الوقت- نمت العلاقات بين تركيا وباكستان في مختلف المجالات السياسية والدفاعية والأمنية، والآن يستعد فنانون من البلدين لإنتاج مسلسل تلفزيوني مشترك. ربما يكون أحد الأسباب الرئيسية لذلك هو أن رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان نفسه يعتبر زبوناً مهماً للمسلسل التلفزيوني التركي "يونس إيمره".
حيث أشاد عمران خان مؤخرا بالمسلسل التركي "يونس إيمره" واقترح على المهتمين بالتصوف والأدب أن يشاهدوا هذا المسلسل بكل تأكيد والذي يبث على شبكة التلفزيون الوطنية الباكستانية. اذ فعل ترحيب رئيس وزراء باكستان بالمسلسلات التركية وشركات إنتاج المسلسلات التركية فعلته، وتوافرت الآن فرصة جديدة للتعاون الثنائي.
يبدو أن الباكستانيين، على عكس الدول العربية التي تريد المسلسلات الدرامية التركية، يفضلون المسلسلات التركية التاريخية والدينية. ولهذا السبب توصلت مجموعة من المنتجين والمخرجين الأتراك، بعد زيارتهم إسلام أباد، إلى اتفاق لإنتاج مسلسل تلفزيوني مشترك.
"لالا ترك" رابط باكستاني عثماني
بدأت عملية استقلال باكستان في عام 1947 واستغرق الإعلان الرسمي حتى عام 1956 ، لذلك لا يمكن ان يكون لباكستان علاقة خاصة بالعهد العثماني. لكن الوضع يختلف عندما يتعلق الأمر بالعلاقات السياسية وأهداف أردوغان وعمران خان، وتتطلع شركات انتاج إلى صناعة القصص والملاحم واظهار المصالح الاقتصادية.
ووفق تقارير إعلامية تركية، التقى وفد من شركة Tekden Film مع عمران خان في إسلام أباد. حيث اعلن رئيس الشركة "كمال تيكدن"، أنه بموجب الاتفاق الذي تم التوصل إليه مع باكستان ، سيتم قريبا إنتاج مسلسل تلفزيوني مشترك بين فنانين أتراك وباكستانيين ، يركز على نضال بطل يدعى "لالا ترك" من مسلمي شبه القارة الهندية. الذي سارع لمساعدة الجيش العثماني في حروب البلقان خلال العهد العثماني.
وكمال تيكدن هو رئيس نفس الشركة التي سبق لها أن أنتجت مسلسل قيام ارطغرل التلفزيوني، والذي يظهر فيه نظرة مبالغ فيها تجاه العثمانيين.
تويتر عمران خان التركي
إضافة إلى اللغات الإنجليزية والأردية والعربية ، يمتلك رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان حسابا على تويتر باللغة التركية. ولديه أكثر من 36 ألف متابع على هذا الحساب، ومن بين متابعيه بعض المسؤولين السياسيين والحزبيين الأتراك المهمين.
تشير المؤشرات إلى أن عمران خان، يريد من خلال النظرة الخاصة التي لديه تجاه السعودية وتركيا، السعي بمهارة وذكاء للحفاظ على التوازن في العالم الإسلامي السني، فهو بينما يهتم بالحفاظ على العلاقة مع السعودية، يقضي مرحلة جيدة مع تركيا أيضاً.
الموقع الجغرافي لباكستان جعله بالقرب من قوتين رئيسيتين غير مسلمتين، هما الهند والصين ، فمن جهة خلق فرصا اقتصادية لهذا البلد، ولكن في الوقت نفسه، هناك دائما مخاوف بسبب الخلافات المتجذرة مع الهند. فمن الطبيعي أن تميل باكستان إلى إيلاء اهتمام خاص للدول العربية وتركيا اعلامياً ودعائياً.
ربما لهذا السبب يجلس عمران خان شخصيا خلف مقود السيارة خلال مراسم استقبال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وولي عهد السعودية محمد بن سلمان ومسؤولين من الكويت وقطر والإمارات، فهو يريد إظهار أن له علاقة وثيقة مع هذه الدول الإسلامية.
إن تعزيز العلاقات التركية الباكستانية لا يتعلق فقط بالمصالح الشخصية لرئيس الوزراء الباكستاني، بل هناك عدد من الحركات والجماعات الإسلامية السنية الباكستانية تدعم هذا النهج.
ولعل أحد أسباب اهتمام عمران خان بالعلاقات بين تركيا وباكستان بشكل خاص هو أنه في السنوات الأخيرة، في وقت كانت هناك مشاكل وتوترات بين باكستان والهند، لم يتدخل آل سعود بشكل جدي وذلك من أجل الحفاظ على علاقاتهم الاقتصادية، لكن الإعلام التركي، وقف إلى جانب باكستان على الأقل سياسياً وإعلامياً.
ففي كل عام في ذكرى إعلان استقلال باكستان، يحضر عدد كبير من مسؤولي حزب العدالة والتنمية والحكومة التركية في السفارة الباكستانية في أنقرة، لأنهم يعتبرون إعلان الدعم لباكستان توجهاً دينياً وسياسياً.
علاقة عرجاء
تحسنت العلاقات بين باكستان وتركيا منذ أن أصبح عمران خان رئيسا لوزراء باكستان، فمر أردوغان وعمران خان بمرحلة جيدة، ولا سيما في الصناعات الدفاعية والتعاون السياسي والأمني. ومع ذلك، فإن هذه العلاقة تواجه مشكلة أساسية. فرغم الكثير من المساعي الدعائية، لكن إجمالي التجارة السنوية بين تركيا وباكستان لم يصل بعد إلى مليار دولار.
ووفق البيانات الرسمية الصادرة عن وزارة الخارجية التركية، فإن حجم التجارة بين تركيا وباكستان في السنوات الست الماضية كان على النحو التالي:
2015: 600 مليون دولار.
2016: 610 مليون دولار.
2017: 675 مليون دولار.
2018: 792 مليون دولار.
2019: 865 مليون دولار.
2020: 197 مليون دولار. (انخفاض مفاجئ بسبب الظروف الخاصة الناجمة عن تفشي كورونا)
تشتري تركيا من باكستان الألياف والمواد الخام الخاصة بصناعات النسيج والأسمدة وتبيع المنسوجات ومعدات الاتصالات ومعدات التسجيل الصوتي إلى باكستان، وعادة ما كان الميزان التجاري في التبادلات السنوية في صالح تركيا.
كما أعلنت وزيرة التجارة التركية رخسار بيكجان مؤخرا أن القدرة على التعاون الاقتصادي بين تركيا وباكستان أعلى بكثير من الرقم الحالي، وأن أنقرة تسعى إلى اتفاقية تجارة حرة مع إسلام أباد.
المفتاح موجود في جيب إيران
طوال السنوات الست الماضية، كان حجم التجارة بين تركيا وأفغانستان أقل من حجم التجارة مع باكستان، حيث لم يصل إلى 300 مليون دولار سنوياً. لذلك، بالنظر إلى الموقع الجغرافي لأفغانستان وباكستان وبُعدهما عن تركيا، يمكن اعتبار أنه من منظور الجغرافيا السياسية واقتصاد النقل، فإن تركيا في حاجة ماسة الى ايران من اجل إنشاء شبكة تجارة برية كبيرة مع أفغانستان وباكستان. وإذا تمكنت من الاتصال بشبكة سكك حديدية خاصة من أفغانستان وباكستان عبر إيران، فإن إمكانية نمو التبادل التجاري لن تكون بعيدة المنال. الإجراء الذي سيدخل حيز التنفيذ خلال الأسابيع المقبلة مع إطلاق قطار اسطنبول - طهران - إسلام أباد.