الوقت- توصلت الأمم المتحدة وقطر إلى اتفاق جديد بحلول نهاية عام 2021 حول كيفية إرسال مساعدات مالية لأهالي غزة. وقال ممثل قطر في غزة "محمد العمادي"، في بيان، إن "قطر والأمم المتحدة سترسلان رواتب شهرية لـ 100 ألف أسرة فقيرة في غزة - ما مجموعه 10 ملايين دولار - من خلال الأمم المتحدة وبرنامج الغذاء العالمي". وبحسب "العمادي"، سيتم توزيع الأموال اعتبارًا من سبتمبر المقبل ولكن هذه الأموال لا تشمل مدفوعات لموظفي حكومة حماس. وبموجب الاتفاق المعقد إلى حد ما، ستقوم قطر بتحويل أموالها إلى حساب مصرفي للأمم المتحدة في نيويورك كل شهر، حيث يتم تحويلها إلى بنك فلسطيني غير محدد في "رام الله" ومن هناك إلى فرع في قطاع غزة. ويقوم فرع غزة بعد ذلك بإرسال 100 دولار نقدًا على شكل مبالغ نقدية للمستلمين.
وتأتي هذه الحملة في الوقت الذي منع فيه الصهاينة وصول المساعدات الإنسانية القطرية إلى قطاع غزة بعد حرب 11 يومًا الأخيرة، والتي منيت فيها تل أبيب بهزيمة مريرة واجبرت على تقديم تنازلات لغزة في محادثات إعادة الأسرى الصهاينة من حماس وتقديم المساعدات الإنسانية لإعادة بناء أنقاض الحرب، كما فرض النظام قيودًا كبيرة على الواردات والصادرات في قطاع غزة. وبموجب نظام ما قبل الحرب، كان يتم تسليم 30 مليون دولار شهريًا إلى غزة عبر المعبر الذي تسيطر عليه إسرائيل. وعلى الرغم من أن هذا المبلغ من المال يوفر جزءًا صغيرًا من الميزانية اللازمة لتوفير الخدمات العامة لسكان غزة الذين يزيد عددهم عن مليوني نسمة، يسعى الغرب والكيان الصهيوني، وللأسف بالتعاون مع السلطة الفلسطينية إلى استغلال أزمة غزة الاقتصادية، لإضعاف حماس. ولقد أعرب الصهاينة، الذين جعلوا أي مساعدات إنسانية مشروطة بالإفراج عن أسراهم منذ انتهاء الحرب التي استمرت 11 يومًا، عن ارتياحهم للاتفاقية الجديدة بين قطر والأمم المتحدة في أعقاب التهديدات الأخيرة للمقاومة في غزة. وقال وزير الدفاع "بيني غانتس"، إن الآلية الجديدة "تضمن وصول الأموال إلى المحتاجين، مع الحفاظ على الاحتياجات الأمنية لإسرائيل".
إن الحكومة الصهيونية الجديدة هي نتاج ائتلاف غير مستقر، ومصلحتها استقرار الوضع في غزة. ولكن مع قمع الصهاينة للاحتجاجات الفلسطينية في "رام الله"، فإن استمرار حصار غزة ووقف إطلاق النار والضربات الجوية الصهيونية ضعيف للغاية. وفي الأسابيع الأخيرة، أطلقت بالونات حارقة على المراعي الزراعية الإسرائيلية بالقرب من غزة، مما أدى إلى اشتعال النيران في الحقول. وقال "خالد البطش" القيادي البارز في الجهاد الاسلامي في بيان يوم الاربعاء الماضي "اذا استمر الوضع الحالي، فإن التصعيد لا مفر منه". ومن ناحية أخرى، تأمل السلطة الفلسطينية، التي تواجه أزمة شرعية وسط احتجاجات شعبية في الأشهر الأخيرة، في التوقيع على اتفاق منفصل بين "رام الله والدوحة" بشأن تحويل الأموال القطرية لإضعاف شعبية حماس عند الرأي العام. لكن الصفقة فشلت بعد أن أعربت بنوك فلسطينية عن معارضتها لمدفوعات تابعة لحركة حماس في غزة خوفا من عقوبات دولية.
دمار واسع النطاق للحرب في غزة
لقد تسببت الغارات الجوية الإسرائيلية خلال الحرب التي استمرت 11 يومًا في إلحاق أضرار جسيمة بالبنية التحتية لقطاع غزة. وتقدر السلطة الفلسطينية أن أكثر من 10000 منزل ومسجد تضررت بشدة أو دمرت. وتظهر هذه الأرقام أن النزاع قد أضر أيضًا بالمرافق التعليمية والبنية التحتية المهمة الأخرى. وتقدر الأمم المتحدة أن الضرر كان أكثر من ضعف ما حدث في آخر عملية برية إسرائيلية كبرى في غزة في نهاية عام 2008. حيث تم تدمير حوالي 1600 شقة ومنزل بشكل كامل في الحرب. وتعيش العديد من العائلات التي لا مأوى لها الآن مع أقاربها، الذين تقول الأمم المتحدة إن عددهم يزيد عن 74000، معظمهم من النساء والأطفال. كما تضررت خطوط أنابيب المياه والأن هناك مئات الآلاف من الناس ما زالوا لا يملكون أنابيب المياه العذبة. ومن بين البنى التحتية المدمرة ستة مستشفيات وتسعة مراكز رعاية صحية وثمانية مراكز لمعالجة المياه و 167 مدرسة ومحطة لتحلية المياه كانت توفر مياه الشرب النظيفة لنحو 250 ألف فلسطيني.
كذلك، وفقًا للأمم المتحدة، تعرض حوالي 741 هكتارًا من المزارع لأضرار بالغة أو دمرت بالكامل أثناء النزاع. وتعتبر الزراعة صناعة مهمة في غزة، لكن نموها توقف بسبب الصراعات العسكرية والمنطقة العازلة حول الحدود. وتغطي المنطقة العازلة 29 في المائة من الأراضي الصالحة للزراعة في المنطقة، وفقًا لوكالة الإغاثة ومقرها واشنطن. كما قامت حماس بإصلاح الطرق، لكن إسرائيل تمنع حاليًا دخول مواد البناء إلى غزة بحجة استخدام الأسمنت ومواد البناء لبناء الانفاق. وقالت الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والبنك الدولي، في تقييمها للأضرار التي سببتها الحرب، إن غزة تحتاج إلى حوالي نصف مليار دولار على المدى القصير لأشياء مثل إعادة بناء البنية التحتية والإسكان والصحة. وتحتاج غزة أيضًا إلى وظائف قصيرة الأجل لأنهم يقدرون أن الحرب الأخيرة رفعت معدل البطالة إلى 50 في المائة، وهو أعلى رقم منذ عقود. لذلك هناك حاجة إلى الكثير من المال. الآن السؤال المهم، هو أنه على الرغم من الحصار الواسع، هل قضية إعادة الإعمار ممكنة في مكان مثل غزة ؟ تأخذ المنظمات الحقوقية تأثير الحصار على السكان المدنيين في غزة على محمل الجد. خاصتا وأن هناك أكثر من عقد ونصف من العقوبات جعلت المنطقة أكثر فقراً. حيث ذكرت الأمم المتحدة في عام 2017 أن حوالي 57٪ من سكان غزة يعيشون تحت خط الفقر.