الوقت- أفادت مصادر أمنية عراقية بأن عناصر داعش الإرهابية فجرت البئر رقم 105 في حقل "باي حسن" النفطي بالقرب من بلدة "الدبس" شمال غرب محافظة كركوك. وعلى الرغم من أن هذا الإجراء لم يؤثر في عملية إنتاج النفط ولا يزال خط إنتاج هذا البئر نشطًا، إلا أن تزامن هذا الحدث مع الاضطرابات الأخيرة في العراق وضع هذا الحادث ضمن دائرة الضوء.
حيث ان محاولة داعش لتفجير آبار النفط في كركوك لها سوابق تاريخية. وفي حادثة مماثلة في كانون الأول / ديسمبر 2020، قام تنظيم داعش الارهابي بتفجير بئرين في حقل خباز النفطي الواقع على مسافة 20 كلم إلى الجنوب الغربي من كركوك. لكن تزامن عمل داعش الجديد مع أحداث الأيام الماضية، بما في ذلك الهجوم على مطار أربيل وقاعدة عين الأسد وتفجير بغداد، يطرح التساؤل عما يسعى داعش لتحقيق أهدافه وما هي الدوافع الكامنة وراء هذه الأحداث؟
إرسال رسالة رمزية تفيد بانه "قد عدنا"
انتهج تنظيم داعش الإرهابي، منذ بدء عملياته على الحدود العراقية السورية، استراتيجية أساسية تتمثل في "المفاجأة والترهيب قدر الإمكان". في الواقع، وضعت هذه الجماعة الإرهابية على جدول أعمالها استخدام العنف بأقصى صورة ممكنة وعرضها على شكل فيديوهات معدّلة ومنظمة. وبمعنى آخر، حاولت هذه المجموعة دائما استخدام أعلى مستوى من العنف لإظهار قوتها من ناحية ولإثارة الخوف والذعر بين الأعداء من ناحية أخرى، في شكل جرائم محيرة للعقل.
لكن بعد انتهاء خلافة أبو بكر البغدادي المزعومة وتحويل تنظيم داعش الإرهابي إلى ممارسة أنشطة سرية، تغير أسلوب نشاطهم وإثبات قوتهم بشكل كبير. حيث انه في العهد الجديد للتنظيم، وضع تنظيم داعش الإرهابي الهجوم على مراكز أمنية واقتصادية مهمة على جدول أعماله. وبهدف الإعلان عن استمرار وجودها وقوتها، تعتزم هذه الجماعة مهاجمة مراكز الطاقة المهمة أو المراكز الأمنية أو حتى سبل عيش المواطنين من أجل الحصول على أعلى تمثيل ولكي تكون في دائرة الضوء. وهذه هي السياسة التي يمكن وصفها باستراتيجية إرسال رسالة رمزية تفيد بانه "قد عدنا". على سبيل المثال، أضرم داعش النار مرارا وتكرارا في مزارع مدنية في أجزاء مختلفة من العراق وسوريا، وأوقف المحطات وهاجم نقاط التفتيش الأمنية، وشن مؤخرا هجمات على آبار النفط التي تعد مصدر دخل للعراق. مجموع هذه الإجراءات له غرضان رئيسيان؛ الأول هو السماح لتنظيم داعش بإخبار مؤيديه أنهم ما زالوا يمتلكون القدرة، والآخر هو السماح لأعدائه بمعرفة أنهم مستعدون لشن جولة جديدة من الهجمات الإرهابية.
خلق أزمة تمهد الطريق لاستمرار وجود الاحتلال في العراق
على الرغم من أن الدور الرئيسي لداعش ظاهرياً يعتبر القوة الدافعة وراء عملية داعش الإرهابية مثل الانفجار في آبار نفط كركوك، إلا أن الحقيقة هي أنه وراء كواليس هذه الأحداث، يمكن رؤية يد الجهات الأجنبية ذات الدوافع الخاصة. حيث انه بادئ ذي بدء، يمكن طرح سؤال مفاده بأنه في الوضع الحالي وفي المستقبل، أي من الفاعلين المتورطين في العراق سيستفيد من خلق هذه الأزمة وتنفيذ عمليات إرهابية لداعش؟ بمعنى آخر، من هو الفاعل الذي سيستخدم دائما أنشطة وتهديدات الجماعات الإرهابية كذريعة للتدخل والبقاء في العراق؟
وللإجابة عن هذا السؤال لا شك في أن نذكر الدول الغربية وعلى رأسها امريكا وبعض الدول العربية كالسعودية. وهناك أدلة كثيرة على أن هذه الجهات الفاعلة لعبت دورا رئيسيا في إنشاء وتعزيز الخلافة المزعومة لداعش، وفي الوضع الحالي، يستخدمون هذه المجموعة كذريعة لتحقيق أهدافهم. إن أهم هدف للدول الغربية بقيادة امريكا هو إيجاد العذر اللازم لاستمرار الاحتلال في العراق. وفي هذا الصدد، نرى أنه خلال العامين الماضيين، أثاروا مسألة الحفاظ على الأمن واستمرار تهديد داعش كذريعة رئيسية لاستمرار وجودهم في هذا البلد.
كما وضعت السعودية دعمها لتنظيم داعش الإرهابي على جدول الأعمال بحجة مواجهة النفوذ الإيراني، من أجل توفير الذريعة اللازمة لبقاء القوات الأمريكية في البلاد. كما يشير هذا الاتجاه إلى أن سياسة خلق أزمة من خلال داعش أصبحت الآن الأداة الأساسية للأمريكيين والسعوديين لمواصلة الاحتلال والنفوذ في العراق.