الوقت- لن يغفر التاريخ لكل من يتغاضى عن الانتهاكات الاسرائيلية المقززة بحق الفلسطينيين، فحملات تهجير الفلسطينيين من منازلهم وأحيائهم لم تتوقف منذ نشأة هذا الكيان السرطاني، ولا تزال اسرائيل ماضية على نفس النهج في محاولة لطمس الهوية الفلسطينية وتهجير جميع الفلسطينيين من فلسطين، وما تفعله اليوم اليوم في حي الشيخ جراح ما هو إلا خير دليل على ذلك.
لقد استفز حوار بين ناشطة فلسطينية وأحد المستوطنين في حي الشيخ جراح المهدد بالإخلاء قسريًا بمدينة القدس المحتلة مشاعر المغردين الفلسطينيين والعرب على مواقع التواصل الاجتماعي، مع اعتراف المستوطن بأنه يسرق المنزل بالفعل.
ونشر الناشط الفلسطيني تامر مقالدة مقطع فيديو ظهرت فيه الناشطة منى الكرد وهي تحاور مستوطنا يقف في حديقة منزلها لتقول له "يعقوب، أنت تعلم أن هذا ليس منزلك"، ليرد الأخير "نعم، ولكنك تعلمين أنني حتى وإن خرجت فأنت لن تعودي للمنزل".
وخاطبت الكرد المستوطن "أنت تسرق بيتي"، ليرد عليها مرة أخرى "إذا لم أسرقه فسيسرقه آخر"، وختمت الناشطة بالقول له "ليس مسموحا لأي شخص بسرقته".
وعبر مغردون فلسطينيون وعرب عن غضبهم لما يمارسه المستوطنون بحماية حكومة الاحتلال، وعلق رجل الأعمال المصري نجيب ساويرس على المقطع واصفًا إياه بـ"منطق الحرامية".
وأضاف مغردون عرب إن المقطع يصور ما يعاني منه الفلسطينيون على مدار السنوات الماضية من تهجير وعربدة واحتلال وسلب للحقوق والمقومات الأساسية للحياة.
تقول مؤسسات حقوقية إسرائيلية وفلسطينية، إن قرارات الإخلاء بحق المنازل في الحي تأتي ضمن مخطط لتهويد مدينة القدس، إضافة إلى هدم البيوت ومصادرة الأراضي وغيرها.
لقد وصلت العائلات إلى الحي بعد نكبة 1948، وأقامت فيه بالاتفاق مع الحكومة الأردنية (حكمت الضفة الغربية بما فيها القدس حتى 1967)، و"وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين" (أونروا).
يذكر أن قضية حي الشيخ جراح بدأت منذ عام 1972 عندما حاولت جمعيات استيطانية ادعاء ملكيتها للحي، وتم إخلاء العائلات الثلاث الأولى من الحي عامي 2008 و2009، وفي حال نفذت سلطات الاحتلال الإخلاءات الجديدة فإنها تكون قد طردت 15 عائلة من أصل 28 في حي كرم الجاعوني، وهو ما تعمل تلك العائلات وأهالي الحي على مواجهته عبر حملات متتالية على وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي وبالفعاليات الشعبية في الحي.
ويقول الفلسطينيون إنهم أقاموا منازلهم في العام 1956 بموجب اتفاق مع الحكومة الأردنية ووكالة الأمم المتحدة لغوث اللاجئين (الأونروا).
ولكن جماعات استيطانية إسرائيلية تقول إن العائلات الفلسطينية أقامت منازلها على أرض كانت مملوكة ليهود قبل العام 1948 وأن عليهم إخلاء هذه المنازل.
وفي السنوات الماضية، أخلى فلسطينيون 3 منازل في الحي، بعد قرارات صدرت عن المحاكم الإسرائيلية، ولكن الإخلاء يتهدد الآن نحو 38 عائلة فلسطينية.
وأمهلت المحكمة الإسرائيلية العليا يوم الأحد 4 عائلات فلسطينية مهددة بالإخلاء من حي الشيخ جراح، في القدس المحتلة، حتى الخميس المقبل من أجل التوصل إلى اتفاق مع الشركة الاستيطانية بشأن ملكية الأراضي المقامة عليها منازلهم.
وتقضي التسوية التي أمهلت المحكمة الإسرائيلية العائلات الفلسطينية للتوافق عليها مع المستوطنين إيجاد آلية لدفع بدل إيجار للمستوطنين بأثر رجعي، ومواصلة دفع الإيجار إلى أن يتوفى رب المنزل الفلسطيني، بحيث لا ينتقل الإيجار المحمي لأولاده.
وعبرت العائلات الفلسطينية عن رفضها بشكل قاطع هذه التسوية، المطابقة لمطالب الشركة الاستيطانية، باعتبارها اعترافا بملكية المستوطنين للأراضي.
بكل الأحول ما نريد أن نقوله إن شبح الإخلاء القسري والتشريد يهدد عشرات العائلات في القدس. يعيش 550 مواطنا من سكان حي الشيخ جراح تحت وطأة التهديد بالطرد من بيوتهم وأرضهم، بعد قرار السلطات الإسرائيلية ترحيل العشرات من الحي الواقع في الجانب الشرقي لمدينة القدس لمصلحة المستوطنين.
خطوة جاءت تحت ذريعة أن الأرض التي بنيت عليها منازلهم في منطقة كرم الجاعوني، تعود لعائلات يهودية ويجب إخلاؤها وتسليمها، وتهدف إسرائيل من خلالها إلى تعزيز نفوذها الاستيطاني في الحي إلى أن يتم تثبيت القدس عاصمة موحدة لإسرائيل.
هذه السياسة التي تمارسها إسرائيل بحق هذا الحي وأهله ليست بالجديدة وترجع إلى عقود مضت شهدت عمليات ومحاولات تهجير سابقة، لكنها في الآونة الأخيرة عادت إلى الواجهة ووضعت سكان الحي من جديد أمام خطر داهم.
مشاريع الاستيطان وعمليات التهجير الجماعي لطالما قوبلت بالاستنكار والرفض من قبل الشارع الفلسطيني. وخرج عشرات الشبان في مظاهرات ونظمت وقفات تضامنية تزامنا مع المهلة الزمنية التي حددتها المحكمة العليا الإسرائيلية لأهالي الحي والمستوطنين للتوصل إلى اتفاق رفضته العائلات الفلسطينية.
وعلت هتافات الفلسطينيين، تدعو لنصرة القدس والأقصى، ووقعت مواجهات بين فلسطينيين وقوات إسرائيلية استخدمت القوة المفرطة في محاولة لتفريق المتظاهرين، في حين أعرب مسؤولون فلسطينيون عن إدانتهم ما يحدث في حي الشيخ جراح، ودعوا لانتفاضة شعبية وتفعيل المقاومة بكافة أشكالها.
وتعليقا على ما تقوم به إسرائيل، قال رئيس أكاديمية الأقصى للوقف والتراث الدكتور ناجح بكيرات في حديث خاص مع "يورونيوز" إن "المخطط الإسرائيلي، هو مخطط خطير جدا يهدف إلى اقتلاع الفلسطيني من أرضه ومصادرة أملاكه، وهذا المخطط ليس جديد بقدر ما هو نتاج للمشروع الصهيوني الذي يطلق على هذا المكان من ضمن الحوض المقدس، هذا المصطلح التوراتي الذي تعتبره دولة الاحتلال مكانا مهيئا لمشروع الهيكل المزعوم".
وأضاف "نحن نرفض رفضا قاطعا هذا المشروع وهذا المخطط، ونعتبره اعتداء صارخا على أملاكنا وأوقافنا ووجودنا، وكل ما تقوم به دولة الاحتلال في القدس هو باطل بجسب القانون الدولي والقرار 242".
عن موقف المؤسسات الفلسطينية سواء كانت إدارة الاوقاف او المجتمع الفلسطيني، يشير نائب مدير الأوقاف الإسلامية إلى أن "المؤسسات الفلسطينية طالبت الجانب الأردني بتوفير الأوراق الثبوتية. وقام الجانب الأردني بتأمين كل ما هو مطلوب، ومن ثم تم تسليم هذه الأوراق إلى السلطة الفسلطينية، التي قدمتها إلى المحكمة الإسرائيلية، لكن الأخيرة اعتبرت أن هذه الأوراق ناقصة".
موقف السلطة الفلسطينية مما يجري؟
اعتبر بكيرات أن "اتفاقية أوسلو منعت السلطة الفلسطينية من أن يكون لها أي دور، ولا يمكن التعويل على دورها في مثل هذه القضايا".
وقال كرمل القاسم، أحد سكان البيوت الأربعة في حديث ليورونيوز، إن "الوضع حساس للغاية، نحن نعيش حالة من القلق والتوتر والخوف المستمر، ونخشى أن يتم إخراجنا من بيوتنا في أي لحظة وأن نجد أنفسنا في الشارع".
موقف حركة حماس
وقالت حركة "حماس"، إن ما يقوم به "الاحتلال الاسرائيلي من عمليات تهجير جماعي بحق الأهل في حي الشيخ جراح في مدينة القدس المحتلة، والاستيلاء على بيوتهم هو إستهداف علني للهوية الفلسطينية المقدسية وللوجود الفلسطيني في المدينة المحتلة"، وأضافت إنه "سلوك عدواني عنصري خطير وجريمة جديدة تضاف إلى سجله الأسود بحق أهلنا في القدس".