الوقت – يعتقد الخبراء ان مجيء الليبراليين الكنديين بزعامة جاستين ترودو الى الحكم يعني عودة كندا الى حقبة ما قبل المحافظين وان ذلك سيؤدي الى تغيير سياسة كندا تجاه الكيان الاسرائيلي وايران، فما هي هذه التغييرات المحتملة في المرحلة المقبلة وما هي التكهنات بهذا الشأن؟
سياسة كندا في الشرق الاوسط في حقبة ستيفن هاربر
طوال 6 عقود ماضية كانت كندا تسعى الى حل قضايا الشرق الاوسط عبر المشاركة مع باقي الدول لكن مع مجيء ستيفن هاربر الى الحكم في بداية القرن الحادي والعشرين تغيرت سياسات كندا فهاربر لم يؤمن بالامم المتحدة ودورها وكذلك دور المؤسسات الدولية الاخرى وقد قال بعض معارضيه ومنتقديه في الداخل ان صورة كندا المحبة للسلام قد تضررت كثيرا في زمن هاربر حيث شاركت كندا في كل الحروب في الشرق الاوسط مثل حروب افغانستان والعراق وليبيا وقصف داعش وهذا يتعارض مع التقاليد السياسة الكندية بشكل كبير.
ان هاربر دعم الكيان الاسرائيلي بشكل لامحدود في حرب تموز وحروب غزة وقطع الدعم المالي الكندي عن مؤسسات الاغاثة التابعة للامم المتحدة وكان اول رئيس وزراء كندي يلقي خطابا في الكنيست الاسرائيلي كما انه اعلن دعمه للكيان الاسرائيلي مهما كان الثمن مادام يشغل منصب رئاسة الوزراء وقال "ان من يهدد اسرائيل يهدد كندا" وقد اعتبر الخبير الكندي ايف انغلر ان كندا تحولت الى اكبر داعم للكيان الاسرائيلي في عهد هاربر واشار انغلر الى امتناع كندا عن التصويت على القرارات الدولية التي تدين الاستيطان الاسرائيلي.
ان دعم هاربر للكيان الاسرائيلي ادى الى اتخاذ موقف معادي للبرنامج النووي الايراني ومعاداة محور المقاومة والممانعة في الشرق الاوسط وقطع العلاقات مع طهران في السابع من سبتمبر 2012 واغلاق السفارات بعد اتهام ايران بدعم الارهاب في المنطقة.
السلوك العدائي لحزب المحافظين الكندي استمر حتى بعد الاتفاق النووي بين ايران والدول الست رغم الترحيب العالمي بالاتفاق عندما قال وزير الخارجية الكندي ان ايران ستبقى تهديدا اساسيا كما كانت سابقا، ومن جهة اخرى اقترب هاربر من الحكومات العربية المستبدة وعقد صفقة مع السعودية لتزويدها بالعربات القتالية المدرعة بقيمة 15 مليار دولار، كما اعلن وزير الخارجية الكندي جان بيرد ان هناك علاقات وثيقة بين كندا وبين الامارات والبحرين والسعودية والاردن و اشار الى القاعدة العسكرية الكندية في قطر والتعاون الامني مع البحرين والكويت كما اضاف ان كندا تدعم بكل قوة حكومة عبدالفتاح السيسي في مصر.
ونتيجة لسياسات هاربر فقدت كندا في عام 2010 ولأول مرة عضويتها في مجلس الامن الدولي وحلت البرتغال محلها وقد قال السفير الكندي السابق في الامم المتحدة بول هاينبكر ان عدم تعاون كندا في موضوع التغييرات المناخية وانخفاض الدعم المقدم لافريقيا والانحياز للكيان الاسرائيلي هو من اسباب خسارة كندا لمقعدها في مجلس الامن.
مجيء جاستين ترودو الى الحكم ورفع شعار التغيير
لقد فاز الحزب الليبرالي الكندي الذي يقوده جاستين ترودو في الانتخابات الكندية وانهى عقدا من حكم المحافظين، وكان ترودو ينتقد بشدة اثناء حملته الانتخابية السياسات الخارجية لهاربر وخاصة الاقتراب من الكيان الاسرائيلي ومواجهة ايران ويتحدث عن تغيير سياسة المشاركة في الحرب ضد داعش، وقد رفع ترودو شعار اعادة العلاقات مع ايران ووقف المشاركة في الغارات الجوية في العراق وسوريا وقال انه يجب استبدال الغارات الجوية بتدريب المقاتلين المحليين كما اضاف ان كندا ستزيد دعمها للجيش العراقي بعد سحب الطائرات الكندية من القتال.
وفي حوار اجري مع ترودو مؤخرا قال بأنه يدعم فكرة قيام الدولتين في فلسطين المحتلة لكنه اضاف انه يعارض مقاطعة الكيان الاسرائيلي ومنتجاته.
ويجب ان لاننسى ان رئيس الوزراء الكندي الجديد يقع ايضا تحت تأثير اللوبي الصهيوني في بلاده وهو قد عين استيفن برونفمان بجمع التبرعات المالية لحملته الانتخابية والمعروف ان برونفمان هو نجل الملياردير اليهودي الكندي تشارلز برونفمان.
من المؤكد ان الاحزاب الكندية الرئيسية الثلاثة هم من دعاة العلاقات الوثيقة مع الكيان الاسرائيلي وقد ابدت هذه الاحزاب دعمها لكيان الاحتلال في حرب غزة الاخيرة وصورت الكيان الاسرائيلي كضحية تدافع عن نفسها.
وفيما يتعلق بايران اعرب ترودو اثناء حملته الانتخابية انه مع عودة العلاقات الطبيعية بين ايران وكندا واعادة فتح السفارة الكندية في طهران كما اعتبر الاتفاق النووي المبرم مع طهران خطوة ايجابية في الطريق الصحيح، لكن رغم هذه المواقف يؤكد الخبراء ان تغيير سياسات كندا تجاه ايران بشكل كبير لن يحصل في المستقبل القريب لأن ترودو انتقد اثناء حملته الانتخابية موضوع حقوق الانسان في ايران تماما كما فعل هاربر.
ان ترودو جاء الى الحكم بسبب رفعه شعار التغيير والعودة الى سياسات كندا التقليدية مثل التعددية وعدم الانحياز ودعم السلام ويمكن القول ان سياسات كندا ستتغير اذا التزم ترودو بشعاراته، كما من المتوقع ان يعدل ترودو السياسات الكندية تجاه الكيان الاسرائيلي ويسلك نهجا مغايرا لسلفه في التعامل مع ايران نظرا الى تحسن العلاقات الايرانية الاوروبية في الفترة المقبلة.