت الأمور تزداد تعقيداً على هؤلاء اللاجئين ليجدوا أنفسهم بلا مأوى بعد أن دمرت منازلهم الحرب الدائرة في بلادهم، والأصعب من هذا أنهم تحولوا إلى ورقة ضغط بيد الساسة الباحثين عن أطماع في الأرض السورية، وكانت تركيا ولا تزال أكثر من استغل أزمة اللاجئين، إن كان من أجل استعمار أراض سورية أو الضغط على أوروبا وتهديدها بين الفينة والأخرى بفتح الحدود أمام اللاجئين للذهاب نحو أوروبا.
ومع تقدم الشتاء واشتداد جائحة "كورونا" على امتداد الشرق الأوسط، يواجه اللاجئون السوريون تهديدات موازية من البرد القارس وتفشي فيروس كورونا والصعوبات الاقتصادية بسبب عمليات الإغلاق واسعة النطاق. وبعد ما يقرب من عقد من الحرب، يعيش أكثر من 5.5 مليون سوري لاجئين في الدول المجاورة، لا سيما تركيا ولبنان والأردن والعراق. وقد واجه هؤلاء اللاجئون تحديات هائلة، بما في ذلك القيود الخانقة على إمكانية العمل قانونياً، بالإضافة إلى القيود السياسية والمالية للحصول على الإقامة القانونية، وقلة فرص التوطين في بلد ثالث. وفي عام 2020، فاقمت الجائحة وعمليات الإغلاق المتقطعة من أزمات الأردن ولبنان الاقتصادية، مما فاقم صعوبة عمل اللاجئين لتغطية مصروفات السكن والاحتياجات الأساسية.
نزوح السوريين إلى خارج الحدود يضر بالدولة السورية كثيرا، خاصة وأن غالبية الدول المستقبلة استخدمت اللاجئين كورقة ضغط على الحكومة السورية، وكلما كانت الدولة السورية تقدم تسهيلات لعودة اللاجئين، كانت بعض الدول تضع العصي في الدولايب وتمنع عودة هؤلاء اللاجئين، حتى ان الولايات المتحدة الأمريكية أقدمت على زيادة العقوبات على سوريا، لكي تعرقل عودة اللاجئين وتحول حياتهم إلى جحيم داخل بلادهم وخارجها.
قد لا تبدو الأوضاع الحاليّة في سورية نموذجية، فالأضرار بالجملة والعقوبات الأميركية تتعمّد تضييق الخناق، وتحتاج قرى وبلدات بأكملها إلى إعادة الإعمار، إلاّ أنها تتعثّر بفعل هذه السياسات، ولكن مهما بلغت الأوضاع سوءاً، لن تكون أسوأ من خيم اللّجوء في الشتاء، ومهما كانت الأوضاع الاقتصادية والمعيشية ضاغطة في الداخل، فأضرارها، مهما بلغت فداحتها، لن تساوي ضرر تسرّب جيلٍ كاملٍ من المدارس.
لعودة اللاجئين بُعد وطني وقومي بالنسبة للحكومة السورية، فهي تسعى جاهدة لإعادة مواطنيها بعد أن شتتهم الارهاب، واستغلتهم بعض الدول الغربية والاقليمية لأهداف سياسية، حتى ان القادة السياسيين في سوريا قدموا ضمانات للاجئين واعادة البنى التحتية للمناطق التي سيتوجه اليها اللاجئين.
الاستغلال السياسي من قبل بعض الدول للاجئين كان جليا من قبل السلطات التركية، حيث استغلتهم كورقة انتخابية لمصلحة حزب العدالة والتنمية. فكان تجنيس عشرات الآلاف منهم الذين صوّتوا حتما لمصلحة مرشحي حزب العدالة والتنمية.
يسود الحزن واليأس بين اللاجئين، وينتظر الآلاف منهم على الحدود، وتتدنى درجات الحرارة إلى ما دون الصفر ليلاً، وتتساقط الأمطار، لذلك يلجؤون إلى قطع الأشجار القريبة للتدفئة.
ومعظم الأطفال مرضى، بينما كبار السن يعانون، وانتقل هؤلاء من أماكن إقامتهم في تركيا حاملين ما يقدرون عليه من طعام. ومع ذلك يقول كثيرون إنهم سيجازفون بالبقاء والانتظار.
بعضهم يدرك أنه يستغل ورقة ضغط سياسية. ويعتقد بعضهم أنه سيسمح لهم بدخول أوروبا بمجرد الوصول إلى اليونان.
عودة اللاجئين السوريين مصلحة سورية عليا، ومن أجلها يجب فعل كل مايلزم من اتصالات دبلوماسية وخطوات سياسية، قبل أي شيء آخر.
أغلب اللاجئين في الأردن يطمحون بالعودة إلى بلادهم، والأكيد أن اعدادا غير قليلة من اللاجئين السوريين لاتفضل العودة في البداية، وقد يختار بعضهم الإقامة لفترة أطول في الأردن. هناك عشرات الآلاف يقيمون على بعد مسافة قصيرة من قراهم وبلداتهم، ولاشك أنهم مستعدون للعودة لديارهم على الفور.وعلى الاردن أن تعمل لتسهيل حقهم في العودة.
عودة اللاجئين السوريين سوف تستمر، ليس فقط من الحدود الاردنية، بل من لبنان أيضاً، وحتى من تركيا، فالظروف المعيشية للاجئين في هذه الدول كارثية، وهم يعانون من نقص في كل شيء، والأهم اننا في موسم الشتاء، الامر الذي سيعقد الظروف أكثر فأكثر، وقد تكون الطريق طويلة لإعادة كافة الأمور السوريّة إلى نصابها، ولكن ذلك لا يمنع من القيام ببعض الخطوات الممكنة حالياً، كموضوع اللاجئين ومؤتمر اليوم، ولا فرق بين أن تكون أولوية بعض الدول المشاركة في المؤتمر أخلاقية أو إنسانية أو اقتصادية، المهم ألاّ يكون السوري خاسراً، وهذا هو واقع المؤتمر بصورة عامة.