وجّه الرئيس الأميركي جو بايدن خطاباً من البيت الأبيض، مساء أمس الإثنين، مع تسارع التطورات في أفغانستان، ووسط الانتقادات الشديدة بسبب طريقة إدارته الأزمةَ الأفغانية، في الوقت الذي تُواصل القوات الأميركية عملية انسحابها من البلاد، بعد أن حققت حركة "طالبان" انتصاراً خاطفاً، وسيطرت على معظم الولايات الأفغانية والمعابر الحدودية.
وقال بايدن إن "مُهمتنا في أفغانستان لم تكن أبداً بناء الدولة، وإنما أن نركز على مكافحة الارهاب، ومنع الاعتداءات على الأراضي الأميركية"، مشيراً إلى أن "التهديد الإرهابي ضد الولايات المتحدة تراجَعَ".
وأضاف بايدن أن "مهمتنا في أفغانستان كانت مساءلة المسؤولين عن هجمات 11 أيلول/سبتمبر 2001"، مشيراً إلى "أنني لست نادماً على قرار إنهاء الحرب الأميركية في أفغانستان".
وقال "ما يحدث الآن كان سيحدث بسهولة قبل 5 أعوام أو بعد 15 عاماً"، مشدداً على أن "الخِيار الذي كان عليّ اتخاذه هو إمّا متابعة مفاوضات الرئيس السابق دونالد ترامب، وإمّا العودة إلى القتال".
وإذ أشار إلى أن "الفوضى سادت أفغانستان في وقت أسرع مما كنّا نتوقعه"، أكد أن "الانسحاب الأميركي منها كان الخِيار الصحيح".
ولفت إلى "أننا نمتلك القدرة على التحرك في الوقت الملائم لمواجهة أيّ تهديد يكون مصدره أفغانستان"، مشدداً على أن "ردَّ الولايات المتحدة سيكون سريعاً إذا هاجمت طالبان شعبنا".
واعتبر الرئيس الأميركي أن "الولايات المتحدة أعطت الحكومة الأفغانية كل ما تحتاج إليه"، مضيفاً "منحنا الأفغان كل الفرص للدفاع عن مصيرهم، لكن إذا لم تَقُم أفغانستان بمقاومة طالبان الآن، فلا فرصة في ذلك بعد عام أو 5 أعوام".
وأشار إلى أن "القادة السياسيين الأفغان استسلموا، وهربوا من البلاد، والجيش الأفغاني رفض القتال"، لافتاً إلى أن "الأحداث الجارية تُثبت أنه لا يمكن لقوة عسكرية أن تُفْضي إلى استقرار أفغانستان".
ورأى أن "من الخطأ أن نفرض على القوات الأميركية أن تقوم بما لا تستطيع القوات الأفغانية إنجازه"، معتبراً أن "القوات الأميركية يجب ألاّ تقاتل وتموت في حرب رفضت القوات الأفغانية خوضها".
وشدّد بايدن على "أنني لن أكرّر أخطاء الماضي عبر البقاء والانخراط في حرب أهلية، وانتشار لا نهاية له"، موضحاً "سنستمر في دعم الشعب الأفغاني، وسنستمر في اتجاه التفاوض الديبلوماسي، وليس عبر انتشار عسكري لا نهاية له".
وتابع "أخطاء كثيرة ارتكبتها الإدارات السابقة على مدى 20 عاماً من وجودنا في أفغانستان، ولن أكرّرها".
ولفت إلى أن "الرئيس الأفغاني أشرف غني رفض الانخراط في الديبلوماسية للتوصل إلى تسوية"، مشيراً إلى "أننا أغلقنا سفارتنا في كابول، ونقلنا ديبلوماسيينا بأمان، وسننقل آلاف الأميركيين من أفغانستان خلال الأيام المقبلة".
واتّهم الرئيس الأميركي الصين وروسيا بأنهما "تريدان منا استنزاف مزيد من ملايين الدولارات في أفغانستان"، على حدّ تعبيره.
وقطع بايدن عطلته في كامب ديفيد، وعاد إلى البيت الأبيض في العاصمة واشنطن اليوم، مع السقوط المفاجئ للعاصمة كابول في قبضة "طالبان"، والفوضى التي تسود عملية الإجلاء التي تجريها القوات الأميركية، بحسب ما أعلنت الرئاسة الأميركية.
وأظهرت مَشاهد مصوَّرة، انتشرت في مواقع التواصل الاجتماعي، الفوضى العارمة في مطار كابول، حيث احتشد الآلاف على المدرج نفسه، بينما تمسّكت مجموعات من الأفغان بسلالم الصعود إلى الطائرات.