الوقت - كانت ناغورنو كاراباك تحت الاحتلال الأرمني لسنوات عديدة، وشعب جمهورية أذربيجان کان يحترق ألماً بسبب بقاء هذه المنطقة تحت الاحتلال.
الحركات الدينية کانت تنتظر فرصة الجهاد منذ سنوات، جهادٌ کان الكثير من الجنود الأذريين يطلبونه من سويداء قلوبهم بناءً على مبادئهم الدينية والاحتذاء بسيد الشهداء أبي عبد الله الحسين(عليه السلام).
إلی أن حقَّق أهل هذا البلد أخيرًا حلمهم الذي طالما حلموا به في عام 2020، وعاد هذا الجزء من الإسلام إلى الوطن، وقد خلق هذا الحدث السعيد لحظات جميلة لا تنسى لجمهورية أذربيجان.
بالطبع، هذا الحماس الوطني لا يقتصر على أراضي ناغورنو كاراباخ المحررة، بل هناك أراض إسلامية على هذا الكوكب لا تزال محتلةً من قبل المتغطرسين والمستکبرين، وخير مثال على ذلك القدس الشريف واحتلاله من قبل الصهاينة الظالمين.
أجل، يجب تحرير القدس الشريف من المحتلين مثل تحرير ناغورنو كاراباخ، وهو حلم ننتظره منذ أكثر من 7 عقود.
القدس مدينة الأنبياء والقبلة الأولى للمسلمين، ويجب على مسلمي العالم أن ينهضوا للحفاظ عليها. وتظهر التجربة التاريخية والثقافية أن السبيل الوحيد لإعادة الأراضي الفلسطينية المحتلة هو المقاومة، وطالما أن العالم الإسلامي غير موحد، فإن هذا الحلم طويل الأمد لا يمكن تحقيقه على الإطلاق، ويا له من إرث عظيم تركه الإمام الخميني(رحمه الله) مؤسس الثورة الإسلامية للمسلمين.
بتسميته الجمعة الأخيرة من شهر رمضان المبارك بيوم القدس، منع الإمام الخميني نسيان هذا الجزء من الإسلام، وهو القدس الشريف، وأصبحت هذه الحركة ثقافةً للأمم المستيقظة في العالم الإسلامي.
وهي نفس الثقافة التي طريقها الوحيد هو الصمود ومقاومة الظالم، ولم يكن تحرير ناغورنو كاراباخ استثناءً من هذه القاعدة، وشهد الجميع أن ناغورنو كاراباخ قد تحررت بسبب المبادئ الدينية للجنود الأذريين.
من القضايا المهمة في تحرير المناطق الإسلامية، کانت النظرة القومية للعديد من السياسيين وحكام الدول الإسلامية إلی الأراضي المحتلة، وهي النظرة غير الصحيحة بأي حال من الأحوال.
يرى بعض القادة السياسيين والدينيين في المنطقة والعالم الإسلامي أن قضية فلسطين هي قضية عربية، وهي وجهة نظر وجَّهت أكبر ضربة لتحرير القدس الشريف.
وقد أثيرت مثل هذه الرؤية بشكل أساسي بعد انتصار الثورة الإسلامية الإيرانية من قبل بعض الدول العربية، وكذلك بعض المعارضين المحليين؛ الأمر الذي حوَّل مقتل الأطفال والنساء وتشريد مئات الآلاف من الفلسطينيين من كارثة إنسانية إلى قضية عرقية وعربية.
وهذا بالضبط نفس الرأي الذي كان لدى بعض الانفصاليين ذووي النزعة التركية بشأن قضية ناغورنو كاراباخ، الذين اعتقدوا أن ناغورنو كاراباخ هي قضية تركية وأن علی جميع الناطقين باللغة التركية في العالم التعبئة لتحريرها.
شهدت العديد من الحكومات والدول الخطوات القيمة التي اتخذتها جمهورية إيران الإسلامية في عام 1991 لتحرير كاراباخ من الاحتلال الأرميني من أجل استعادة هذه الأراضي المحتلة، لدرجة أنها أرسلت قوات إلى هذا البلد واتخذت خطوات فعالة في تشكيل جيش جمهورية أذربيجان.
بالطبع، تم التعبير عن هذه السياسة للجمهورية الإسلامية الإيرانية مرات عديدة من سماحة قائد الثورة في خطاباته المختلفة، بأنه يجب أن تعود ناغورنو كاراباخ إلى أذربيجان؛ کما أن جمهورية إيران الإسلامية كانت في طليعة الدفاع عن فلسطين وقضيتها لما يقرب من 5 عقود، وهذا واضح للجميع.
من السياسات المبدئية للجمهورية الإسلامية الإيرانية هي الدفاع عن المظلوم ضد الظالم، ويؤكد ذلك كل من يطالب بالحرية في العالم. بمعنى آخر، إذا كان القدس مهمًا وتاريخيًا للشعب الفلسطيني ومسلمي العالم، فإن مسجد شوشا أيضًا له مكانة تاريخية وفريدة من نوعها في الرأي العام لأذربيجان، وستكون الشعوب الحرة والمسلمة سعيدةً بهذا التحرير.
على أي حال، إن جسد الأمة الإسلامية مثل أعضاء جسم واحد، ويجب أن تكون جميع أعضائه تحت سيطرة حكام عادلين، وليست ناغورنو كاراباك والقدس الشريف استثناءً من هذه القاعدة.
ومثلما تحررت ناغورنو كاراباخ من خلال تضحية ومقاومة الشباب ضد المحتل، ولم تنجح طريقة التفاوض والتسوية طوال الثلاثين عامًا الماضية، فينطبق الشيء نفسه على المسلمين الفلسطينيين، ومن أجل تحرير القدس فإن التسوية لن تنجح.
ومثلما رفض الأرمن إعادة أراضي أذربيجان، لن يعود الإسرائيليون أبدًا إلى حدود عام 1948. ويمكن ملاحظة ذلك من خلال الاتجاه المتنامي لبناء المستوطنات في الضفة الغربية.
في غضون ذلك، فإن دور الولايات المتحدة والکيان الصهيوني والحركة الوهابية في المنطقة، إضافةً إلى ضعف بعض الجماعات الفلسطينية وعدم ثقتها بنفسها، جعل خيار التعايش مع هذا الکيان مطروحًا أكثر من ذي قبل. وهو التعايش الذي لن يستمر بسلام، إلا إذا تخلی الفلسطينيون عن بيوتهم وأراضيهم وذكرياتهم.
القدس اليوم اختبار لجميع المسلمين في العالم. حتى العام أو العامين الماضيين، عانى الشعب المتدين في جمهورية أذربيجان ألمين معًا، الأول ناغورنو كاراباخ التي كانت تحت الاحتلال الأرمني، والثاني القدس الشريف الذي هو أمانة إلهية، والحل الوحيد لهذه الآلام هو طرد المحتلين من هذه الأراضي.
الأول تحرَّر علی يد العسكريين الذين آمنوا بمبادئهم الدينية، وإن شاء الله سيعود الثاني أي القدس هذا الجزء من الإسلام قريباً إلى حضن البلدان الإسلامية، بمقاومة الشباب المسلم الغيور واستعداده للشهادة.