الوقت- تمكن أبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية "أنصار الله" خلال الايام الماضية من توجيه ضربة أمنية شديدة للمعتدين السعوديين بجيزان؛ حيث لم تترك تلك الضربة للرياض أي خيار سوى اللجوء إلى التعتيم الإعلامي للتغطية على هزيمتها. وفي وقت سابق، وجه أبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية "أنصار الله" ضربة أمنية قاتلة للقادة السعوديين في محافظة جيزان الحدودية وفاجأتهم ولقد تمت هذه العملية واسعة النطاق ضد المعتدين السعوديين على محور "الخوبة - وادي جبارة" من ثلاثة محاور رئيسة. واستهدفت هذه العملية مواقع وقواعد الجيش السعودي في "تباب الفخيذة والتبة البيضاء والقمبورة والعامود وطويق وقائم صياب". وسيطر أبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية "أنصار الله" خلال تلك العملية على عشرات المراكز والمواقع التابعة للسعودية وألحقوا أيضاً الكثير من الأضرار المادية بالمعتدين. وبينما كانت ساحة المعركة في مأرب في حالة ركود منذ عدة أيام ولم يطرأ تغير يذكر لدى القوات المعادية في المعركة، إلا أنه في الوقت نفسه تشتعل نار الحرب في أعماق السعودية. حيث أعلن أبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية "أنصار الله"، يوم الأحد الماضي، لليوم الثاني على التوالي، عن استهداف قاعدة الملك "خالد" الجوية الواقعة في مدينة "خميس مشيط" بمحافظة جيزان بطائرات مسيرة انتحارية. وفي غضون ذلك، نقلت شبكة المسيرة اليمنية عن مسؤول عسكري يمني قوله إن أكثر من 80 جنديا سعوديا قتلوا وجرحوا وأسر عشرات آخرون في عملية ناجحة للجيش اليمني جنوب غرب السعودية. وأفاد المسؤول العسكري اليمني، بأن مجاهدي الجيش اليمني واللجان الشعبية حرروا أكثر من 40 موقعاً على محور جيزان في السعودية في سلسلة عمليات هجومية واسعة النطاق.
وبالتزامن مع كل هذه الانتصارات التي حققها أبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية في العديد من جبهات القتال، سارعت الدول الغربية ومجلس الأمن للبحث عن حلول لإنقاذ الرياض من المستنقع اليمني وبالفعل أعلن مجلس الأمن قبل عدة أيام عن تحركات يقوم بها لإيقاف تقدم قوات الجيش واللجان الشعبية في مدينة مأرب ولقد ردت جماعة "أنصار الله" اليمنية على تحركات مجلس الأمن الدولي الجديدة بشأن اليمن، مؤكدة أن أي نشاط جديد لمجلس الأمن لن يتم القبول به إلا عندما يخدم مصالح اليمن. وعقب كل هذه الهزائم التي مُنيت بها المملكة والتي أثرت سلباً على اقتصادها المترنح، أعلن وزير الخارجية السعودي قبل عدة أيام عن مبادرة جديدة لإنهاء الحرب في اليمن والخروج بماء الوجه من المستنقع اليمني. ولقد جاءت المبادرة السعودية للسلام في اليمن لتمثل محاولة من الرياض للخروج من المستنقع اليمني، ولكنها أيضاً تشكل مسعى لإبراء الذمة أمام الغرب الذي بات يلومها على الحرب التي تبدو بلا نهاية.
ورداً على هذه المبادرة، اعتبرت حركة "أنصار الله" اليمنية، قبل عدة أيام، أن المبادرة السعودية الجديدة لإنهاء الحرب في اليمن لا تتضمن أي شيء جديد. وقال عضو المجلس السياسي الاعلى، "محمد علي الحوثي"، في حديث لوكالة "رويترز"، "هذه الخطة لا تتضمن شيئا جديدا، إن المملكة جزء من الحرب ويجب أن تنهي الحصار الجوي والبحري على اليمن فورا". وأضاف "الحوثي": "أنصار الله ستواصل المحادثات مع السعودية وسلطنة عمان والولايات المتحدة للتوصل إلى اتفاق سلام". وشدد، على أن "فتح المطارات والموانئ حق إنساني ويجب ألا يستخدم أداة ضغط"، كما جاء. كما أكد عضو المجلس السياسي في اليمن على "موقف حركة أنصار الله الثابت برفع الحصار ووقف الحصار"، مضيفاً إن "أي مبادرة لا تلتفت إلى الجانب الإنساني فهي غير جادة"، داعياً لتوجه حقيقي لإنهاء الحرب والمعاناة الإنسانية للشعب اليمني"، متابعاً إن "الحرب على اليمن فرضت عليه، ولسنا طرفا في حصار اليمنيين حتى نفاوض عليه"، ومشيراً إلى أنه "لو توقف العدوان والحصار من هذه اللحظة لتوقفنا، لكن مقايضة الملف الإنساني بالملف العسكري والسياسي مرفوض". ولفت "الحوثي" إلى أن الرياض دائما كانت تنكث بالعهود والمواثيق ولا سيما ما تم الاتفاق عليه مسبقا حول ميناء الحديدة. وأكد أن حكومة صنعاء لا تستطيع الوثوق مجددا بالرياض.
وعلى صعيد متصل كشفت العديد من التقارير الاخبارية عن وصول، وفد من المكتب السلطاني في عمان بمعية رئيس وفد صنعاء التفاوضي، "محمد عبد السلام"، على متن طائرة عمانية إلى صنعاء يوم السبت الماضي. ونقلت قناة "المسيرة" عن "محمد عبد السلام" قوله إن "وفد المكتب السلطاني يصل للتباحث حول الوضع في اليمن على أساس مبدأ حسن الجوار والمصالح المشتركة". وأضاف "عبد السلام": "نعمل على الدفع بعملية ترتيبات الوضع الإنساني وكذلك عملية السلام"، مشيرا إلى أنه "استكمالا للجهود التي بذلناها بسلطنة عمان، نحن اليوم في صنعاء لمناقشة كل ما له مصلحة على المستوى الوطني والمنطقة عموما". وهذه المرة الأولى التي يصل فيها وفد عماني إلى صنعاء، منذ بدء الحرب قبل نحو سبع سنوات في اليمن، وفق رصد الأناضول. وفي أيار الماضي، أجرى المبعوث الأممي إلى اليمن "مارتن غريفيث"، جولة استمرت اسبوعا في السعودية وسلطنة عمان، للتوصل إلى اتفاق بوقف إطلاق النار في اليمن.
ويوم أمس الاثنين كشفت مصادر عمانية، عن مضمون رسالة خاصة وجهتها السعودية إلى قائد حركة "أنصار الله" تتعلق بمستقبل الحرب السعودية على اليمن والتي دخلت عامها السابع متسببة بأسوأ كارثة إنسانية في العصر الحديث. وقالت المصادر: إن "الوفد العماني الذي وصل إلى صنعاء يوم السبت الماضي حمل معه رسالة إلى قائد أنصار الله عبد الملك بدر الدين الحوثي من ولي العهد السعودي تتضمن تنازلات سعودية منها استعداد السعودية لفتح مطار صنعاء الدولي و ميناء الحديدة وتقديم معونات عاجلة لليمنيين مقابل وقف تقدمات قوات صنعاء بمأرب و وقف الهجمات الجوية بالمسيرات والصواريخ وغيرها على العمق السعودي" . وأشارت المصادر إلى أن الوفد العماني قام بإيصال الرسالة إلى قائد حركة "أنصار الله" .الجدير بالذكر أن ناطق الحركة "محمد عبد السلام" وعضو المجلس السياسي "محمد علي الحوثي" كانا قد ردا على المبادرة السعودية الأخيرة والتي تضمنت مضامين مشابهة بالتأكيد على عدم مقايضة الملف الإنساني بالملف العسكري مشترطين تقديم الملف الإنساني ومعالجته قبل أي مفاوضات و دون أي اشتراطات .
وعلى هذا المنوال نفسه، ذكر العديد من المراقبين أنه يجب اقتراح منطق مشجع على الدخول في المفاوضات وقالوا، إن "إنهاء الحصار السعودي للبلاد هو بداية، لكن رسم أفق لترتيبات تقاسم السلطة بعد هذه الخطوة الأولى هو ما سيجعل محادثات السلام ممكنة. بعبارة أخرى، بدلاً من الخلاف مع حركة أنصار الله حول شروط وقف إطلاق النار، يجب على الولايات المتحدة أن تعلن عن رؤية لما يمكن أن تكون عليه التسوية السلمية النهائية". ويقول البعض إن أي علامة على التنازل قد تشجع حركة أنصار الله أكثر على المضي قدمًا في تصعيدهم، كما يتضح من احتدام العنف مؤخرًا حول محافظة مأرب، آخر منطقة مهمة في الشمال لا تزال تحت سيطرة تحالف العدوان السعودي. ولكن، من المهم فهم أنه مع ارتفاع احتمالات إجراء مفاوضات السلام في عهد الرئيس "جو بايدن" مقارنة مع سلفه، يحاول قادة أنصار الله تعزيز موقفهم على الأرض وهذا ليس خطأ الإدارة الأمريكية الجديدة، إنها ببساطة طبيعة الحرب ومنطق الاوزان التفاوضية، ولا يقتصر بأي حال من الأحوال على اليمن.
وفي الختام يمكن القول، إن كل هذه الانتصارات التي تمكن أبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية من تحقيقها في عدد من مناطق ومديريات محافظة مأرب تدل على أن اليمنيين وصلوا إلى مستوى من القوة لدرجة أنهم ليسوا على استعداد لتقديم أي تنازلات للعدو لإنهاء الحرب، مؤكدين على الحفاظ على سيادة واستقلال البلاد. وفي ظل هذه الظروف، تحاول الرياض بالتأكيد تخفيف حدة عزلتها وتقليل الضغط الدولي لإنهاء الحرب من خلال الاستعانة بالعلاقات الدبلوماسية الخارجية وبذل الجهود لإجبار المجتمع الدولي، على إدانة الضربات الجوية اليمنية، والتي تعتبر رادعاً مشروعاً لوضع حد للعدوان السعودي على أبناء الشعب اليمني.