الوقت- بعد مرور نحو ثمانية أشهر على العدوان السعودي على اليمن وبسبب عدم تكافؤ الامكانات العسكرية بين القوات السعودية والدول الحليفة لها من جهة والجيش اليمني واللجان الثورية الشعبية التي تقودها حركة أنصار الله من جهة أخرى، يعتقد المراقبون أن هذه الحرب ستمتد الى مدة أطول وربما يتوسع نطاقها في حال أخفقت المساعي الدبلوماسية لحل هذه الأزمة.
ومن خلال استعراض مجريات هذه الحرب ونظراً لتواضع امكانات الشعب اليمني وقواته العسكرية مقارنة بترسانة الاسلحة الضخمة التي يمتلكها التحالف السعودي - الامريكي يبدو أنه ليس هناك خيار أمام اليمنيين سوى مواصلة استنزاف الطرف المقابل لإرغامه على وقف عدوانه وقبول الحل السلمي كسبيل وحيد لإنهاء هذه الأزمة.
ورغم استخدام السعودية لمختلف انواع الأسلحة المتطورة وإنفاقها لعشرات المليارات من الدولارات لمواصلة عدوانها على اليمن بمساندة دول غربية واقليمية على رأسها أمريكا لم تتمكن من تحقيق أهدافها ولازالت تتكبد خسائر جسيمة على يد القوات اليمنية رغم ضعف إمكاناتها، ورغم الحصار الشامل المفروض على الشعب اليمني.
ويرى المراقبون ان سيطرة القوات الموالية للنظام السعودي والتنظيمات الارهابية المدعومة من قبلها على بعض المناطق في جنوب اليمن لم تتمكن من ترجيح كفة المعارك لصالحها بفضل الاستراتيجية التي تطبقها القوات اليمنية لاستنزاف قدرات الطرف المقابل والتي نجحت بإلحاق خسائر جسيمة به حتى الآن. ويمكن تلخيص هذه الاستراتيجية بالنقاط التالية:
1 - استدراج القوات والجماعات المتحالفة مع السعودية الى داخل الأراضي اليمنية و توجيه ضربات مهلكة لها عن طريق الكمائن وتطويقها في أماكن يصعب الافلات منها بإعتبار أن القوات اليمنية هي صاحبة الأرض والأقدر على تشخيص نقاط الضعف لدى الطرف المقابل لمعرفتها الدقيقة بتضاريس المناطق التي تدور بها رحى المعارك.
2 - استفادت القوات اليمنية من الدعم الشعبي الكبير الذي تتمتع به لشن هجمات مركزة ومنسقة على القوات المعادية لاسيما في مناطق شمال ووسط البلاد، مقارنة بالدعم النسبي الضئيل الذي تتلقاه الجماعات الموالية للسعودية في المناطق الجنوبية من البلاد.
3 - تدرك القوات اليمنية جيداً أن القوات السعودية وقوات الدول الحليفة لها غير قادرة على خوض حرب طويلة الأمد بسبب عدم الانسجام بين هذه القوات من جانب، وعدم قدرتها على تحقيق انتصارات برية من جانب آخر، وهو ما انعكس بشكل واضح على أداء هذه القوات، ورجح كفة المعارك لصالح القوات اليمنية التي تتمتع بقناعة تامة بأحقيتها في الدفاع عن بلدها ضد أي عدوان خارجي.
4 - سعت السعودية من أجل تبرير عدوانها على اليمن الى الإيحاء بأن هذا البلد يمتلك أسلحة متطورة يمكن أن تهدد الأمن العربي والاقليمي إلاّ ان طول مدة العدوان أثبتت كذب هذه المزاعم وفضحت نوايا الدول المشاركة في هذا العدوان.
5- كشفت الوقائع الميدانية أن حركة انصار الله ليست بصدد توسيع رقعة الحرب؛ بل هي تسعى الى إقناع الأطراف الطامعة بالبترودولار السعودي بضرورة إعادة النظر في مواقفها المعادية للشعب اليمني، وهذا ما حصل بالفعل لعدد من الدول بينها باكستان ومصر وتركيا.
6 - أدت الجرائم الكثيرة والبشعة التي ارتكبها النظام السعودي ضد الشعب اليمني طيلة الأشهر الماضية الى اتساع رقعة الاحتجاجات الشعبية واستنكار المنظمات الانسانية والحقوقية، وهو ما أدى الى تفكك التنسيق بين أطراف التحالف.
7 - طول مدة العدوان أدت أيضاً الى بروز خلافات بين بعض الأمراء السعوديين والقيادات العسكرية السعودية التي تعتقد بأن مواصلة العدوان على اليمن سيجر البلاد الى مخاطر أمنية وإقتصادية واجتماعية خصوصاً في المناطق المحاذية للحدود اليمنية بسبب العلاقات التاريخية بين قبائل شمال اليمن وجنوب السعودية.
8 – يملك اليمنيون جميع المبررات القانونية والأخلاقية والإنسانية لمواصلة الرد على العدوان السعودي على بلادهم حتى وإن طالت المدة، ويؤيدهم في ذلك ملايين الأحرار في العالم، وهو ما تجلى بوضوح خلال التظاهرات الواسعة التي شهدتها الكثير من الدول.
9– تمكنت حركة انصار الله من تعبئة الرأي العام اليمني وتعزيز التلاحم بين مختلف فئاته لمواجهة العدوان السعودي رغم شراسته وارتفاع حصيلة الشهداء والجرحى. وهذا الأمر يمكنها من خوض معركة طويلة الأمد وهو ما تخشاه الرياض التي كانت تتصور أنها ستحقق ما تريد خلال أيام.
هذه الحقائق وغيرها تبين بوضوح ان استراتيجية انصار الله في التصدي للعدوان بدأت تعطي ثمارها في تقليص خيارات الرياض والتحالف المشارك في هذا العدوان المبني اساساً على المصالح الضيقة وستؤدي الى هزيمته في نهاية المطاف. وهو أمر ممكن من الناحية العملية بإعتقاد المراقبين بفضل صلابة وصمود الشعب اليمني وحنكة وإصرار قيادته على إفشال هذا المخطط رغم ضراوته ووحشيته والتضحيات الكبيرة التي يقدمها هذا الشعب، خصوصاً وأن الكثير من دول العالم لازالت تطالب بوقف هذا العدوان واللجوء الى الحلول السلمية لتسوية الأزمة.