الوقت – كشف التفجير الدامي في أنقرة ان حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا لم يعد قادرا على التحكم بالجماعات التكفيرية السلفية او تنظيمي القاعدة وداعش والسيطرة عليهم وعلى افعالهم في العراق وسوريا وان تغيير وجهة عمليات هذه الجماعات نحو الداخل التركي ينذر ببدء مرحلة دموية ومأساوية سيدفع ثمنها الشعب التركي.
لقد كان واضحا ان اسلوب التفجير الذي حدث في أنقرة هو اسلوب تنظیم داعش في القتل لكن مسؤولين سياسيين اتراك قاموا باتهام الحزبين المنافسين لحزب العدالة والتنمية بالوقوف خلف هذا التفجير وقد توضح فيما بعد ومن خلال اعتراف الجهات الامنية ان التيار التكفيري والداعشي هو الذي نفذ الاعتداء.
اما السؤال الذي يتبادر الى الذهن هنا هو هل يكتفي الدواعش بهذا التفجير فقط ام ان تركيا ستكون حبلى بالاحداث الدامية خاصة اذا نظرنا الى التطورات على الساحة السورية واستعداد الجماعات التكفيرية للهروب والتوجه نحو الاراضي التركية مع ظهور بوادر هزيمتهم هناك؟
ان من يراقب نهج الارهابيين الدواعش والقاعدة يعلم بأن هؤلاء اما يمعنون بالقتل في العراق وسوريا واما ينتقمون من اسيادهم وحماتهم، ان هؤلاء الارهابيين يستمرون في قتل وذبح الشعبين العراقي والسوري طالما استمر الدعم المقدم لهم من قبل حماتهم وداعميهم الاقليميين والدوليين وعندما يشعرون بان حماتهم لايساندونهم كما يجب ينتقمون منهم شر انتقام ويرتدون عليهم.
لقد كرر هؤلاء الارهابيون هذا الاسلوب وهذا النمط من الاجرام مرات عديدة وهنا يمكن الاشارة الى ما فعله هؤلاء الارهابيون في مخيم النهر البارد في شمالي لبنان حينما انقطع عنهم الدعم المالي الذي كان يقدمه لهم سعد الحريري عبر بنك البحر المتوسط في مدينة طرابلس وقد بادر هؤلاء الارهابيون الى مهاجمة البنك وقتلوا عددا من جنود الجيش اللبناني واشعلوا حربا دامية.
لقد وضع قادة حزب العدالة والتنمية في تركيا اصابعهم في آذانهم عندما كانت التحذيرات توجه لهم بأن الارهابيين سيرتدون على تركيا واستمر قادة تركيا في طموحاتهم المدمرة ودعموا عمليات القتل والدمار في سوريا عبر الارهابيين التكفيريين والدواعش خلال السنين الـ 5 الماضية واصروا على مواقفهم وهم يغفلون ان من يزرع الريح يحصد العاصفة.
ان ارهابيي داعش والقاعدة وجبهة النصرة واحرار الشام وغيرهم يتوقعون من تركيا ان تقف في وجه التواجد الروسي القوي في سوريا وتحول دون ابادة الارهابيين لكن تركيا وحتى حلف الناتو وامريكا وباقي الدول الغربية لايرغبون في الدخول في هذا التحدي الاستراتيجي ولذلك يمكن القول ان تفجير انقرة كان تحذيرا من قبل الارهابيين الى السلطات التركية لكي تتدخل في سوريا بشكل اكبر وهذا ما يغرق تركيا اكثر فاكثر في المستنقعين السوري والعراقي.
وهنا يجب الاشارة ايضا الى التظاهرات التي جرت يوم الاثنين في تركيا والتي نظمتها فئات مختلفة من الشعب التركي والمعارضين وقد رفعت في هذه المظاهرات لافتات كتبت عليها عبارة "الحكومة القاتلة" في اشارة الى اعتقاد الشعب التركي بان الحكومة التركية هي المسؤولة عن اراقة هذه الدماء وان هذا الاعتداء قد جرى بالتنسيق مع الحكومة التركية.
ولايختلف اثنان بأن تكرار مثل هذه الاحداث واستمرارها سيكلف الحزب الحاكم في تركيا غاليا جدا وسيؤثر على نتائج الانتخابات القادمة في تركيا، واذا علمنا بأن عنجهية القادة الاتراك تمنعهم من اتخاذ القرار الصحيح وانهم سيظلون مستمرين في تقديم الدعم للارهابين في العراق وسوريا فبامكاننا ان نتنبأ من الآن بأن تركيا مقبلة على أيام عصيبة ودامية وسيدفع الشعب التركي ثمن مغامرات قادته.