الوقت- أصبح "سعد الجبري" المستشار الأمني السابق لولي العهد السابق ووزارة الداخلية السعودية ، أزمة لحكومة الرياض ومحمد بن سلمان نفسه خلال العام المنصرم ، وهو حاليا في كندا تحت حراسة مشددة من قبل القوات الامنية لهذه الدولة.
كما يُعرف الجبري باسم "خاشقجي الحي" بالنسبة للسعودية ، لكنه أكثر خطورة وحساسية بالنسبة لولي العهد السعودي الشاب ، وكما كتبت وسائل الإعلام ، فإن لديه وثائق في يده تعمل كالسيف ذو الحدين ، حيث يمكن لحصول ابن سلمان عليها أن يعزز موطئ قدمه في اكتساب السلطة ويزيل التهديدات الموجهة إليه ، أو من الممكن ايضا ان تكشف عنه أسراراً قد تتجه الى امور مزعجة ، ومع ذلك ، لم يستطع ولي العهد السعودي رؤية شخص كان بإمكانه الوصول إلى أكثر الوثائق والأسرار حساسية لأمراء ومسؤولين سعوديين خارجة عن إرادته ، على نحو انه في تاريخ الـ 10 من آب ، اتهمت محكمة في واشنطن محمد بن سلمان بمحاولة اغتيال الجبري واستدعته للمحاكمة.
من هو سعد الجبري؟
سعد الجبري ، كان مساعد محمد بن نايف ، قبل انقلاب بن سلمان في يونيو عام 2017 وشغل منصب مستشار الأمن القومي في وزارة الداخلية السعودية ، حيث ان الوثائق التي يملكها بين يديه تستطيع ان تحذف ابن نايف بشكل كامل إضافة الى المنافسين الآخرين ، وفي الوقت نفسه يمكن استخدامها بقوة ضد بن سلمان ، وبالتالي فإن الحاجة إلى عودته إلى السعودية واضحة بالنسبة لابن سلمان.
هذا وقد قال مسؤول أمني ودبلوماسي سعودي سابق لرويترز إن لدى سعد الجبري أيضا وثائق لمعاملات حساسة لمسؤولين سعوديين رفيعي المستوى ، من بينهم سلمان بن عبد العزيز وبن سلمان ، حيث تعود هذه الوثائق إلى الفترة التي كان فيها سلمان حاكم الرياض في عهد الملك عبد الله.
كما اعتقل عملاء سعوديون بعد اعتقال محمد بن نايف في شهر مارس عام 2020 ، نجل سعد الجبري البالغ من العمر 21 عاماً وابنته التي تبلغ من العمر 20 عاماً ، كما تم اعتقال شقيقه في مايو الماضي.
وفي هذا الصدد ، قال مسؤول أمريكي لوكالة رويترز للأنباء في يونيو حزيران الماضي إن سعد الجبري عمل مع الأمريكيين لفترة طويلة لمحاربة الإرهاب وإن واشنطن قلقة على وضعه ووضع أسرته.
كما قال خالد الجبري ، الابن الأكبر لسعد الجبري ، لوكالة الأنباء هذه ان والده كان على علاقة جيدة مع ابن سلمان في البداية ، لكن بعض أقارب ولي العهد وأشخاص على صلة بأبو ظبي اتهموا الجبري بالانحياز إلى جماعة الإخوان المسلمين ، وبمرور الوقت خلقوا جواً مسموماً ضده، لدرجة أن والده أجبر على الفرار إلى كندا.
الجبري ضحية الصراع على السلطة
لعل أكبر خطيئة للجبري كانت قربه من محمد بن نايف، ابن عم ابن سلمان، الشخص الذي يمكنه المطالبة بالمملكة مع "أحمد بن عبد العزيز"، ومع ذلك، كلاهما موجود حالياً في السجن.
يُعرف سعد الجبري بأنه اليد اليمنى لمحمد بن نايف في عهده، وبالنسبة لشخص حساس مثل محمد بن سلمان، كان كل ما يحمل لون وعلامة "محمد بن نايف" أو "أحمد بن عبد العزيز" أو أبناء "عبد الله بن عبد العزيز" ملك السعودية الأسبق، فهو لا يطاق وغير قابل للتحمل.
وإضافة إلى ذلك ، قيل إن سعد الجبري عارض مراراً دخول السعودية في الحرب اليمنية، ووصفها بأنها مكلفة للغاية.
وذكرت صحيفة واشنطن بوست في شهر مايو الماضي أن سعد الجبري أطيح به بعد أن التقى بجون برينان رئيس منظمة السي.أي.ايه آنذاك في واشنطن دون إبلاغ ولي العهد السعودي وأعرب عن معارضته للحرب في اليمن، حيث اعتبر ابن سلمان هذا الاجتماع مؤامرة ضده، ولهذا قدم سعد الجبري فجأة في 10 سبتمبر 2015 اقالته من منصبه على شاشة التلفاز.
السفر (الهروب) إلى كندا
بقي الجبري في السعودية لمدة عامين بعد الإطاحة به ، وغادر السعودية في تاريخ 17 مايو عام 2017 ، بالتشاور مع محمد بن نايف ، الذي كان لا يزال ولي العهد السعودي ، حيث تم فصل بن نايف نفسه بعد شهر واحد من الحادثة وحل محله ابن سلمان.
وقال توماس جينو ، الأستاذ في جامعة أوتاوا في كندا ، لموقع Middle East Eye الإلكتروني إن الجبري وغيره من الأمراء الذين فروا من السعودية قلقون على حياتهم ، وقال بروس ريدل ، المحلل السابق في وكالة المخابرات المركزية ، لهذا الموقع الإلكتروني: "أعتقد أنه كان خائفًا".
ونفس القصة التي نعرفها عن خاشقجي حدثت لسعد الجبري أيضاً ، مع اختلاف أن الجبري كان رجل مخابرات استطاع التنبؤ بسلوك ابن سلمان وطلب الحماية الشخصية من الحكومة الكندية ، لكن خاشقجي للأسف هو الذي غادر السعودية متوجهاً إلى أمريكا في 17 مايو عام 2018 ، وقفز إلى الماء العكر ودخل قنصلية الحكومة السعودية في اسطنبول.
وفي النهاية فإن وجود مثل هذا الشخص الثمين للنظام السعودي في كندا لا يعني أمنه الكامل ، وكانت صحيفة "غلوب اند ميل" الكندية قد كتبت في 10 آب ، في تقرير مفاده أن جهاز الأمن في البلاد أعلن عن محاولة جديدة لاغتيال "سعد الجبري" ، وبالتالي تم اتخاذ إجراءات أمنية أكثر صرامة في مقر إقامته.
وفي الرابع من شهر آب ، مثل الجبري أمام محكمة أمريكية في العاصمة واشنطن لمقاضاة محمد بن سلمان بتهمة التآمر لاغتياله ، وجاء في ادعاء الجبري أنه في عام 2018 أرسل ولي العهد السعودي فريقًا إرهابيًا إلى كندا لقتله وتقطيع جثته ، بنفس الطريقة التي تم بها اغتيال "جمال خاشقجي".