الوقت- تراجعت وتيرة المواجهات العسكرية عند تخوم مدينة مأرب، بعد فشل محاولات القوات الموالية للرئيس المنتهية ولايته، عبد ربه منصور هادي، تحقيق أي مكاسب على الأرض أو استعادة ما فقدته في الأسبوعين الماضيين، في مقابل مواصلة الجيش اليمني واللجان الشعبية استهدافها، بصورة شبه يومية، بهجمات مباغتة.
ويأتي هذا في ظل استمرار الصراع البيني في صفوف تلك القوات، والذي وصل أعلى مستوياته أواخر الأسبوع الماضي، بعد تمرد قائد "اللواء 312 مدرع"، العميد عيدروس الدميني، على قرارات رئيس الأركان المحسوب على الإمارات صْغير بن عزيز، وسيطرته على مبنى مؤسسة الاتصالات وفرع "يمن موبايل" والبريد في مدينة مأرب، وذلك ردا على حملة عسكرية وجهت من قبل بن عزيز للقبض على القائد المتمرد.
ونقلت صحيفة الاخبار عن مصادر قبلية، قولها إن العميد الدميني، الذي ينحدر من قبائل محافظة الجوف شرق محافظة مأرب، استعان بالعشرات من المسلحين من أبناء قبيلته، وتمكن، قبل أيام، من إحكام السيطرة على المباني المذكورة، الواقعة بالقرب من دوار صرواح وجولة القردعي.
وتضيف المصادر أن نطاق سيطرة مسلحي قائد اللواء المتمرد اتسع، حيث بات بإمكان هؤلاء الإشراف على مبنى السلطة المحلية والقصر الجمهوري في المدينة، ولا سيما أن مواقع المباني الساقطة تتحكم في الخطوط التي تربط مناطق مركز المحافظة.
وجاء تمرد الدميني في أعقاب اتهامه بـ"الخيانة" وإقالته من منصبه، من جراء سقوط مواقع عسكرية مهمة، قبل أسبوعين، من تحت سيطرة قوات يقودها في الجبهة الغربية لمدينة مأرب. وهو اتهام أثار استياء القائد المتمرد، الذي اتهم بدوره رئيس أركان هادي بالعمل لصالح أجندة الإمارات، رافضا الاعتراف به كرئيس أركان.
وفي خطوة تصعيدية، قامت الشرطة العسكرية في مدينة مأرب، فجر الإثنين، باقتحام منزل القائد الدميني، واعتقال نجله كرهينة حتى يسلم قيادة اللواء إلى القائد العسكري الجديد، وهو ما سيستدعي، بحسب مراقبين، ردا من قبائل الجوف التي تقاتل في صفوف قوات هادي.
وتمثل التطورات الأخيرة فصلا جديدا من الصراع المحتدم بين ميليشيات حزب "الإصلاح" وتيار الإمارات، الذي يحاول استثمار انتكاسات خصومه لتقديم نفسه كبديل منهم.
ميدانيا، تراجعت وتيرة المواجهات في الأطراف الشرقية للطلعة الحمراء غرب المدينة، وفي محيط تبة المصارية والتومة العليا وصولا إلى منطقة الوايت ودشن الخشن شمال غرب المدينة. كذلك، لم تشهد جبهات العلم والجدافر الواقعة ما بين محافظتي مأرب والجوف أي مواجهات منذ أواخر الأسبوع الماضي، باستثناء مناوشات وتبادل للقصف المدفعي.
وعلى رغم وصول تعزيزات لقوات هادي إلى الجبهتين الغربية والشمالية الغربية الواقعة بالقرب من المدينة، خلال الأيام الماضية، كان للمواقع الحاكمة التي سقطت تحت سيطرة الجيش واللجان دور مهم في تنفيذهما عددا من الكمائن والعمليات الاستنزافية لتلك التعزيزات التي وقع الكثير منها بين قتيل وجريح.
ورصدت "الأخبار" تنفيذ قوات صنعاء عملية هجومية على مواقع قوات هادي وعناصر تنظيم "القاعدة" في منطقة الشعب الحمر قرب حمة المصارية غرب المدينة، أول من أمس، أدت، بحسب المصادر، إلى مقتل 23 وجرح 12 آخرين، وتدمير عدد من الآليات العسكرية.
وجاءت هذه العملية بعد ساعات من تنفيذ عملية مماثلة استهدفت تعزيزات لقوات هادي وميليشيات "الإصلاح"، السبت الماضي، في أطراف جبل البلق والخط العام الرابط بين صرواح ومدينة مأرب، حيث استدرجت وحدة الهندسة التابعة للجيش واللجان كتيبة عسكرية إلى حقل ألغام، ودمرت تسعة أطقم عسكرية وأربع مدرعات.
في هذا الوقت، واصل الجيش واللجان جني ثمار نجاحهما في اختراق قوات هادي من الداخل في مأرب خلال الأيام الماضية؛ إذ باغتا اجتماعا عسكريا رفيع المستوى عقد في أحد المباني الواقعة في قاعدة "صحن الجن" العسكرية، السبت، بهجوم صاروخي أوقع عددا من القتلى والجرحى.
وعلى رغم اتهامات وزارة دفاع حكومة هادي لقوات صنعاء باستهداف حي الروضة السكني بصواريخ بالستية، إلا أن مصادر محلية نفت صحة تلك الاتهامات، لافتة إلى أن قاعدة "صحن الجن"، حيث يوجد مقر وزارة دفاع هادي، وقيادة المنطقة العسكرية الثالثة، ومعسكر قوات الأمن الخاصة، تقع في نطاق الحي المذكور. كذلك، أفادت مصادر مقربة من حكومة هادي في مدينة مأرب بتعرض معسكر قوات الأمن الخاصة لانفجار عنيف أوقع العشرات بين قتلى وجرحى.
ولم تذكر المصادر في صنعاء إذا ما كان الانفجار ناجما عن هجوم صاروخي، لكن التقديرات تشير إلى أنه ناتج عن عمل استخباري من داخل المعسكر نفسه، استهدف مخزن سلاح للقوات الخاصة التابعة لـ"الإصلاح".