الوقت- كشفت العديد من وسائل الإعلام مساء يوم الأربعاء الماضي عن وقوع انفجار كبير في معمل صواريخ "تومر" التابع للكيان الصهيوني ولقد أفادت وسائل إعلام صهيونية، صباح يوم الخميس الماضي، بسقوط صاروخ بالقرب من منشأة "ديمونا" النووية. وفي هذا الصدد، رد الناطق باسم الجيش الإسرائيلي "أفيخاي أدري" على الانفجار الذي وقع بالقرب من منشأة "ديمونا" النووية واعترف بفشل الدفاعات الجوية الصهيونية في اعتراض صاروخ المقاومة. وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي: إن "التحقيقات الأولية في حادثة إطلاق صاروخ أرض - جو على إسرائيل تشير إلى أنه لم يتم اعتراض الصاروخ". ومن ناحية أخرى، قال وزير الحرب الإسرائيلي "بيني جانتس"، في معرض إقراره بعدم كفاءة نظام الدفاع الصاروخي الإسرائيلي "القبة الحديدية": "سنحقق في فشل عملية الاعتراض الصاروخي لهذا النظام". واضاف، "جرت محاولات لاعتراض الصاروخ لكنها فشلت ولهذا سنحقق في هذا الحادث".
وبينما اعترف الكيان الصهيوني رسميًا بفشله في اعتراض الصاروخ الذي أُطلق على منشأة "ديمونا" النووية، إلا أنه يزعم أن لديه أحدث أنظمة دفاعية أمريكية الصنع وأكثرها تقدمًا تسمى "القبة الحديدية" ولكن إطلاق الصواريخ من قبل المقاومة بالقرب من منشأة "ديمونا" الحساسة والاستراتيجية، كشف عدم كفاءة السقف الصهيوني المصنوع من القش، والمتمثل في نظام "القبة الحديدية". ولقد قام النظام الصهيوني على مر السنين الماضية بالكثير من الدعاية مميزات وقدرات نظام "القبة الحديدية" ووصفه قادة "تل أبيب" بأنه أكثر غطاء مضاد للصواريخ فاعلية في العالم. لكن بعد سلسلة حروب إسرائيلية مع المقاومة، خاصة في فلسطين ولبنان، ظهر عدم فاعلية هذا النظام أكثر من أي وقت مضى، والآن بلغ عدم الكفاءة ذروته عقب الضربة الصاروخية للمقاومة بالقرب من منشأة "ديمونا" النووية. والحقيقة أن إطلاق الصواريخ على منشآت الكيان الصهيوني النووية دون أن يتمكن نظام "القبة الحديدية" من اعتراضها تسبب في تغيير معادلات الحرب وقواعد الصراع كثيرًا.
ولقد كتب "عبد الباري عطوان"، المحلل العربي المعروف، "يبدو أن الصبر الاستراتيجي قد انتهى والإضافة إلى ذلك، أثبتت أن قوة القبة الحديدية ليست سوى كذبة كبيرة." وعلى الرغم من أن القليل من وسائل الإعلام العربية ذكرت بأن هذا الصاروخ سقط ببضعة الكيلومترات حول ديمونا جاء ردًا على الطائرات المقاتلة الإسرائيلية، إلا أنها لم تستطع أن تمرّ عليه بتحليل بسيط وضحل، بحيث يمكن القول بان الكثير منها اعتبروه معادلة وقواعد اشتباك جديدة. والأهم من ذلك أن الرسالة وصلت لإسرائيل مفادها أن قواعد اللعبة قد تغيرت اليوم مثلما تغيرت المعادلة منذ زمن بعيد. وغطت شبكة الميادين بطريقة أخرى، اذا اعتبرت أن مرور صاروخ الدفاع الجوي السوري من أجواء الأراضي المحتلة، والذي وقع على بعد كيلومترات قليلة من محطة ديمونا في منطقة النقب، كان ناجحاً وفي نفس الوقت رأت أنه رسالة واضحة للكيان الصهيوني. في وقت ظهرت فيه تناقضات حادة بين تصريحات مسؤولي الكيان الصهيوني حول إصابة هذا الصاروخ وعدم اعتراضه في اللحظات الأولى وانفجاره في منطقة النقب بفلسطين المحتلة.
لقد أطلقت المقاومة صاروخا على أحد أهم المنشآت الاستراتيجية للكيان الصهيوني، مرسلة رسالة مهمة للصهاينة مفادها أن أهدافه الحساسة في مرمى النيران، وإذا ارتكب أي غباء، فسيتم استهداف هذه الأهداف والمنشآت. وهكذا يمكن النظر إلى سلسلة من التطورات الأخيرة، بما في ذلك انفجار معمل صواريخ "تومر" وإطلاق صواريخ على منشأة "ديمونا" النووية باعتبارها هجومًا عسكريًا رادعًا وهذا الهجوم سيجعل الصهاينة يعيدون النظر في أي غباء مستقبلي محتمل ضد المقاومة. ويدرك المسؤولون في تل أبيب الآن جيدًا أن القوة الصاروخية للمقاومة أصبحت أكبر بكثير مما كانوا يتوقعون. وعليه، من الواضح جدًا أن المقاومة استطاعت تغيير قواعد الصراع وفرض معادلة رادعة جديدة على الكيان الصهيوني بشن هجوم صاروخي على منشأة "ديمونا" النووية، لكن هذا ليس كل الإنجاز الذي حققته المقاومة من خلال الهجوم الصاروخي على منشأة "ديمونا" النووية.
والصاروخ الذي استهدف مفاعل "ديمونا" في الأراضي المحتلة هو صاروخ "سام 5" روسي تابع لمنظومة الدفاع الجوي السورية، ولم تتمكن الدفاعات الجوية للكيان الصهيوني من اعتراضه، وانفجر أخيرًا في منطقة النقب بفلسطين المحتلة. ويصنّف صاروخ "سام 5" ضمن منظومة الدفاع الجوي الروسية بعيدة المدى، التي تتصدى للأهداف متوسطة وعالية الارتفاع، وصممت بالأساس للدفاع عن مساحات واسعة من الأرض ضد المقاتلات المهاجمة والطائرات الاستراتيجية، وهي متوفرة لدى الجيش السوري. ويتمتع هذا الصاروخ بمواصفات فنية عديدة، أهمها: طوله 10 أمتار، قطره 100سم مع معززات الدفع، و 80 سم بدونها. أقصى عرض لفتحة الجنيحات بالذيل: 165 سم. فيما يبلغ وزنه عند الإطلاق: 7 آلاف كغ تقريباً.
وفي هذا الصدد، تجدر الإشارة إلى أنه في أعقاب الهجوم الصاروخي الأخير على منشأة "ديمونا" النووية والانفجار في مصنع الصواريخ الصهيونية، استطاعت المقاومة أن تفرض على نفسها المعادلة التي يحاول الصهاينة تحقيقها منذ سنوات، وهي "معادلة الرعب". ولطالما اعتقد المسؤولون الصهاينة أنهم لا يستطيعون سوى فرض معادلة الرعب على المقاومة في المنطقة، لكن أحداث الأيام القليلة الماضية أثبتت أن المقاومة استطاعت فرض هذه المعادلة على الصهاينة في إنجازها الأخير. ويرى المسؤولون الإسرائيليون الآن وجودهم في مواجهة تهديد كبير والسبب في ذلك أن الصهاينة يرون أن الحفاظ على الصهاينة الذين نقلوهم من جميع أنحاء العالم إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة لسنوات عديدة أصبح صعباً للغاية خاصتاً عقب تنامي القدرات الصاروخية والعسكرية للمقاومة خلال السنوات الماضية. الجدير بالذكر أن المهاجرون اليهود هم أولئك الذين وعدهم الصهاينة بحياة آمنة ولكن يبدوا أن الحياة الآمنة لن تستمر طويلاً.
وطبقاً لكل ما قيل، من الواضح تمامًا أنه في مثل هذه الظروف، يجد الكيان الصهيوني نفسه في مواجهة تهديد وجودي كبير، تهديد لا علاقة له بالطبع بسياسات "بنيامين نتنياهو" المعادية للمقاومة في السنوات الأخيرة. وبسبب هذه الزيادة في انعدام الأمن، يجب القول أنه نتيجة لسياسات مسؤولي الكيان الصهيوني، بدأت التناقضات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية في الأراضي المحتلة تتجلى بشكل تدريجي وستؤدي إلى مواجهة الصهاينة لأزمة كبيرة أكبر من أي وقت مضى. وبعد الهجوم الصاروخي الأخير على منشأة "ديمونا" الاستراتيجية، أصبح واضحًا أن ضعف الكيان الصهيوني لا يقتصر على المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية، بل يشمل أيضًا مجالات أخرى مثل العسكرية والأمنية. وإذا كانت المستوطنات الصهيونية المختلفة في الأراضي المحتلة قد أصبحت مسرحا لاحتجاجات واسعة النطاق ضد الوضع الاقتصادي في هذه الأراضي، فإن المستوطنين اليوم يحتجون أيضا على ضعف هذا الكيان وتعرضه للعديد من الضربات الأمنية الموجعة.
يبدو أن على إسرائيل أن تنتظر أيامًا أكثر صعوبة، بصرف النظر عن الاضطرابات الداخلية وتحديات الهوية وانعدام الأمن في البيئة المحيطة، الموضوع الأهم من إطلاق الصاروخ، وسواء كان مستهدفًا أم لا، هو أن الدفاعات الجوية للكيان الصهيوني لا تستطيع تدميره، ومن المتوقع أن تؤثر هذه القضية بشكل كبير على الأوضاع الداخلية للمجتمع الصهيوني وتجعل الوضع أسوأ مما هو عليه الآن، خاصة وأن البنية السياسية الصهيونية اليوم هشة للغاية وخائرة.