الوقت-أعلن 31 نائبا في مجلس الأمة الكويتي، في وقت سابق من الشهر الماضي، تأييدهم لاستجواب رئيس مجلس الوزراء، الشيخ صباح الخالد. حيث إن 28 نائبا أعربوا عن موافقتهم على الاستجواب الذي قدمه كل من النواب، ثامر السويط، وخالد العتيبي، وبدر الداهوم، لرئيس مجلس الوزراء.
من جهته، قدم رئيس الوزراء الشيخ صباح الخالد الصباح استقالة الحكومة لأمير البلاد الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح ، قبل أيام من استجواب رئيس الوزراء في البرلمان بشأن اختياره للوزراء وقضايا أخرى. وتمثل هذه المواجهة بين الحكومة والبرلمان، بعد شهر من تشكيل مجلس الوزراء، أول تحد يواجهه أمير الكويت الذي تولى زمام الحكم في سبتمبر أيلول، بعد وفاة أخيه الشيخ صباح الأحمد.
ومن شأن الأزمة تعقيد جهود الحكومة لمواجهة أعمق أزمة اقتصادية ومالية تواجه الدولة المنتجة للنفط والعضو في منظمة أوبك، بسبب تداعيات جائحة كورونا وهبوط أسعار النفط.
وقال حسنين مالك، مدير أبحاث الأسهم في تليمر، في مذكرة إن الحكومة ستضطر إلى اللجوء للاحتياطيات النقدية السيادية من أجل تمويل عجز يتزايد في غياب قانون للديون يواجه جمودا تشريعيا منذ فترة طويلة.
ويدور الاستجواب حول ثلاثة محاور أو اتهامات لرئيس الحكومة، الأولى "مخالفة صارخة لأحكام الدستور عند تشكيل الحكومة... باختياره لعناصر تأزيمية في مجلس الوزراء" وعدم مراعاة اتجاهات المجلس الجديد الذي يغلب عليه نواب من أصحاب التوجهات المعارضة.
والمحور الثاني هو "هيمنة السلطة التنفيذية" على البرلمان من خلال دعم الحكومة لرئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم ليفوز بهذا المنصب من جديد، في حين صوت 28 من النواب لمرشح آخر بالإضافة إلى "التدخل السافر في تشكيل لجان المجلس" من قبل الحكومة، وفقا لصحيفة الاستجواب.
ويتمثل المحور الثالث في "مماطلة الحكومة في تقديم برنامج عملها لهذا الفصل التشريعي" وهو ما اعتبره مقدمو الاستجواب "إخلالا بالالتزام الدستوري" الذي يفرض عليها تقديم البرنامج فور تشكيلها.
وخسر ثلثا أعضاء مجلس الأمة مقاعدهم في الانتخابات التي جرت في الخامس من ديسمبر كانون الأول وحقق مرشحو المعارضة مكاسب في نتائجها التي يقول محللون إنها قد تعرقل جهود الحكومة لتنفيذ إصلاحات مالية في نظام الرعاية من المهد إلى اللحد في الكويت.
ويعزو رئيس مركز المدار للدراسات السياسية، الدكتور صالح المطيري، أسباب تكرار الأزمة السياسية في الكويت إلى "محاولة إعادة التجربة ذاتها بنمط واحد ونهج ثابت من جانب الحكومة". وقال إن الحكومة تعيد التجربة ذاتها وتنتظر نتائج مختلفة، مشيرا إلى أنهم "لم يتعلموا من التجارب السابقة".
وأضاف: "أعتقد أن الأزمات السياسية مستمرة طالما النهج واحد. لدينا تجربة طويلة ودستور منذ عام 1962 ينظم العملية السياسية، لكن التطبيق يأتي دون إيمان بمواده وأفكاره وفلسفته".
وتابع: "لم نتعلم من تجربة وزير الشؤون الاجتماعية السابقة غدير أسيري التي استقالت بعد أيام عقب اكتشاف آراء لها في قضايا تمس دول أخرى. تجربة أخرى تتمثل في وزير الكهرباء والماء محمد بوشهري الذي قبلت استقالته على خلفية صدور حكم نهائي بحقه تؤكد عدم قراءة المشهد السياسي قبل تشكيل الحكومة".
واستقالت الوزيرة أسيري بعد الاستجواب المقدم من برلمانيين على خلفية تغريدات قديمة لها انتقدت فيه تدخل قوات درع الجزيرة خلال الأحداث التي تعرضت لها البحرين عام 2011، فيما استقال الوزير بوشهري عقب إدانته من قبل محكمة التمييز، بتهمة نشر تحقيق سري بداخل الوزارة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، حسبما أفادت وسائل إعلام محلية.
وأشار المطيري إلى أن "كل مشاكل السياسية الكويتية هي أخطاء في قراءة المشهد، وخصوصا في الوزارات ذات العمر القصير". في المقابل، يرى المحلل السياسي والكاتب بالشؤون الخليجية، الدكتور عيسى العميري، أن انتخابات رئاسة مجلس الأمة هي من أشعلت هذه الأزمة.
وقال العميري إن "المعارضة التي تشكل 28 عضوا في المجلس قادت إلى هذه المشكلة على خلفية اتهامها الحكومة بالانحياز مع الرئيس مرزوق الغانم".
وأشار إلى أن الأزمة وصلت إلى نفق مظلم بوجود الغالبية المعارضة في البرلمان التي "تستهدف رئيس الحكومة وترغب بإسقاطه سياسيا من خلال الاستجواب حتى لا يُعين في هذا المنصب مستقبلا، الأمر الذي وضع الحكومة في دائرة ضيقة أدت لاستقالتها"، وفق تعبيره. وأضاف: "في 2012 كانت المعارضة ذات غالبية أيضا، ما أدى إلى تأزيم جديد انتهى بحل البرلمان لمدى 6 أشهر".
ويتوقع العميري أن أمير البلاد سينتظر لفترة 45 يوما إلى شهرين حتى إعلان تشكيل حكومة جديدة وذلك "لتهدأ الأنفس من قبل التأزيميين الذين لديهم أجندات خارجية يعملون على تنفيذها ...، خاصة بعد استمرار الغانم في رئاسة المجلس"، على حد قوله. وقال إنه "من المرجح أن يعاد تعيين الشيخ صباح الخالد رئيسا للوزراء في البلاد، لكن بعد فترة من الوقت".
ويواجه الاقتصاد الكويتي، المعتمد بالأساس على مورد وحيد هو النفط، عجزا يبلغ 46 مليار دولار في السنة المالية الحالية التي تنتهي في مارس آذار 2021، بسبب جائحة كورونا وهبوط أسعار النفط وفقا لما قاله وزير المالية السابق براك الشيتان في أغسطس آب.
وللتغلب على هذه المعضلة تسعى الحكومة لتمرير مشروع قانون الدين العام الذي يسمح لها باقتراض 20 مليار دينار (66 مليار دولار) على مدى 20 عاما، وهو المشروع الذي رفضه البرلمان السابق. وحول إمكانية حل البرلمان قال الدوسري إن “كل الخيارات متاحة (أمام الأمير).. وستستمر الأزمة بتشكيلة مجلس الأمة الحالية ورئاسته الحالية”.