الوقت - تقع الصحراء الغربية في شمال غرب إفريقيا وجنوب المغرب. وسكان هذه المنطقة هم من البربر والعرب بشكل عام.
في عام 1883، أضافت إسبانيا الصحراء الغربية إلى أراضيها الاستعمارية في شمال إفريقيا. واستمر هذا الوضع حتى عام 1973، عندما تم تشكيل جبهة البوليساريو بهدف الحصول على الاستقلال للصحراء الغربية. وبدأت الجبهة نضالها كجماعة مقاومة ضد الاستعمار، حتى انسحبت إسبانيا من الصحراء الغربية.
وفي عام 1975، دعت الجمعية العامة للأمم المتحدة محكمة العدل الدولية للبت في الوضع في الصحراء الغربية. اعترفت هذه المحكمة الدولية بوجود روابط تاريخية بين الصحراء والمغرب وموريتانيا، لكنها استبعدت علاقة السيادة وسيطرة القانون بينهما. کما اعترفت المحكمة بالحق المشروع لسكان الصحراء الغربية في الحكم الذاتي.
وفي العام نفسه، تم توقيع اتفاقية ثلاثية بين المغرب وإسبانيا وموريتانيا. وبحسب الاتفاق، تقرَّر أن يتم التنازل عن نحو 65٪ من منطقة الصحراء الغربية الغنية بالموارد المعدنية والمائية للمغرب، ويتم تسليم المناطق الجنوبية للحكومة الموريتانية. وبعد الاتفاق، انسحبت إسبانيا من الصحراء الغربية في عام 1976، وتم تقسيم المنطقة بين المغرب وموريتانيا.
عارضت جبهة البوليساريو هذا التقسيم، وفي العام ذاته أي 1976، أعلنت تشكيل دولة تسمى "الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية"، وعاصمتها "العيون".
قوبلت هذه الخطوة بمعارضة المغرب وموريتانيا، فاندلعت الحرب بين الجانبين. وأخيرًا، وقعت موريتانيا وجبهة البوليساريو معاهدة سلام عام 1973، أنهت الحرب بين الجانبين، لكن المغرب ضمَّ منطقة الصحراء الغربية بأكملها، وبعد ذلك قاتلت جبهة بولسيارو ضد الجيش المغربي.
في عام 1981، اقترح العاهل المغربي آنذاك "الحسن الثاني" إجراء استفتاء لإنهاء الصراع في الصحراء الغربية. وكان الاستفتاء يهدف إلى منح نوع من الحكم الذاتي للصحراء الغربية، لكن جبهة البوليساريو دعت إلى استفتاء "الاستقلال" تحت رعاية الأمم المتحدة.
انضمت الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية، التي تدعي السيادة على الصحراء ولكنها تمتلك في الواقع 20 إلى 25 في المئة منها، إلى الاتحاد الأفريقي في عام 1982. فدعا الاتحاد الرباط لسحب قواتها من الصحراء الغربية. لکن المغرب قد انسحب من الاتحاد الأفريقي احتجاجاً على هذا التحرك.
في عام 1988، اتفق المغرب والجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية على خطة سلام للأمم المتحدة وتعيين مبعوث خاص للأمم المتحدة للصحراء، وبعد ذلك بعام عُقدت محادثات مباشرة بين العاهل المغربي ووفد سياسي من الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية. وصل مؤيدو الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية هذا العام إلى 74 دولة. وفي عام 1991، تم إخماد نيران الحرب بين جبهة البوليساريو والمغرب بوساطة الأمم المتحدة.
وفي عام 1993، تم تشكيل لجنة لتحديد هوية السكان الرئيسيين في الصحراء الغربية للمشاركة في الاستفتاء.
قبل انسحاب إسبانيا من الصحراء الغربية، كان عدد سكان المنطقة 750 ألف نسمة، لكنه وصل الآن إلى أقل من 300 ألف، حيث هاجر معظم سكان الصحراء الغربية إلى بلدان أخرى بسبب الحروب الدموية في المنطقة. أنشطة لجنة الهوية هذه قد توقفت بعد عامين بسبب الخلافات بين الطرفين. ومع ذلك، استمرت الجهود لإجراء استفتاء.
أطلق المغرب وجبهة البوليساريو حملة إحصاء وتحديد الهوية في 1997، بتوقيع اتفاقية "هيوستن"، ولكن هذه المحاولة فشلت أيضًا. وکان سبب الفشل هو التخريب المتنوع الذي حدث في هذه العملية.
في عام 2002، قدَّم الأمين العام للأمم المتحدة آنذاك "كوفي عنان" خطته المكونة من أربعة خيارات لنزاع الصحراء الغربية. وكان إجراء الاستفتاء أحد أهم الخيارات في هذه الخطة.
إعتمد مجلس الأمن الدولي قراراً بشأن إجراء استفتاء تحت رعايته، وإجراء محادثات مباشرة بين جبهة البوليساريو والمغرب. ووفقًا لمسؤولين في جبهة البوليساريو، لم تنفذ الرباط أيًا من قرارات مجلس الأمن بشأن الصحراء الغربية حتى الآن.
وكانت الجبهة قد أعلنت عن استعدادها للتفاوض مع الحكومة المغربية بهدف تحقيق حقوق شعب الصحراء الغربية، لكن مسئولي الرباط حاولوا إقناع جبهة البوليسارو بطريق ثالث، والذي يتضمن ضم الصحراء إلى المغرب بنوع من الحكم الذاتي تحت عنوان "محافظة الصحراء الجنوبية".
وفي هذا الصدد، أعلن المغرب عن استعداده لمنح حكم ذاتي واسع النطاق للصحراء الغربية، والسماح بتشكيل حكومة محلية وبرلمان في هذه المنطقة، شريطة أن تعمل المؤسستان تحت إشراف مغربي. لکن جبهة البوليساريو المدعومة من الجزائر ترفض هذا الاقتراح، وتواصل الدعوة إلى استفتاء الاستقلال في الصحراء الغربية.
تسعى حكومة الرباط، من أجل ترسيخ سيادتها على الصحراء الغربية، التي تمتلك موارد نفطية وغازية هائلة، والتي اكتُشفت مؤخرًا مناجم نادرة على شواطئها في المحيط الأطلسي، إلی سياسة فرض الواقع(فرض الشروط والمطالب على الآخرين) منذ عام 2019، وبالتشاور مع الدول الإفريقية وغير الإفريقية، تمكَّنت من فتح 16 قنصلية في مدينة العيون.
ويعتقد مسؤولو الرباط أنه على مدى السنوات الـ41 الماضية، أصبحت جبهة البوليساريو معزولةً بشكل متزايد في العالم، بحيث أنه من بين 84 دولة اعترفت بجبهة البوليساريو، هناك أقل من 28 دولة تعترف بها الآن.
قاد هذا الاعتقاد السلطات المغربية إلى الإصرار أكثر على سياستها، وبالتشاور مع الإمارات تمكَّنت من الحصول على موافقة أبو ظبي لفتح قنصلية في مدينة العيون(عاصمة الصحراء الغربية).
أفتُتحت هذه القنصلية قبل أسابيع بحضور سفير الإمارات بالرباط ووزير الخارجية المغربي. وزعم وزير الخارجية المغربي عند افتتاح قنصلية الإمارات، أن "افتتاح القنصلية في مدينة العيون يظهر أن دول العالم تعترف بالسيادة المغربية على الصحراء الغربية".
جبهة البوليساريو التي اتبعت في السابق سياسة ضبط النفس، وصفت افتتاح القنصلية الإماراتية في العيون بأنه إجراء دعائي، يتعارض مع قرار مجلس الأمن الدولي بشأن الصحراء الغربية. فلم تسمح الجبهة للشاحنات التي تحمل بضائع إلى المغرب، بعبور معبر "الكركرات" الحدودي في جنوب الصحراء الغربية.
يعتبر معبر الكركرات الطريق المغربي الوحيد للوصول إلى أسواق جنوب صحراء إفريقيا، ولأن هذا المعبر مهم جدًا لحكومة الرباط، فقد أمرت بنشر القوات المغربية في منطقة الكركرات. وهذه المنطقة تقع تحت سيطرة جبهة البوليساريو.
حذرت الجبهة من أن اتفاق وقف إطلاق النار الموقع بين الجانبين في عام 1991، سيتم تجاهله إذا دخل العسکريون والمدنيون المغاربة منطقة الكركرات. لکن حكومة الرباط تجاهلت هذا التحذير مما أدی إلی اشتعال نار الحرب بين الجانبين حالياً.
والآن، علينا أن ننتظر ونرى ما إذا كانت الجهات الإقليمية والدولية الفاعلة، ستتخذ خطوات لإخماد هذه الحرب أو تأجيج أوارها.