الوقت_ بالتزامن مع الأعمال الإجراميّة المتصاعدة التي يرتكبها محمد بن سلمان بحق شعبه، وفي محاولة منه لتلميع صورته في مراكز صنع القرار بالولايات المتحدة، كشف موقع “DES MOINES” الأمريكيّ عن إبرام عقد بين ولي العهد السعودي أو الحاكم الفعليّ للسعودية وشركة “LS2 Group” للعلاقات العامة بمليون دولار شهريًا، عقب محاولات سابقة لتلميع سجل السعودية "المُشين" في حقوق الإنسان، والتي أنفقت مليارات الدولارات على استضافة فعاليات ترفيهيّة وثقافيّة ورياضيّة كبرى، واعتمدتها كاستراتيجيّة مقصودة لحرف الأنظار عن جرائمها المتفشيّة وتخفيف سخط المجتمع الدوليّ.
في كل مرة يحاول فيها ولي العهد السعوديّ التغطية على منهجه الدمويّ، ينقلب السحر على الساحر ويتم التركيز أكثر فأكثر على استبداده وقراراته الصبيانيّة والمتهورة، ويقوم محمد بن سلمان بتلك الاستراتيجيّة لتلميع انتهاكاته في مجال حقوق الإنسان، والتغطيّة على الصورة الحقيقيّة التي طبعها في الأذهان الدوليّة وبالأخص في مراكز صنع القرارات الأمريكيّة حاليّاً، لخلق "صورة إيجابيّة" للمملكة على الصعيد الدوليّ أو الأمريكيّ، بعد الفضائح الكبيرة التي وثقت المنهج الدمويّ الذي يتبعه للبقاء في سدة الحكم.
وبعد أن خسرت بلاده أواخر العام المنصرم فرصة مهمة للحصول على العضوية في مجلس حقوق الإنسان التابع لمنظمة الأمم المتحدة، بسبب الرفض الدوليّ الذي يستند على السجل الدمويّ للرياض وانتهاكاتها في هذا المجال، أوضحت المصادر أنّ العقد المبرم مع الشركة يشمل تحسين صورة ولي العهد السعودي، وإظهار تقدم المملكة في جانب حقوق الإنسان خاصة حقوق المرأة، لأنّ الرياض خسرت مقعداً مهماً جداً، من ناحية تلميع صورتها البشعة أمام المجتمع الدوليّ وشعوب العالم، في حادثة تلت انتكاسات كثيرة للسعوديّة وجهودها الرامية لإخفاء الجرائم التي يرتكبها حكامها.
ويشير التقرير إلى أنّ عقد الشركة لا يقتصر على الدعاية فحسب، إنما يقوم أعضاء الشركة بحملة علاقات عامة مع أعضاء مجلس الشيوخ والكونغرس لمنع تشريع قوانين تستهدف فرض عقوبات على المملكة، بعد أن تفوقت على جيرانها واحتلت المرتبة الأولى في القمع والاستبداد، بحسب نتائج المسح الذي أجراه مركز “البيت الخليجيّ للدراسات والنشر” كأول إصدار بحثيّ متخصص بقياس درجة “المشاركة السياسيّة” بدول الخليج قبل مدة، والذي صنف السعودية كمملكة للقمع والحكم الاستبداديّ، حيث حلت مملكة آل سعود في المرتبة الأخيرة على مستوى دول الخليج في مؤشر المشاركة السياسيّة في ظل حظر التنظيمات السياسيّة والحريات العامة، ما أضاف إدانة أخرى للنظام المشهور بدكتاتوريّته الشديدة.
ومع استمرار انتهاكات السلطات السعودية بحق المدافعين والمدافعات عن حقوق الإنسان، فيما يخدم الملك سلمان وابنه ولي العهد هذا الاعتداء المستمر على حرية التعبير، أوضح الناشط الحقوقيّ الأمريكيّ، براين تيريل، أنّ "أخذ الأموال من طاغية يقتل المدنيين في اليمن، ويسجن النساء المطالبات بحقوق الإنسان، هو أمر مروع للغاية"، وذلك بسبب الدور السعوديّ القذر في الحرب على اليمن وتسببت الرياض بجرائم يندى لها الجبين بحق هذا البلد وشعبه، والتي لم تستثنِ الأطفال والنساء والشيوخ، وأدت لكوارث يندى لها جبين الإنسانيّة إضافة إلى تجاوزات خطيرة للقوانين الدوليّة، ما تسبب بأكبر كارثة إنسانيّة وفق منظمات دوليّة.
وفي الوقت الذي يوجد فيه أكثر من 30 ألف سجين سياسيّ في سجون السعودية، من خلال احتجاز المواطنين/ات والناشطين/ات بشكل تعسفيّ دون تهمة أو محاكمة، أكّد الناشط الأمريكيّ على ضرورة أن "يفتح الأمريكيين عيونهم أمام حملات التسويق المشوهة التي تغطي على الحقيقة في السعودية"، التي تُصنف سجونها السياسيّة بالوباء، بحيثُ تشمل الإصلاحيين، ونشطاء وناشطات حقوق الإنسان، والمحامين، والناشطين في الأحزاب السياسيّة، وعلماء الدين، والمدونين/ات، والمحتجين الفرديين، فضلًا عن مؤيدي الحكومة القُدَامى الذين عبَّروا عن انتقادات بسيطة وجزئيّة لإحدى السياسات الحكوميّة.
وما ينبغي ذكره، أنّ مؤسسي الشركة هم كل من عضو الحزب الجمهوري وسفير أمريكا السابق في دولة لاتفيا في عهد جورج دبليو بوش، تشاك لارسون، والذي عمل والده كمدير لإنفاذ القانون لمشروع دوريات الطرق السريعة في السعودية في أوائل الثمانينيات، إضافة إلى مديرة سياسية إقليمية سابقة في الغرب الأوسط للجنة الوطنية الجمهورية، وتدعى كارين سليفكا.
ولم تفلح في السابق فعاليات محمد بن سلمان لشراء المواقف الدوليّة والتغطية على جرائمه بحق مواطنيه، والآن من الصعب أن تقنع الرياض صانعي القرار في أمريكا بأنّها أصبحت دولة مثاليّة في ليلة وضحاها، لكنهم سيستخدمون تلك الورقة لاستنزافها أكثر فأكثر، حيث تواجه الرياض الكثير من المشاكل الدوليّة الكبيرة بينها قضية سجناء الرأيّ والمدافعات عن حقوق الإنسان في البلاد، والحرب على اليمن ومسألة المصير المريع للمهاجرين الإثيوبيين والناشطين والمدونين السعوديين المحتجزين في سجون النظام السعوديّ، إضافة إلى قضية الاحتجاز التعسفيّ من خلال قيام سلطات بن سلمان بتنفيذ حملات كبيرة من الاعتقالات التعسفيّة بحق المعارضين، والناشطين، والمثقفين، إضافة إلى المنافسين من العائلة الحاكمة.
يُذكر أنّ محمد بن سلمان حاول سابقاً تخفيف الضغوطات على السعودية من جانب الولايات المتحدة، لذلك فقد أمر بإصدار حكم على الناشطة السعوديّة المعروفة، لجين الهذلول، والذي يتضمن سجنها لفترة طويلة، لكن يسمح بخروجها، وصدر هذا القرار مع دخول الرئيس الأمريكيّ الجديد إلى البيت الأبيض، والذي تعهّد في السابق بفتح ملف حقوق الإنسان في المملكة، لكن السلطات السعودية رغم إفراجها عن الهذلول ستُبقِيها بعُهدتها، ولن تسمح لها بالسفر إلى الخارج، في الوقت الذي تتحدث فيه الناشطة السعوديّة وفق ما ينقل أشقاؤها، عن تعذيب، وتحرّش، وتهديد، طالها وهي تقبع خلف الزنازين.
ولم تترك المنظمات الدوليّة المعنيّة بحقوق الإنسان، كلمة تنديد إلا واستخدمتها في بياناتها المتعلقة بحقوق الإنسان وحريّة الرأي والتعبير في مملكة آل سعود، ومع ذلك تصر سلطات البلاد على الاستمرار بنهج الاعتقالات التعسفيّة والانتهاكات ضد النشطاء المعارضين ودعاة الإصلاح، وقد ملّت المنظمات من كثرة ما انتقدت السلوك القمعيّ لسلطات محمد بن سلمان ضد المواطنين، فيما أكّد ناشطون سعوديون أنّ الأوامر التي تتلقاها الأجهزة الأمنيّة تأتي بشكل مباشر من ولي العهد الذي يتجاهل الانتقادات المتكررة من قبل المنظمات الحقوقية المعروفة كـ "هيومن رايتس ووتش"، والمفوضية السامية لحقوق الإنسان، التابعة للأمّم المتحدة.
في الختام، لم يعد يخفى على أحد أنّ النظام السعوديّ لولا المبالغ الطائلة التي يدفعها، لما بقي حكامه لحظة واحدة على عروشهم المتهالكة، وهذا ما يبرر صمت المجتمع الدوليّ الذي لم يتوقف عن تقديم الدعم السياسيّ لهذا النظام الباغي، في ظل غياب مؤسف لمحاسبة قياداته، لهذا وبالاستناد على الوقائع التاريخيّة والحاليّة، ستقبض واشنطن بالتأكيد ثمن صمتها وسيسير الرئيس الأمريكيّ، جو بايدن، على طريق سلفه السابق دونالد ترامب، ليبقى الأبرياء كما تعودنا، وقوداً بين يديّ السياسيين.