على مستوى آخر ، من المهم الإشارة إلى أنه مع إنهاء حظر الأسلحة المفروض على إيران في مجلس الأمن ، يمكن للعراق تلبية الكثير من احتياجاته العسكرية بتكلفة أقل بكثير ، وخاصة في مجال القدرة الصاروخية من خلال إيران.
الوقت-تتمتع إيران والعراق ، باعتبارهما لاعبين رئيسيين في منطقة غرب آسيا ، بمستوى كبير من التعاون السياسي والعسكري والاقتصادي والأمني في جميع السنوات التي تلت عام 2003 ، وخاصة بعد ظهور داعش في العراق عام 2014 ، حيث سبب هذا الاجتياح المزيد من التعاون العسكري بين البلدين وتُرجم ذلك في نهاية الأمر إلى تحالف استراتيجي.
والآن في ظل المرحلة الجديدة بعد رفع العقوبات الإيرانية عن الأسلحة في 18 تشرين الأول 2020 ، أثيرت مرة أخرى قضية زيادة التعاون العسكري وشراء بغداد للأسلحة العسكرية الإيرانية. وعلى الرغم من أن شراء الأسلحة من إيران لم يتم حتى الآن بسبب الأجواء الملتهبة الناجمة عن عقوبات إدارة دونالد ترامب ، إلا أنه في الشهر الماضي انتشرت موجة كبيرة من الدعاية من قبل الأمريكيين وبعض الدول العربية في الخليج ضد الاتفاقيات المحتملة بين طهران وبغداد.
وفي هذا الصدد ، تحاول الولايات المتحدة إقناع الحكومة العراقية والجيش العراقي بعدم شراء أسلحة من إيران ، حيث وعدت أمريكا بتجهيز القوات الأمنية والجيش العراقي. وعلى مستوى آخر ، تنوي الحكومات الإقليمية مثل مصر والسعودية والإمارات إبعاد بغداد عن طهران عن طريق وضع العراق في دائرة أمنية وثيقة.
حتى في هذا الاتجاه نرى وجود بعض الأخبار والإشاعات التي خُطط لها بشكل هادف. على سبيل المثال ، في تقرير مستهدف ، أفادت رويترز أن حسين فالح عزيز اللامي - المعروف باسم أبو زينب اللامي - أحد قادة كتائب حزب الله ، ذهب في زيارة إلى مصر لتلقي التدريب العسكري في عام 2019.
ووفق وكالة الأنباء ، فإن هذه الخطوة هي محاولة من قبل مصطفى الكاظمي للنفوذ داخل قادة الحشد الشعبي وإبعادهم عن إيران. وأيضًا ، في 30 نوفمبر 2020 ، أعلنت جماعة عسكرية تابعة للسعودية عن نية الرياض تقديم مساعدة عسكرية للعراق.
بشكل عام ، تأتي كل هذه الافتراءات والاعتراضات بعد أن تحدث وزير دفاع جمهورية إيران الإسلامية ، أمير حاتمي ، في 14 تشرين الثاني 2020 ، عن استعداد إيران لتقديم المساعدة العسكرية للعراق وتلبية احتياجاته.
في الواقع ، تسعى أمريكا وحلفاؤها في المنطقة إلى منع شراء الأسلحة من إيران وزيادة التعاون العسكري بين بغداد وطهران بأي وسيلة ممكنة ، وهي بذلك تحاول تقريب الحكومة العراقية اليها من خلال تقديم مقترحات مختلفة. ومع ذلك ، فإن هذا المقال يؤكد على أن جمهورية إيران الإسلامية هي الخيار الأفضل والأنسب لتعزيز القدرة العسكرية للجيش العراقي. ولإثبات هذا الإدعاء ، يمكن تقديم أربعة محاور مهمة.
العراق بعد 2003 وتجربة التعاون الفاشلة مع أمريكا
لقد كان الجيش العراقي قوة إقليمية كبرى حتى الغزو الذي قادته الولايات المتحدة في عام 2003 ، لكن الغزو الذي قادته الولايات المتحدة دمر بشكل فعال الهيكل العسكري للبلاد ، وتقرر أن يعيد الأمريكيون بناء الهيكل العسكري للمؤسسة الأمنية العراقية والجيش العراقي.
وأصبحت هذه القضية أكثر جدية بعد الاتفاقية الأمنية التي اقترحتها إدارة جورج دبليو بوش مع بغداد في آب 2007 ، والتي دخلت أخيراً حيز التنفيذ من خلال الاتفاقية الأمنية الاستراتيجية في عام 2009 وتم تعيين الولايات المتحدة كحليف للعراق في المجال الأمني. لكن ما حدث على أرض الواقع أظهر أن واشنطن لا تفي بوعودها والتزاماتها الأمنية تجاه العراق ، بل إنها كانت من أكبر مثيري الأزمات الأمنية للبلاد.
وقد تجلى ذلك في ظهور تنظيم داعش الإرهابي حيث ظهر الجيش بدون التدريب العسكري اللازم وبعيدًا عن الانسجام الهيكلي ، والذي تفكك بسهولة بعد مواجهة عدة آلاف فقط من قوات داعش الإرهابية ، وفي النهاية استطاع الارهابيون السيطرة على حوالي 20 ٪ من أراضي البلاد.
ومن القضايا المهمة الأخرى ، إضافة إلى عدم قدرة الجيش ، هو عدم كفاءة المؤسسة الأمنية العراقية ، التي فشلت في تكهن هجوم داعش. لكن الأمر الذي تبين بعد هذا ، هو وجود حقيقة غير قابلة للإنكار وهي أن الوعود الأمريكية بالتعاون العسكري لا يمكن الاعتماد عليها ولا يمكنها ضمان أمن العراق.
لكن في عام 2014 ، عندما تقدمت قوات داعش إلى أبواب بغداد ، على بعد 10 كيلومترات فقط من العاصمة العراقية ، وكذلك قرب نينوى وأجزاء من محافظات الأنبار وكركوك وديالى وصلاح الدين ، ولم تكن الحكومة الأمريكية ولا دولة أخرى حاضرة في مساعدة الحكومة والجيش العراقي ، في حين كانت جمهورية إيران الإسلامية بقيادة الجنرال قاسم سليماني ، بالإضافة إلى الدعم بالسلاح ، أعادت تنظيم الجيش العراقي ، الذي لعب دورًأ فعالاً للغاية في هزيمة داعش.
وعلى العكس من إيران ، قدم الأمريكيون أسلحة مشروطة لبغداد طوال السنوات التي تلت عام 2003. حيث فرضت الولايات المتحدة شروطا مشددة على العراق لبيع المقاتلات ، وألزمت العراق بعدم استخدامه ضد الكيان الصهيوني ، وأن يسمح لهذه المقاتلات بالطيران فقط في العمليات التي توافق عليها واشنطن.
والآن بعد أن طلبت بغداد شراء أنظمة دفاع متقدمة لتأمين مجالها الجوي ، وخاصة في مواجهة الضربات الجوية التركية المتكررة والتقارير التي تفيد عن طيران طائرات بدون طيار إسرائيلية في الأجواء العراقية بتنسيق من الولايات المتحدة ، عارضت واشنطن بشدة شراء العراق هذه الأنظمة ، وذلك وفقًا لمسؤولين عراقيين.
مخاوف الثقة بالولايات المتحدة
إضافة إلى التجارب المريرة للعراق في الشراكة العسكرية مع الولايات المتحدة ، هناك قضية مهمة أخرى وهي الغموض حول الاعتماد المستمر على الغرب ، وخاصة الولايات المتحدة. وفي الوضع الراهن ، لا تزال قضية انسحاب القوات الأمريكية من العراق وفق قرار مجلس النواب العراقي قائمة ، لكن بالتوازي مع هذه القضية ، فإن الأمريكيين في صراع مع جزء من القوة العسكرية الشرعية في هذا البلد ، وهي قوات الحشد الشعبي.
هذا على الرغم من حقيقة أنه بحسب البرلمان العراقي ، فإن الحشد الشعبي معترف به كجزء من القوات العسكرية العراقية ويخضع لقيادة رئيس الوزراء ، وهذا هو تحد أمني كبير في حد ذاته.
في حين أن قوات الحشد الشعبي هي القوة العسكرية الأكثر أهمية في هزيمة داعش ومنع ظهورها مرة أخرى ، فمن الطبيعي أن الولايات المتحدة لن تتخذ أي إجراء لتدريبهم وتجهيزهم عسكريًا ، حيث تسعى الولايات المتحدة إلى تمهيد الطريق للالتفاف على قرار طرد القوات الأجنبية من خلال خلق مساحة لداعش للعودة إلى الظهور. ومن ناحية أخرى ، هنالك غموض في ما إذا كان البنتاغون سيفي بالتزاماته العسكرية إذا أصرت الحكومة العراقية على انسحاب القوات الأمريكية ام لا.
الأسلحة الإيرانية، عملية، ذات جودة ورخيصة
على مستوى آخر ، من المهم الإشارة إلى أنه مع إنهاء حظر الأسلحة المفروض على إيران في مجلس الأمن ، يمكن للعراق تلبية الكثير من احتياجاته العسكرية بتكلفة أقل بكثير ، خاصة في مجال القدرة الصاروخية من خلال إيران.
إضافة إلى بناء مجموعة واسعة من المستلزمات العسكرية في المجال البري والجوي والبحري ، وفي مجال منشآت الحرب الإلكترونية والأقمار الصناعية العسكرية والقدرة الصاروخية وقوة الطائرات بدون طيار وحتى الدفاع الصاروخي ، أصبحت طهران إحدى أكثر الدول خبرة في المجال العسكري في العالم.
على سبيل المثال ، قامت قوات أنصار الله اليمنية بهزيمة الجيش السعودي المسلح والمدعوم والمُدرب بالكامل من الولايات المتحدة ، وذلك باستخدام جزء صغير فقط من الخبرة العسكرية الإيرانية.
على صعيد آخر ، أحرزت إيران تقدمًا كبيرًا في أنظمة الدفاع الصاروخي ، حيث تمتلك إيران منظومة باور 373 القوية ، في حين تحطمت إحدى طائرات Global Hawk الأمريكية الأكثر تقدمًا في 15 يونيو 2020. كما أن إيران تمتلك أسلحة رخيصة وقادرة على المنافسة دوليًا ، والتي يمكن أن تكون الخيار الأفضل للعراق في ظل الأزمة الاقتصادية.