الوقت_ في الوقت الذي تتصاعد فيه وتيرة الخيانة بين العدو الصهيونيّ وكل من الإمارات والبحرين، قررت السلطة الفلسطينيّة إعادة سفيريها إلى أبوظبي والمنامة ما أثار علامات استفهام كثيرة حول هذا الموقف الغريب والمعتاد وتوقيته بعد وقت قصير من إعلانها عودة العلاقات والتنسيق الأمنيّ مع سلطات الكيان الغاصب.
قرار خائب
بعد أقل من يوم واحد على إعلان السلطة عودة العلاقات والتنسيق الأمنيّ مع العدو الغاشم المتوقفة منذ مايو الماضي، رداً على عزم العدو بدء تنفيذ خطة الضم أراض واسعة من الضفة الغربية والأغوار، وفي اليوم الذي عُقدت فيه قمة ثلاثيّة في أبوظبي جمعت الأردن والإمارات والبحرين، كشفت السلطة الفلسطينيّة الأربعاء المنصرم عن قرار خائب يقضي بعودة سفيريها إلى الدول التي شرعت أبوب خيانة فلسطين في العالم العربيّ عقب العلاقات السرية الوثيقة التي امتدت على مدى أعوام.
وفيما تدعي حركة "فتح" عبر مسؤوليها أنّها لم تتحدث عن استدعاء السفيرين للتشاور بعد إعلان الإمارات في 13 آب 2020، والبحرين في 11 أيلول 2020، عن تطبيع علاقاتهما مع تل أبيب، وأنّ هذا تقليد دبلوماسيّ، مع الإشارة إلى أنّ فتح لا تستطيع أن تتحمل أن تقوم تلك الدول (الإمارات والبحرين) بطرد أبناء فلسطين، لكنها تتحمل أن تقيم علاقات دبلوماسيّة مع الدول التي باعت فلسطين على طبق من ذهب.
يشار إلى أنّ القيادة الفلسطينية بسبب مواقفها الراضخة وجدت نفسها في عزلة عربيّة فيما حقق الكيان الصهيونيّ ما يخطط له، إضافة إلى أنّ السلطة تخسر حاضنتها الفلسطينيّة يوماً تلو آخر، بعد أن تحولت إلى دمية بيد بعض الدول العربيّة المعروفة بشراء الضمائر والتعامل مع الصهاينة.
وبسبب الخنوع الكامل لقيادة السلطة لم تستطع الضغط على الدول العربيّة لمنع أو إيقاف التطبيع مع الكيان، لكنها دخلت موسوعة "غينيس" في التراجع المستمر عن "مواقفها العنتريّة" من أجل الحفاظ على حفنة الدراهم التي تُرمى لها بين الفينة والأخرى، لعجزها عن تمثيل الشعب الفلسطينيّ وطموحاته وفشل دبلوماسيّتها بشكل مهين بعد المواقف المُذلة للجامعة العربيّة التي أيّدت التطبيع أكثر من الكيان الصهيونيّ نفسه.
مواقف هزيلة
شكلت المواقف الهزيلة للسلطة الفلسطينيّة في سحب السفراء المؤقت من الإمارات والبحرين طعنة أخرى في ظهر القضيّة المركزيّة للعرب والمسلمين، بعد أن اتبعت السلطة سياسة كم الأفواه لمحاربة ارتفاع الأصوات المنتقدة لسياسة الخيانة البحرينيّة والإماراتيّة خلال الفترة المنصرمة.
وإنّ السلطة التي تلتقي مع العدو الصهيونيّ في معاداة الفلسطينيين شرعنت التطبيع والتنسيق الأمنيّ مع تل أبيب من فترة زمنية طويلة وفق محللين، ومهدت لما حدث في المنطقة عبر انبطاح رئيسها محمود عباس لإملاءات الدول التي تدفع أكثر، ليصبح محصوراً في زاوية خيانته عاجزاً عن فعل أيّ شيء لردع محاولات إنهاء فلسطين وقضيتها وشعبها.
يذكر أنّ حركة المقاومة الإسلاميّة "حماس"، أوضحت أنّ السلطة الفلسطينية حصلت على وعود ماليّة من السعودية والإمارات مقابل إعادة سفيريها إلى أبوظبي والبحرين، وجاء ذلك على لسان وصفي قبها، وزير الأسرى السابق بالحكومة الفلسطينية الـ10 التي ترأسها إسماعيل هنية، والقيادي البارز بحركة حماس في الضفة الغربيّة، وفق مواقع إخباريّة.
واعتبر المسؤول الفلسطينيّ أنّ إعادة السلطة الفلسطينية لسفيريها إلى الإمارات والبحرين وراءه "صفقة مشبوهة"، ولفت إلى أن السلطة في رام الله تخدم مصالحها فقط، مشيراً إلى أنّها لم تحقق أيّ إنجازات سياسيّة للشعب الفلسطينيّ وهدفها الوحيد البقاء في الحكم.
وفيما يتعلق بإعلان السلطة إعادة التنسيق الأمني مع الكيان الصهيونيّ، وصف الوزير السابق هذه الخطوة بأنّها قرار غير وطنيّ، ويحمل خزياًّ وعاراً وهدفاً سلطويّ، مؤكّداً أنّ القرار لم يكن مفاجئاً، وخاصة أن السلطة عودت الجميع على اتخاذها قرارات ثم تتراجع عنها دون أي ثمن، في الوقت الذي فضلت الاحتلال الإسرائيليّ على المصالحة الوطنيّة وإنهاء الانقسام.
خلاصة القول، إنّ لغة الأفعال هي الحكم وليس الأقوال الزائفة والمخادعة، وقد عودنا رئيس السلطة الفلسطينيّة على ذلك، وعلى ما يبدو فإن قرار السلطة بالتواطؤ مع الكيان الصهيوني استراتيجيّ للغاية وأهم من مصالح البلد المُحتل والشعب المُهجر بالنسبة لفتح، ليبقى السؤال الأبرز، إلى متى سيصبر الشعب الفلسطينيّ على تلك السلطة الخائنة التي لم تمثل الفلسطينيين في يوم من الأيام.