الوقت- بدأت جولة جديدة من المحادثات حول اللجنة الدستورية في مقر الأمم المتحدة بجنيف في 25 كانون الثاني 2012، بحضور وفد من مفاوضي المعارضة السورية وممثلين عن الحكومة السورية، والتي بدأت باعلان 15 شخصاً من أعضاء المعارضة لدمشق عن استقالتهم. ووفق يحيى العريضي المتحدث باسم فريق المفاوضات السوري المعارض، فإن الاستقالات كانت من أعضاء اجتماع الرياض الذي عقد في كانون الأول 2019 وكان من المفترض أن يحلوا محل الفصيل المستقل. ووفق الاتفاقات السابقة، تضم اللجنة 50 ممثلاً للحكومة السورية و 50 من المعارضة و 50 من منظمات المجتمع المدني والمستقلة في البلاد.
أيضا وفقا لجير بيدرسون، الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في سوريا، كان اجتماع 25 يناير لمناقشة مبادئ الدستور أو المبادئ الأساسية للقانون، لكن الانقسامات على جبهة المعارضة كانت ثمرة هذا الاجتماع والتي تواجه شكوك خطيرة. والسؤال الآن ما هي جذور الخلافات بين المعارضة السورية وماذا سيكون تأثير هذه التوترات على موقفهم في مستقبل المعادلة السورية؟ الاستدلال الأساسي لهذا المقال هو أن التبعية الخارجية لهذه الجماعات هو السبب الرئيسي للتوتر، وأن فريق التفاوض السوري سيفقد تدريجياً موقعه في المفاوضات المقبلة.
جذر الخلاف بين فريق التفاوض المعارض السوري
ان فريق التفاوض هو الممثل الرئيسي للمعارضة في المفاوضات مع الحكومة السورية ، والذي يضم 50 عضوا، تتكون من مجموعات معارضة مختلفة، بما في ذلك المعارضة المدعومة من موسكو والقاهرة. ويضم الفريق المفاوض السوري: 15 عضوا من المعارضة المستقلة، و 10 أعضاء من الائتلاف الوطني السوري، و 10 أعضاء من الجماعات المسلحة، و 6 أعضاء من مجلس التنسيق الوطني، وأربعة أعضاء تدعمهم القاهرة، وأربعة أعضاء تدعمهم موسكو، وعضوان اخران من العشائر السورية لكن الان قدم 15 فرداً من المنتمين للسعودية استقالتهم من هذا الوفد.
ومع ذلك، تجدر الإشارة إلى أن هذا الوفد ليس سوى جزء من المحاور الثلاثة الرئيسية للجنة صياغة الدستور السوري الجديد. في الواقع وفقا للاتفاقيات السابقة، فإن تشكيل اللجنة يضم 50 ممثلاً للحكومة السورية، و 50 من أعضاء المعارضة و 50 عضوا من منظمات المجتمع المدني والمستقلة في البلاد. ومع ذلك، فإن رحيل المندوبين الذين رشحتهم الحكومة السعودية لعضوية المجلس الأعلى لمفاوضي المعارضة السورية، قلل بشكل كبير من ثقل وفد المعارضة.
تشير جميع الأدلة إلى أن فصل الوفد المكون من 15 عضوا المنتمين الى السعودية حدث منذ فترة طويلة ولم يتم الإعلان عنه إلا في الجولة الخامسة من اجتماع جنيف. المجموعة المكونة من 15 عضوا هي المجموعة التي دعتها السعودية إلى الرياض في ديسمبر 2019 للقيام بمهمة لمواجهة النفوذ التركي واستبدالها بفصيل مستقل. ومنذ ذلك الحين، قدمت السعودية التمويل والدعم السياسي لهذه المجموعة، لكننا الآن نرى توترا كبيرا في المعارضة السورية بسبب الخلافات بين حكام السعودية ودول أخرى، مثل تركيا وحتى مصر والإمارات.
المستقبل المظلم للمعارضة في معادلات سوريا المستقبلية
في السنوات الأولى للأزمة السورية، عندما دخلت مجموعة من العناصر الإرهابية تحت اسم الجيش الحر ساحة المواجهة المسلحة ضد الحكومة المركزية، وبمساعدة الأنظمة الرجعية في المنطقة وامريكا، احتلت جزءاً من الأراضي السورية، وكان التصور انه سيكون لهذه المجموعة وزن كبير في الساحتين السياسية والدبلوماسية. لكن ممثلي هذه الجماعات الإرهابية الذين شاركوا في محادثات جنيف على شكل وفد المعارضة السورية فقدوا وزنهم تدريجياً، والآن يمكن اعتبار انفصال 15 عضواً منتسبين للسعوديين الطلقة الأخيرة في نعش هذا الوفد. وفي الواقع، يمكن القول إن فريق التفاوض السوري المعارض سيكون له موقع ضئيل في معادلات الدولة في المستقبل، ويمكن طرح ثلاث استدلالات أساسية لإثبات ذلك:
أولاً: خلق خضوع كل مجموعة لدولة أجنبية ظروفاً لمعارضين دمشق، لم يعد من الممكن سماع صوت موحد منها. لا تتمتع هذه المجموعات بالاستقلال عن نفسها فحسب، بل تعمل أيضا على تعزيز مصالح وبرامج الدول الأجنبية. فمن جهة، أدى ذلك إلى نشوء عدة فصائل ضمن فريق التفاوض المعارض السوري، ومن جهة أخرى خلق أرضية للتوتر بينهم.
ثانيا: إن طبيعة انتماء المجموعات المتواجدة في فريق التفاوض السوري ضد دمشق باتت واضحة الآن للمواطنين السوريين. يدرك الشعب السوري جيداً أن نتيجة أفعالهم باستثناء الدمار والأزمة، لم تؤد إلى نتائج أخرى. كما أدى ضعف المجموعة في إدارة الشؤون والتنسيق فيما بينها إلى إضعاف داعميها الداخليين بشدة. وإن عدم قدرة هذا المجلس على اتخاذ القرارات وتبني سياسة مستقلة قد مهد الطريق لعدم شرعية هذه المجموعة.
ثالثًا: الفريق المفاوض السوري المعارض لدمشق ليس له فعليا موطئ قدم في معادلة الميدان السوري. حتى في إدلب، التي أصبحت ملاذا للإرهابيين برعاية تركية، لا يمتلك الوفد الكثير من القدرات. هذه القاعدة هي أيضا مبدأ لا يمكن إنكاره، وهو أن أي فاعل لا يملك القدرة على المناورة والسلطة في الساحة الموضوعية، لا يمكنه تحقيق اي شيئ في الساحة الدبلوماسية والتفاوض.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه الآن هو لماذا يجب تكليف مجموعة ذات طبيعة أجنبية تماما بمستقبل الشعب السوري من دون دعم الشعب داخل سوريا. من يقف وراء العديد من الإعلانات لإبراز صوت هذه المجموعة وبأي نوايا؟ لماذا لا تتحدث هذه الجماعات التي تدعي دعم الشعب السوري فقط ضد العقوبات الاقتصادية والعقوبات الجماعية للشعب السوري من قبل الغربيين، بل تدعمها أيضًا؟