الوقت- هناك حالة من التوتر والخوف تسود لدى مختلف المحافل الإسرائيلية؛ من تواصل تنفيذ الفلسطينيين عمليات ضد المستوطنين وجنود جيش الاحتلال في الضفة الغربية والقدس، ما دفع تل أبيب إلى رفع درجة الجهوزية في الأراضي المحتلة.
توجد تحليلات اسرائيلية تقول إنه بعد الأحداث في باب العمود بالقدس والتصعيد في غزة قبل أكثر من أسبوع، فقد اعتبر جهاز الأمن تأجيل الانتخابات الفلسطينية، أمرا ذا إمكانية كامنة هامة للتصعيد في الساحة الفلسطينية، مع التشديد على الضفة.
هل كانت تعتقد اسرائيل أنها ستعتدي على الفلسطينيين دون أن تحصد نتيجة ما تقترفه بحق الفلسطينيين، وترجح تقديرات الجهاز الأمني، أن "حماس ستشدد جهودها لتشجيع وتوجيه العمليات من غزة إلى الضفة و القدس"، موضحة أن "أوساطا في الجيش لم تر في محاولة عملية الطعن صباح أمس في "غوش عصيون"، والتي تقدمت فيها امرأة فلسطينية تبلغ 60 عاما نحو الجنود مؤشرا واضحا على ميل التصعيد في الميدان، حيث أطلق الجنود النار عليها".
وعصر الأحد، اعترف جيش العدو بإصابة ثلاثة مستوطنين بإطلاق نار عند حاجز زعترة، الذي يُعدّ حاجزاً حيوياً يفصل بين عدّة محافظات في الضفة الغربية. وتُبيّن مصادر، لـ"الأخبار"، أيضاً، أن الحاجز مزوّد ببرج مراقبة كبير، إضافة إلى عدّة أبراج مراقبة أصغر وعالية نسبياً، فضلاً عن انتشار مكثّف دائم لجيش العدو عنده، فيما إلى جانب الطريق محطّة حافلات إسرائيلية ينتظر فيها المستوطنون. محطّة حافلات الانتظار هذه، كانت هدف المقاوم الذي توجّه إلى عبور الحاجز كباقي المركبات الفلسطينية والإسرائيلية قادماً من جهة بعض قرى جنوبي شرقي نابلس ورام الله باتجاه مدينة نابلس، لكنه توقّف مقابل المحطّة، وصرخ "الله أكبر"، مُطلِقاً عشر رصاصات على المستوطنين، ثمّ أكمل طريقه، بحسب "القناة الـ 20" العبرية. ويُظهر فيديو مصوّر بثه إعلام العدو أن أحد الجنود فرّ هارباً مع مستوطنين لحظة تنفيذ العملية، فيما زعمت مصادر إسرائيلية أن جنود العدو ردّوا بإطلاق النار على المركبة وأصابوها، لكن السائق الفلسطيني أكمل طريقه.
وقد رأى مراسل صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية أن عملية زعترة، بجرأتها، تُذكّر بعملية الأسير عاصم البرغوثي، حيث جرى إطلاق النار في مفترقٍ مؤمّن جيّداً والانسحاب بسلام. وتبدي مصادر إسرائيلية متطابقة خشية من تنفيذ المقاوم عمليات أخرى قبل العثور عليه، أو اتجاه خلايا أخرى إلى تقليد عملية زعترة في الأيام المقبلة. ولا يقتصر الفشل الذي مُني به العدو على تعقيدات المكان الأمنية فحسب، بل يكشف التحقيق الرسمي الأولي قيام نائب قائد لواء "جولاني" شخصياً، بتدريب الجنود على الحاجز قبل ساعات من العملية، حول كيفية التعامل مع إطلاق نار مِن مركبة مسرِعة، ورغم ذلك لم يتمكّنوا من إصابة المقاوم أو إعاقته، وفق مراسل "القناة 13" العبرية.
منذ لحظة وقوع العملية عند حاجز زعترة، أغلق جيش العدو شمال الضفة كاملاً. كما أغلق كلّ مداخل مدينة نابلس وما حولها، وأقام عشرات الحواجز على مداخل القرى والمفترقات، وواصل الاستيلاء على تسجيلات كاميرات مراقبة من محالّ تجارية في عدد من المناطق. وصعّد المستوطنون، بدورهم، من اعتداءاتهم على عدّة قرى في جنوبيّ نابلس، لكن الفلسطينيين تصدّوا لهم بمواجهات خلّفت عدّة إصابات. وتركّزت أبرز نقاط المواجهة مع جيش العدو ومستوطنيه في كلّ من: بلدة بيتا جيث أصيب خمسة شبان برصاص العدو، وقريتَي قصرة وجالود حيث دارت مواجهات عقب هجوم مستوطنين على منازل في القريتَين. يُذكَر أن منطقة حاجز زعترة لم تشهد عملية إطلاق نار بهذه النوعية منذ انتهاء الانتفاضة الثانية في عام 2005، فيما شهدت عمليات دهس ومحاولات طعن فدائية، الأمر الذي أجبر العدو على رفع تحصيناته واحتياطاته الأمنية من المكان، قبل أن يُشيّد نقاط كاميرات عالية الجودة خلال ما يعرَف بـ"هبّة القدس" في عام 2014، لكن كلّ هذه الاحتياطات لم تَحُل دون تنفيذ عملية حاجز زعترة الأخيرة.
فور إغلاق جيش العدو الحواجز، عَلِق مئات الفلسطينيين بين محافظات الضفة الغربية، وخصوصاً في منطقة زعترة وجنوب نابلس، حيث تداعى الفلسطينيون وقت الإفطار إلى إسناد بعضهم البعض. وأَفرغ تاجر متجوّل بالجملة حمولة مركبته للصائمين، فيما قدّم شبان من بلدة بيتا وجبات إفطار للعالقين، ووزّع آخرون التمر والماء في غرب نابلس. أيضاً، انطلقت دعوات شبابية عبر مواقع التواصل إلى ضرورة إتلاف تسجيلات كاميرات المراقبة في القرى القريبة من مكان العملية، لمنع العدو من الوصول إلى المقاوم.
في غضون ذلك انشغلت المؤسّسة الأمنية الإسرائيلية في رسم مآلات المرحلة المقبلة، ومع تباينها حول بعض التفاصيل، اجمعت التقديرات على أن ما تبقّى من أيام شهر رمضان المبارك تنطوي على "قابليات تصعيد كبيرة"، وأن "إسرائيل" تُجري الاستعدادات اللازمة على المستويين العسكري والاستخباري.
واعتبر محلل الشؤون العسكرية في صحيفة معاريف "طال ليف رام"، أن الهجوم قرب حاجز زعترة "تقاطع تبواح"، "نجح في إثارة قلقٍ حقيقي وسط مسؤولي الجيش"، وأنهم في المؤسسة الأمنية يقدّرون أن حركة حماس ستزيد جهودها في تشجيع وتوجيه العمليات ، من قطاع غزة، إلى الضفة والقدس المحتلة . لكنّ بحسب محلّلين آخرين، فإن حركة حماس "لن تستفزّ إسرائيل في الوقت الذي تدفن فيه أموات سقطوا في كارثة جماعية (حادثة ميرون)، تحسّباً من دفع الجيش الإسرائيلي إلى ردّ شديد، كما أن السفير القطري سيحضر الأسبوع الحالي إلى القطاع حاملاً المساعدات المالية".
وأضاف "ليف رام" إنه رغم "الهجوم القاسي" تعتقد المؤسسة الأمنية أنه "لا زال من السابق لأوانه الإشارة إلى تصعيدٍ مهم وتضرر الاستقرار الأمني في الضفة الغربية، مع ضرورة التنبّه إلى أن ذلك قد يشكل نقطة تحوّل تجعل الطريق إلى تصعيدٍ أمني.. قصيرة جداً".
ومن المتوقع الأيام القادمة التي تشمل على؛ يوم القدس، ليلة القدر، عيد الفطر وذكرى النكبة، سيتواصل الوضع المتفجر وستكون اسرائيل في أسوء أيامها، ولا نستبعد أن تتجه الأمور نحو انتفاضة فلسطينية ثالثة، وخاصة بعد ان ساهمت اسرائيل في افشال الانتخابات الفلسطينية، وها هي تعتدي على الفلسطينيين في الضفة الغربية وتهجرهم من منازلهم في حي الشيخ جراح.