الوقت - تحولت محافظة البيضاء اليمنية، خلال الأيام الأخيرة، الى ساحة رئيسية ومحورية للاشتباكات بين أنصار الله والمرتزقة التابعين لمنصور هادي والسعودية المدعومين من إرهابيي القاعدة وداعش. حيث تحاول السعودية وحكومة الفار منصور هادي عرقلة تركيز صنعاء على تحرير محافظة مأرب وتخفيف الضغط عليها عبر نقل الاشتباكات إلى مختلف مناطق أنصار الله.
فمنذ يوم الجمعة اندلعت اشتباكات عنيف على عدة جبهات في محافظة البيضاء اليمنية. ويأتي هذا الضغط في إطار عملية عسكرية جديدة شنتها قوات تابعة لمنصور هادي مدعومة من تنظيم القاعدة وإرهابيي داعش وبمساندة بعض عشائر البيضاء. والعملية البرية مدعومة بضربات جوية سعودية ، لكن أبطال الجيش اليمني واللجان الشعبية استطاعوا استعادة ما فقدوه في عملياتهم، وأوقعوا خسائر فادحة في صفوف قوات منصور هادي وإرهابيي القاعدة.
أهمیة البیضاء
أصبحت محافظة البيضاء الوسطى منسية إلى حد كبير وسط الاشتباكات على محافظات اليمن النفطية والاستراتيجية. وتمتد هذه المحافظة على مساحة كبيرة من اليمن ولكنها خالية من الأهمية الاقتصادية من حيث الموارد الطبيعية ولا يهتم بها المراقبون اليمنيون بشكل عام، وغالباً ما أصبحت مكاناً لتجمع القاعدة وقوات داعش خلال سنوات الحرب.
ومع ذلك، فمن وجهة نظر الموقع الجيوسياسي، فإن سيطرة أي قوة على البيضاء يمكن أن تساعدها بشكل كبير في الحرب. فتحد البيضاء ثماني محافظات أخرى هي شبوة والضالع وأبين ولحج في الجنوب ومأرب وصنعاء وذمار وإب في الشمال. فموقعها الاستراتيجي، الذي يتيح الوصول إلى أجزاء كثيرة من البلاد، يجعل البيضاء مصيرية للصراع الحالي بين أنصار الله والمرتزقة السعوديين.
بالنظر إلى هذا الموقع الاستراتيجي، فإن السيطرة على البيضاء هي نقطة تحول في الصراع. اذ تطل البيضاء على محافظة ذمار جنوب صنعاء ، ولو نجح المرتزقة السعوديون في السيطرة على البيضاء لكان بإمكانهم الضغط على خطوط إمداد أنصار الله نحو جبهات إب وتعز والضالع. كما كانت البيضاء وفرت طريقا مباشرا للإرهابيين والمرتزقة للانضمام إلى جبهة دمت بمحافظة الضالع والضغط على قوات أنصار الله. ومن الممكن أيضا أن يكون التحالف المناهض لليمن مدركًا جيدًا أنه في ظروف سيطرة أنصار الله على البيضاء بعد حرب مأرب ، سيكون التقدم نحو محافظتي شبوة وأبين الجنوبيين أمرا لا مفر منه. كما يمنح موقع البيضاء الاستراتيجي الفريد لمن يسيطر عليه مفاتيح تصعيد وتقليص نطاق الصراع على الجبهات المفتوحة في ثماني محافظات مختلفة.
أوضاع البيضاء في الحرب
انتقل أنصار الله إلى البيضاء بعد ثورة سبتمبر 2014 وقبل التحرك إلى عدن أو تعز أو الحديدة أو أي محافظة أخرى. يشير إعطاء أنصار الله الأولوية العسكرية للبيضاء إلى الأهمية الاستراتيجية للمحافظة وكذلك معرفة تاريخ انتفاضة البيضاء ضد الدولة. لذلك كانت السيطرة على البيضاء في الأولوية.
تستند استراتيجية أنصار الله في التعامل مع قبائل البيضاء إلى عنصرين: حشد المؤيدين من بين القبائل خاصة الهاشميين، والحفاظ على السلام مع القبائل المحايدة. تسمح هذه الاستراتيجية الذكية لأنصار الله بالسيطرة على البيضاء دون استخدام القوة وإحباط خطط أعداء سعوديين وإماراتيين وأمريكيين لإشراك القبائل في معاداة حكومة صنعاء.
إلا أن معسكرات القاعدة وداعش تقع في مناطق معزولة من البيضاء ، وخاصة في الجبال الواقعة بين محافظتي البيضاء وابين وشبوة. والقاعدة موجودة أيضا في منطقة ولد ربيع. وينتمي بعض أعضاء القاعدة إلى القبائل، وتساعد الانتماءات القبلية هذه المجموعة الإرهابية على النشاط في البنية الاجتماعية للمحافظة، والتي تستخدمها السعودية للتأثير على العلاقات بين قبائل البيضاء وصنعاء. لكن تنظيم داعش بأعضائه غير اليمنيين تسبب في توتر العلاقات مع قبائل المنطقة ، ويستخدم السعوديون والإماراتيون عناصر التنظيم الإرهابي لترهيب القبائل ومحاربة قوات أنصار الله.
ففي ظل تفكك التحالف السعودي الإماراتي، وكذلك الهزائم المتتالية للجبهة المناوئة لليمن على يد أنصار الله والجيش اليمني، تحولت القاعدة وداعش الى قوات برية للسعودية وحكومة منصور هادي وانكشف تحالف الرياض مع ارهابيي القاعدة في جبهة مأرب وجبهة البيضاء ايضاً.
حيث يثبت هذا الامر عبثية شعارات السعودية والولايات المتحدة حول محاولة إنهاء الحرب والرغبة في حل القضية اليمنية. وفي هذا السياق اكد وزير الاعلام اليمني ضيف الله الشامي أن العملية العسكرية التصعيدية في مديرية الزاهر بمحافظة البيضاء التي أعلنت عنها حكومة العملاء والخونة بشكل رسمي وأطلقت عليها اسم "النجم الثاقب" تقف خلفها وتديرها أمريكا التي تدعي حرصها على السلام في اليمن كذبا وزورا.
كما أكد الشامي أن هذه العملية تكشف تبني دول تحالف العدوان مجمل العمليات الإجرامية التي تمارسها القاعدة وداعش في مختلف محافظات الجمهورية بشكل عام والبيضاء على وجه الخصوص، والتي تمكن الجيش واللجان الشعبية من مواجهتها وتطهير أغلب المناطق التي كانت تمثل معاقل رئيسة لها في اليمن والمنطقة.