الوقت- تعتبر المدفعية الميدانية من أهم أجزاء أي قوة برية، ويتحمل هذا الجزء العبء الرئيسي لدعم نيران المشاة والقوات المدرعة في ساحة المعركة وعندما نتحدث عن المدفعية بشكل عام، فإن الكثير من الناس لا يفكرون إلا في إطلاق مدافع من عيارات مختلفة، لكن يجب القول أن الصواريخ هي أيضًا جزء مهم من هذه الفئة. في الأصل الاسم الكامل لهذه الفئة هو "المدفعية الميدانية والصواريخ" وفي القوات البرية التابعة للجيش الإيراني، بالإضافة إلى وجود وحدات المدفعية، هناك قاذفات قنابل صاروخية وصواريخ "أرض – أرض". ويبدو أننا حالياً أمام قفزة كبيرة وزيادة في قوة القوات البرية التابعة للجيش الإيراني، وذلك لأن هذه القوات قد اختبرت مؤخرًا صاروخًا جديدًا بمدى يصل إلى حوالي 300 كيلومتر. وحول هذا السياق، تحدث العميد "أمير حيدري" قائد القوات البرية الإيرانية حول هذا السلاح الجديد وقال: "وحدة الصواريخ التابعة للجيش الإيراني قامت باختبار في احدى مناطق البلاد صاروخا بمدى 300 كيلومتر وهذا الصاروخ هو صاروخ متوسط المدى وهو اليوم يُقاس من حيث الدقة والقوة". وحول الإحداثيات التشغيلية لهذا الصاروخ قال "أمير حيدري": "إن هذا الصاروخ يتمتع بقدرات استشعار واستشكاف وأتمتة عالية وهو جاهز للدفاع عن حدود جمهورية إيران الإسلامية في مختلف الظروف الجوية، ونحن نحاول زيادة قدرة أسلحتنا في هذا المجال ولهذا يجب علينا أولاً أن نجعل هذه الصواريخ ذكية، وثانيًا، يجب أن تكون لدى هذه الصواريخ قدرات أتمتة، وثالثًا، يجب أن تكون هذه الصواريخ دقيقة وتصيب الهدف بدقة عالية ".
قصص صواريخ القوات المسلحة الإيرانية.. من صواريخ "غراد" إلى صواريخ "زلزال"
لقد بدأت مناقشة صواريخ المدفعية في إيران بنظام " BM21G " المصنوع في الاتحاد السوفيتي السابق، والذي يعرفه معظم الناس منذ أيام الحرب العراقية الإيرانية بالنظام القديم "كاتيوشا" ولا تزال قاذفة الصواريخ 122 ملم في الخدمة في العديد من جيوش العالم وقد تم تقديم العديد من خطط لتطوير هذا النوع من القاذفات في أجزاء مختلفة من العالم.
قاذفة صواريخ "غراد" التابعة للقوات البرية الإيرانية
تم استخدام قاذفة الصواريخ هذه بكميات كبيرة من قبل إيران خلال الحرب التي فُرضت عليها من قبل نظام الدكتاتور العراقي السابق "صدام حسين" ولا تزال القوات البرية الإيرانية تنتج وتصّنع مثل هذه القاذفة داخل البلاد وتتعلق المرحلة التالية بالجيل القادم من الصواريخ الثقيلة التي دخلت الخدمة مؤخراً ومنها صواريخ "فجر ونازعات وزلزال". إن سلسلة المدفعية الصاروخية الإيرانية الجديدة، التي دخلت الميدان باسم "فجر"، لها عدة نماذج، لكن هناك سلسلتين من صواريخ "فجر" تعتبر من الصواريخ المتطورة، وهما "فجر 3 وفجر 5". وصاروخ "فجر 3" هو من عيار 240 ملم ويبلغ طوله 5.2 متر وكتلته 407 كيلوجرام ويبلغ مداه 43 كيلومترًا ويمتلك الرأس الحربي الذي يبلغ وزنه 90 كيلوغرامًا، قوة تدميرية جيدة لتدمير أهداف مثل مراكز القيادة والدعم، ومراكز التجميع، والثكنات، والمطارات القريبة من خطوط القتال، وأهداف أخرى.
قاذفة صواريخ "فجر 3"
وتلعب قاذفات الصواريخ عالية الحركة دورًا مفيدًا في تنفيذ هجمات قوية ودقيقة نسبيًا على مواقع العدو. إن تجهيز وحدات المدفعية بقاذفات الصواريخ يجعل من الممكن تغطية مساحة كبيرة نسبيًا في فترة زمنية قصيرة.
النموذج الأولي لقاذفة صواريخ "فجر 5"
صاروخ "فجر 5" الموجه
يمكن رؤية هوائيات الاتصالات على سطح هذه القاذفات، مما يشير إلى إمكانية تشغيل الشبكة لهذه الوحدات، مما يزيد بدوره من دقة إطلاق النار الإجمالية ويمكن استخدامه لإستهداف الأهداف بشكل أفضل في المنطقة. و "فجر 5" هو واحد من أطول 5 أنواع من عائلة صواريخ "فجر" وأكثرها فاعلية، حيث يبلغ عياره 333 ملم، وكتلته 915 كجم، منها 175 رأسًا حربيًا و 90 كجم متفجرات ويبلغ أقصى مدى لهذا الصاروخ 6485 ملم 75 كم.
وفي تسعينيات القرن الماضي، وبسبب تحرك قطاع الصواريخ نحو مجال زيادة دقة، تم الاهتمام أيضًا بعدة نماذج من الصواريخ الموجهة لعائلة "فجر 5". إن صواريخ "نازعات" من أولى الصواريخ الثقيلة المنتجة في إيران، ويمكن اعتبارها رداً على صواريخ "فراغ" التي كان يملكها النظام البعثي في العراق. ويتراوح مدى الصواريخ قصيرة المدى بين 100 و 120 كيلومترًا وتزن حوالي 1830 كم ويزن رأسها 230 كجم وتستخدم الصواريخ في هذه السلسلة أيضًا الوقود الصلب. ولقد قامت القوات البرية الإيرانية بتحديث هذه الصواريخ خلال مشروع يسمى "لبيك 1" وقد اختبرتها واستخدمتها بالفعل في تدريباتها وفي تصميم "لبيك 1"، تمت إضافة كتلة توجيه وتحكم وملاحة بأربعة كتل هوائية ثلاثية مع طرف مقطوع إلى مقدمة صواريخ "نازعات".
الصاروخ التالي هو صاروخ "زلزال"، وهو في الواقع من عائلة "فاتح 110" الشهيرة ويتراوح مدى هذا الصاروخ ما بين 200 إلى 250 كم ويبلغ قطره 610 ملم ويستخدم رأسًا حربيًا يزن 600 كجم. وفي السنوات الأخيرة، تم وضع خطط لزيادة دقة هذا الصاروخ، ومؤخراً أثناء مناورات الرسول الأعظم (صلى الله عليه وسلم) الخامسة عشر، تبّين أن دقة هذه الصواريخ قد زادت بشكل كبير ووصلت إلى مرحلة ضرب أهداف ثابتة بدقة عالية.
صاروخ "زلزال" الموجه وإصابة دقيقة خلال تدريبات الحرس الثوري الإيراني الأخيرة
لماذا صاروخ 300 كيلومتر مهم؟
حتى الآن، كان مدى كل مخزونات الجيش الإيراني تقريبًا من الصواريخ يقل مداها عن 300 كيلومتر. ووفقًا لمعيار رئيسي، يبلغ مدى قاذفات صواريخ المدفعية في العالم 300 كيلومتر. ومن الأمثلة على ذلك صواريخ سلسلة "أتاكمز" الأمريكية الصنع، وصواريخ سلسلة Predator Hawk الإسرائيلية الصنع، بالإضافة إلى جيل جديد من الصواريخ قيد التطوير لمنصات إطلاق سلسلة Polonez في بيلاروسيا.
إطلاق صاروخ "أتاكمز" الأمريكي من نظام القاذفات "إم 270"
لكن إذا ألقينا نظرة على تصريحات العميد "أمير حيدري"، فربما يمكننا رسم صورة لصاروخ القوات الإيرانية الجديد. فنحن اصبحنا نتعامل مع سلاح يبلغ مداه 300 كيلو متر، وهو متحرك وله القدرة على اصابة اهدافه بدقة عالية، ويستخدم أيضًا أنظمة تحميل واستهداف رقمية. إن جميع الاشياء اللازمة للوصول إلى هذه الفئة من الصواريخ موجودة في بلدنا منذ سنوات عديدة، ويمكن اقتراح عدة خيارات لنظام الأسلحة غير المعروف هذا وقد يكون تطوير نموذج يعتمد على سلسلة صواريخ "زلزال" ذات المدى الأطول، باستخدام نموذج من صواريخ عائلة "فاتح 110" أو الحصول على تصميم جديد بالكامل أصبح ممكنًا مع وجود العديد من الخيارات المتاحة.
صاروخ "فاتح 110"
ومهما كانت هذه التعديلات والتحديثات مهمة للغاية، فمع إدخال نظام الأسلحة هذا في خدمة وحدات المدفعية للقوات البرية التابعة للجيش الإيراني، ستصل هذه القوة إلى معايير مهمة في مجال المدى، وقد ثبت بالفعل أن الجمع بين هذا المدى والدقة العالية سيضع قسم الصواريخ التابع لمدفعية الجيش الإيراني إلى جانب القوى العالمية.