الوقت- ضجة كبيرة أثارها نجاح القياديّ في حركة المقاومة الإسلاميّة حماس، صالح العاروري، في الانتخابات الداخليّة للحركة لمنصب زعيم حماس في الضفة الغربيّة، حيثُ فسر انتخاب العاروري للمنصب من قبل محللين إسرائيليين وعرب على أنّه انتصار لمحور المقاومة فيما قالت مؤسسة فكريّة إسرائيليّة إنّ انتخاب العاروري يعكس تنامي شعبية إيران في الضفة الغربية، واعتبر مركز الفكر الإسرائيليّ المختص في دراسة القضايا الأمنيّة والاستراتيجيّة والدبلوماسيّة، أنّ سبب انتخاب صلاح العاروري زعيما لحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية حماس في الضفة الغربية يزيد من قوة الجمهوريّة الإسلاميّة وشعبيتها في الضفة الغربية.
وفي هذا الصدد، انتُخب يحيى السنوار قائداً لحركة حماس في قطاع غزة في 10 آذار، كما انتخاب خالد مشعل رئيساً لحركة حماس في الخارج بدلاً من ماهر صلاح في 17 نيسان، والقيادي البارز في حماس، موسى أبو مرزوق، نائباً لرئيس حماس في الخارج، وذكرت حركة حماس أنّه من المقرر أن يجتمع مجلس شورى التنظيم في الأيام المقبلة وينتخب رئيس المكتب السياسيّ للحركة، على أن يكون المرشح الأول رئيس المكتب السياسيّ الحاليّ إسماعيل هنية.
وقد استمرت انتخابات الحركة الداخلية فترة طويلة وتأخرت نتائجها بسبب الاستعدادات للانتخابات البرلمانيّة والرئاسيّة التي عرقلها رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، في نهاية المطاف، بسبب الاحتمالية الكبيرة لفوز حركة حماس في الانتخابات التشريعيّة، والتي أعلن عنها عبّاس سابقاً من خلال إصدار مرسوم بإجراء الانتخابات العامة على ثلاث مراحل.
ويعتبر انتخاب العاروري لهذه المهمة انتصاراً آخر لمحور "حماس" بقيادة إسماعيل هنية الذي تغلب على المحور المحسوب على جماعة الإخوان المسلمين بقيادة خالد مشعل والمدعوم من قطر وتركيا، وشارك صالح العاروري العام المنصرم كممثل عن حماس في محادثات إسطنبول التي اتفق فيها مع ممثل حركة فتح، جبريل الرجوب، على عملية الانتخابات البرلمانيّة والرئاسيّة، وهي عملية أحبطها الرئيس عباس، عقب تزايد التوقعات الإسرائيليّة التي تحدثت أنّ حماس هي المنتصرة في تلك الانتخابات.
يشار إلى أنّ إدارة الرئيس الأمريكيّ السابق، دونالد ترامب، اتخذت موقفاً متشدداً للغاية ضد حركة المقاومة حماس وكبار ضباطها، حيث أعلنت في 31 كانون 2018، أنها وضعت رئيس الحركة، إسماعيل هنية، على ما تسمى "قائمة الإرهاب الأمريكيّة"، كما أعلنت بعد ذلك بوقت قصير أنها صنفت أيضاً صالح العاروري، نائب إسماعيل هنية، ضمن القائمة نفسها، لأنّه رئيس الجناح العسكريّ لحماس في الضفة الغربيّة تربطه علاقات جيدة مع إيران والمقاومة اللبنانيّة، لدرجة أنّ الولايات المتحدة خصصت 5 ملايين دولار لمن يقدم معلومات عن مكان وجوده وشخصيتين أخريين من حزب الله.
يُذكر أنّ صالح العاروري يُعد من أبرز الشخصيات في حركة المقاومة إضافة إلى إسماعيل هنية، ويحيى السنوار، ومحمد ضيف، وروحي مشتهى، وفتحي حماد، و أحمد الغندور، المدرجين على قائمة الإرهاب الأمريكية، وإنّ القيادي العاروري يتنقل كثيراً في العالم العربيّ وله زيارات عديدة إلى قطر وإيران ولبنان وتركيا بحسب مواقع إخباريّة، وهو ابن الضفة الغربية، وقضى 18 عاماً في سجون العدو بسبب تأسيس الجناح العسكريّ لحركة حماس داخل الضفة، وفي العام 2010 أطلق سراحه وتم ترحيله إلى سوريا، وبعد أن غادرت حماس سوريا وانتقلت إلى قطر، عاش في تركيا ومن ثم رُحِّل تحت الضغط الأمريكيّ - الصهيونيّ إلى قطر، لكنه تم ترحيله أيضاً من هناك، فاستقر في لبنان وبالتحديد في الضاحية الجنوبية لبيروت.
بناء على كل ذلك، يوماً بعد آخر تُصبح حركة المقاومة الإسلامية في فلسطين حاضرة بشخصياتها المهمة في النظام السياسيّ الفلسطينيّ لتقود تحولاً تاريخياً مفصليّاً في تاريخ فلسطين، ما جعلها بالفعل تهتم أكثر في مجالات أريد لها لمدة طويلة أن تبقى بعيدة عنها، لتبقى حكراً على فئة دون أخرى، الأمر الذي يدل بشكل واضح على مدى النضج المتزايد الذي تصل إليه حماس بفعل التجارب الصعبة والقاسيّة التي خاضتها على جميع الأصعدة الاقتصاديّة والمؤسساتيّة والسياسيّة والعسكريّة، على كل المستويات الداخليّة والصهيونيّة والعربيّة والدوليّة.